الانتباه والقبول

00:51 صباحا
قراءة دقيقتين

الانتباه إلى المشكلة، نصف علاجها، إن لم يكن معظم العلاج؛ حيث يكمن بالانتباه وملاحظة المشكلة، ومن ثمّ يأتي «قبولها» وبعدها تنفكّ تلقائياً بأسهل الطرائق التي لم تتخيل سهولتها من قبل، فإذا صعب عليك أمر ما، بشكل متكرر، فانتبه إلى وجوده، وابحث في سبب تكراره أو اعتراضه طريقك، واقبل أن يكون في طريقك، لإزالته بأقل الجهود وأيسرها.

فالانتباه إلى الأمر، ومن ثم القبول به، مفتاح حل معظم المشكلات التي تعترض طريقك، ويكمن الانتباه بملاحظة تكرار المواقف حتى لو كان عابراً، ولكن كان تأثيره فيك كبيراً، فكّر وأمعن التركيز في سبب مرورك به، ولا تتجاهله وتجعله يمرّ مرور الكرام.

ولعلها تكون لحظة استفاقة لتشير لك إلى أمر أكبر بكثير مما تعرّضت له، وانتبه أن يؤثر فيك سلباً، راقب نفسك وصحتك الجسدية والنفسية، وحاول ألّا تعطي الأمر أكبر من حجمه، فالمهم أن تكون أنت بخير، ولا أحد سينفعك غير نفسك، فارأف بها ترأف بك الحياة.

أما القبول المراد به عدم الرفض المطلق للأمر، فرفضك يزيد فرص ظهور ما ترفضه من جديد، وبصور أقوى مما قبل، اقبل به ولا تركز فيه ولا تعطِهِ شعور الصد والرفض، وستجده ينساب أمام عينيك بسهولة، أو يتشتّت أو حتى يظهر أمامك كالسابق، إلا أن أمره هيّن، وتدريجاً يتضاءل إلى أن يصل إلى مستوى الانتفاء في حياتك.

جرّب وحاول تطبيق ذينك الأمرين، ولا تستغرب إن لاحظت تكرار مواقف معينة في حياتك، باختلاف الأشخاص، ستجد الشيء الوحيد الذي يتكرر هو تصرفاتك التي تكون واحدة، ولن تتغير إلا إذا تغيرت واتخذت أسلوباً آخر مع الآخرين، وكذلك انتبه واكتشف شعور الرفض تجاه أمر ما، فستجد أن ذلك الشعور هو بحد ذاته ما يجذب إليك الأمر ذاته، وتلك الطاقة التي تبثّها للرفض، هي نفسها جاذبة لما ترفض، اقبل به وتسامح معه، وسترى كيف تتحول لديك الأمور، وقد لا تختفي إلا أن شعور القبول والتسامح معها، سيجعلك تمرّ عليها، فتتلاشى تدريجاً.

وتلك نظريات اكتشفها المختصون في علوم الذات والسلوكات في علم النفس وغيرها، ولم تأتِ من فراغ، والنفس ذاتها بحر عميق، من يبحر به لاكتشاف لآلئه ويسخره لخدمة ذاته ومن حوله ومجتمعه، إلى أن يتوسع ويخدم بها البشرية جمعاء، فقد وصل إلى الهدف الأسمى بالحياة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/24r7d7bj

عن الكاتب

إعلامية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"