العلاقات الصينية العربية

00:40 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

شهدت العلاقات بين الصين والدول العربية، خاصة الخليجية، تطوراً كبيراً خاصة في السنوات الأخيرة. ويعد تطور التعاون الاقتصادي بين دولة الإمارات والصين من الأمور المهمة نظراً للمكانة التي تحظى بها كلتا الدولتين في محيطهما الإقليمي والعالمي، وقد أسهم ذلك في تعزيز التنمية في مختلف المجالات، لاسيما الاقتصادية، والتي لها تأثير حاسم في الواقع الدولي اليوم.

 وفي خطوة تعكس المكانة الكبيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة في المنطقة والعالم، فقد تم افتتاح المكتب التشغيلي الأول للبنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحية الصيني في سوق أبوظبي العالمي، وذلك في شهر إبريل/نيسان الماضي. وهذا هو أول مكتب خارجي لهذا البنك، وقد تمت استضافة البنك تماشياً مع رؤية القيادة الرشيدة التي تؤكد التزام دولة الإمارات بتعزيز التعاون والشراكة مع مختلف المنظمات والمؤسسات الدولية التي تدعم تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة لدول العالم. 

 وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة، قد انضمت إلى البنك بموجب المرسوم الاتحادي رقم 160 لسنة 2015. وخلال زيارة جين لي تشون، رئيس البنك الآسيوي للاستثمار إلى أبوظبي، استقبله سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، وناقش سموه خطط مجلس إدارة البنك بافتتاح أول مكتب تشغيلي للبنك خارج الصين في سوق أبوظبي المالي العالمي. وتم اختيار دولة الإمارات مقراً لإنشاء المكتب خلال اجتماعات مجلس إدارة البنك من بين سبع وخمسين دولة عضو مؤسس فيه. ويتولى البنك تعزيز الاستثمار في مجال رأس المال العام والخاص لأغراض التنمية وبصورة خاصة للتنمية في البنى التحتية والقطاعات الإنتاجية الأخرى، وتشجيع الاستثمار في المشاريع التي تسهم في التنمية الاقتصادية.

 ويضم البنك مئة وستة أعضاء، بمن فيهم أربعة عشر عضواً من جميع أنحاء العالم، وكان رأس المال الأولي للبنك مئة مليار دولار أمريكي مقسمة على مليون حصة. ومنذ اللحظة الأولى عارضت الولايات المتحدة البنك الصيني، ورفضت الانضمام إليه وشجعت حلفاءها على الاقتداء بها، وعلى الرغم من ذلك، فإن عدداً كبيراً من الحلفاء الرئيسيين لها، منهم أستراليا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والفلبين وكوريا الجنوبية، قد انضموا إلى البنك. وتعتقد الولايات المتحدة بأن البنك سيعزز موقف الصين في العالم كقوة مالية عالمية عظمى جديدة، ما يلحق الضرر بها ويؤثر في صندوق النقد والبنك الدوليين واللذين تم إنشاؤهما بموجب اتفاقية «بريتون وودز» في نيو هامبشير في الولايات المتحدة عام 1945.

 ويقدم البنك الدولي، قروضاً للبلدان النامية، لتشجيعها على بناء البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، وأما صندوق النقد الدولي، فإنه يقدم قروضاً للدول التي تواجه مشاكل في ميزان المدفوعات. ومن دون شك، فإن البنك الصيني سوف يكون منافساً للبنكين الأمريكيين في الإقراض، غير أنه، وكما يقول القائمون عليه، لن يتبع الممارسات التي تتبعها المؤسستان الأمريكيتان في تقديم القروض، مثل اشتراط أن يلتزم المتلقون بالشفافية، وعدم الفساد في الحكومة والاستدامة البيئية، وغير ذلك من الشروط الأخرى. ويمثل البنك الصيني الذراع المالية لمبادرة «الحزام والطريق»، التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، ووقعت 126 دولة ومنطقة و29 منظمة دولية على وثائق التعاون مع الصين في البناء المشترك ل«الحزام والطريق».

 وتقدم الصين، دعماً بالأموال للدول والمناطق المعنية. وقام البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية بتمويل مشاريع في أكثر من ثلاثين دولة عضواً، وبإجمالي35,7 مليار دولار، ما أسهم في حفز الاقتصادات وصب في مصلحة السكان المحليين. وسوف يتمكن البنك من خلال الفرع الأول له خارج الصين، في العاصمة أبوظبي، من الاستجابة السريعة لطلبات الدول الأعضاء، وذلك من خلال العلاقات الوثيقة التي تربط البنك بصندوق أبوظبي للتنمية؛ حيث يحرص الصندوق على تعزيز التعاون المشترك مع البنك في المجالات الاقتصادية الداعمة، لتحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية. ولا سيما تمويل مشاريع الطاقة المتجددة التي تعد من الأولويات والأهداف الاستراتيجية التي يعمل على تحقيقها كل من صندوق أبوظبي للتنمية والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mvdbhs4j

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"