جولة زيلينسكي الأوروبية

00:36 صباحا
قراءة دقيقتين

منذ أشهر عدة، والحديث يدور عن هجوم أوكراني مضاد ضد القوات الروسية، من دون أن يحدث على أرض الواقع، وسط تبريرات تربط تأخيره باستكمال وصول الأسلحة الحديثة والنوعية إلى كييف، فيما يقوم الرئيس الأوكراني زيلينسكي، بجولة أوروبية لحشد الدعم، وحث الغرب على إرسال المزيد من تلك الأسلحة.

ومع أن الأسلحة التي يرغب فيها زيلينسكي وصلت بالفعل إلى أوكرانيا، حيث ظهرت الصواريخ البريطانية بعيدة المدى من نوع «ستورم شادو»، وقبلها دبابات «ليوبارد» الألمانية، ومنظومات «باتريوت»، و«هايمارس» الأمريكية، وآليات عسكرية حديثة من فرنسا، بينما دبابات «أبرامز» وطائرات «إف 16» الأمريكية في الطريق، أو وصل بعضها بالفعل. كما أن التدريبات على استخدام تلك الأسلحة جارية على قدم وساق، على الرغم من وجود مستشارين عسكريين غربيين للإشراف على استخدامها، إلا أن الهجوم المضاد، أو «هجوم الربيع» لم يحدث، وقد ينتهي الربيع من دون أن يحدث، وإن حدث فإنه على الأرجح لن يحقق النتائج المرجوة، بحسب كثير من الخبراء والمحللين، ولكن لماذا؟

في الحروب الحديثة، لم يعد ثمة مجال لعنصر المباغتة، وهو من البديهيات الأساسية لشن الهجمات، فكيف إذا كان الحديث يجري عن هجوم مضاد منذ أشهر، وهناك خشية حقيقية من زج الجيش الأوكراني في هجوم قد يؤدي إلى تدميره، بعد كل هذا التسليح والدعم، وعندها ستتم خسارة كل شيء. ومن الواضح أن موسكو تأخذ في حسبانها مثل هذا الهجوم، وتستعد له جيداً انطلاقاً من أنه قد يكون الأخير للجيش الأوكراني. وهذا لا يعني أن موسكو قادرة على الحسم بهذه السهولة، أو أن عمليتها العسكرية لا تواجه صعوبات، لإدراكها أن المعركة تجري بينها وبين الغرب كله على أرض أوكرانيا. وبالتالي فهي معركة مصيرية تحتم على روسيا أن تحتفظ بالضربة الأخيرة، والأخذ في الاعتبار إمكانية فتح جبهات أخرى على حدودها، أو إمكانية اندلاع حرب مباشرة مع حلف «الناتو» الذي يستعد بدوره لمثل هذا الاحتمال.

وسط كل هذه المخاوف قام زيلينسكي بجولته الأوروبية لضمان توفير مقومات إنجاح هجومه المضاد، ولمعرفة إلى أي مدى يمكن للغرب الذهاب في تقديم الدعم له، خصوصاً وأن استراتيجية الغرب باتت واضحة لجهة استنزاف روسيا إلى أطول فترة ممكنة، وتقديم المال والسلاح وكل أنواع الدعم العسكري واللوجستي وتأمين الغطاء السياسي لأوكرانيا، بهدف إضعاف روسيا، لأن كلفة ذلك كله تظل أقل بكثير من خوض حرب مباشرة مع موسكو تهدد أوروبا كلها، وتنذر باندلاع حرب نووية لا تستثني أحداً، بما في ذلك الولايات المتحدة.

لكن أيضاً في خضم هذه المخاطر والتهديدات، هناك من يرى أن الغرب الذي يملك إرادة إجبار أوكرانيا على التفاوض، يسعى عبر رفع سقف دعمها إلى حده الأقصى وممارسة سياسية حافة الهاوية، إلى دفع موسكو للجلوس حول طاولة المفاوضات بشروطه هو. غير أن المعطيات تشير إلى أن روسيا قطعاً ليست في هذا الوارد بقدر ما أن الغرب نفسه غير جاهز للتفاوض بعد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3z396avp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"