إيمان الهاشمي
تأمل هذه الجملة جيداً، واقرأها بعين قلبك قبل عقلك، «عندما تفرح ستذهب إلى من تحبه، وعندما تحزن سيأتي من يحبك إليك»، والمعنى هنا يشرح نفسه حتى تختار بدقة من تحب لئلا ينقلب حبك عليك! فالكون في كفة وقلبك في كفة، ببساطة لأن الحب هو الكون كافة! فالحقيقة أن الظلام الفعلي لا يقبع في الحِجْر، وإنما يقطن في القلب الحَجَر، ألا نتفق جميعاً في ذلك؟
والملحن النمساوي العظيم يوهان نيبوموك هامل، المايسترو الموسيقي والموزع الذكي وعازف البيانو الشامل، تتلمذ على يد العبقري موزارت والأسطورة هايدن، وتنافس مع زميله اللدود الموسيقار بيتهوفن، ولهذا عكست موسيقاه ملامح مرحلة الانتقال من العصر الكلاسيكي إلى العصر الرومانسي، فاشتهر آنذاك كثيراً إلى أن أصبح اليوم الموسيقي الشهير غير المنسي! ومع ذلك كان هامل محافظاً جداً إلى درجة التزمت، في حين ابتعد نظيره بيتهوفن عن التحفظ اللحني والتعنت، وبالطبع كان هذا أحد أسباب جفاف علاقتهما بالطول والعرض، وتجاهلهما الصريح لألحان بعضهما البعض. وعلى الرغم من أن هامل تمتع بالأناقة والسحر في زخرفة أعماله الخفيفة والرقيقة، فإن كل شيء يختفي حين تظهر أوجه الحقيقة، فقد تزوج من مغنية الأوبرا إليزابيث بسرعة وفي فترةٍ وجيزة؛ لتتميز هذه الزيجة الغريبة بأكثر من ألف ميزة؛ حيث يقال إنها كانت أغلى وأعظم أحلام بيتهوفن وأهم أمنياته العزيزة، والتي كتب لها معزوفته الغنية عن التعريف «من أجل إليزا»؛ تعبيراً عن انهيار غرامه وبقائه في جوف فؤاده بلا ركيزة، حتى إنه أراد أن يهديها خصلة من شعره قبل وفاته، وأثناء ذلك اقترنت بخصمه الأكبر وأبت موافاته، ليبقى الجميل أنهما لم يظهرا وجه العداء على الملأ بين الناس، وبقيت مشاعرهما طي الكتمان ومفعمة بالإحساس.
وقد كتب هامل لآلة البيانو أعمالاً استعراضية؛ ليستعرض مهاراته في العزف بروحٍ رياضية، وليثبت قدراته الفذة في أقصر مدة، من خلال عزف ألحانٍ طويلة ومزخرفة بشدة ومن دون حدة، مع أنها قد لا تكون شاعرية بالحد المطلوب ولا تحاور الغموض المثير، ولكنها موزعة موسيقياً بشكل أفضل من غيره بكثير؛ ولذلك أحبها البشر أجمعون، وإن صعب فهمها لدى أغلب السماعين، فقد تأثر بأسلوب موزارت الكلاسيكي بشكلٍ واضح، وتلونت مؤلفاته بلون نغم بيتهوفن الرومانسي الفاتح.
الاسم: يوهان نيبوموك هامل
التاريخ:
1778 – 1837 (58 سنة)
الجنسية:
نمساوي
النشاط:موسيقي
من أعماله:Concerto Op. 17 for Violin and Piano
