رحلة ثقافية

23:09 مساء
قراءة 3 دقائق

د.باسمة يونس

تعرف معارض الكتب بأنها مكان مهم للناشرين والمؤلفين المعروفين جاءوا من مختلف أنحاء العالم لحضور حدث إعلامي كبير في صناعة النشر، وملتقى لعشاق الكتب الذين يفضلون التواجد في منطقة تحيط بهم فيها الكتب من كل جانب، ومحطة لانتقال أعمال المؤلفين المحليين إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور في العالم.

ورغم إمكانية الاتصال بالإنترنت أو الذهاب إلى المكتبة أو متاجر الكتب المحلية، لا تزال زيارة معرض الكتاب رحلة سياحية ثقافية تصبّ الكثير من المعلومات المثيرة والمفاجئة حول الاتجاهات الحالية في عالم النشر، ويمثل اتساع نطاق الكتب وعدد الأجنحة المشاركة فيه تذكيراً رائعاً باتساع الصناعة وقدرتها على تلبية أذواق القراء على اختلافها وتنوعها.

وفي مكان لم يعد مجرد أرفف كبيرة مملوءة بالكتب يدرك العديد من المؤلفين أهمية التسويق لأنفسهم والاستفادة من «منصات» تسويق شخصية يوفرها المعرض لوضع كتبهم ضمن قوائم القراءة في نوادي الكتب، وجذب كتاب المراجعات في المواقع المخصصة للتوصية به لجماهير جديدة.

وسواء أكان الكتاب سيصدر من خلال ناشر كبير، أو مع مطبعة صغيرة، أو بشكل مستقل، عاجلاً أم آجلاً، سيجد الكاتب نفسه منهمكاً في التفكير بأهمية ظهوره الأول في معرض الكتاب، وهناك آخرون يستعدون لذلك للمرة الثانية أو الثالثة على التوالي، ومن هنا يسير المعرض خطوة أخرى باتجاه التنمية الثقافية والفكرية وتعليم الكاتب كيف يمكن أن يصبح أكثر إبداعاً وتطوراً.

ويشبه دخول معرض كتاب رؤية صناعة النشر بأكملها في مكان واحد يجتمع فيه العشرات من الناشرين من جميع أنحاء العالم لشراء وبيع حقوق الكتب، ومن هنا يبنى مجتمع النشر الإبداعي في مساحات توطد علاقاتهم المهنية وتلفت انتباه الإعلام لهم.

وهذه السياسات التي تبنى ويتم تنفيذها أثناء تواجد أطراف صناعة النشر بين ممرات المعرض، مروراً بعشرات الأجنحة والناشرين والمؤلفين تلبي طموح المؤلفين وتدفعهم لمزيد من الإنجاز، وتتيح باتساع حقول المعارف فيه الفرص ليس فقط للمؤلفين ولكن لوضع الموهوبين ضمن منظومة إبداعية آمنة ومستقرة.

ونجحت استراتيجية معرض أبوظبي للكتاب في دمج المواهب والفنون على اختلافها فوق منصة واحدة نجاحاً كبيراً، واستطاعت على مدار الأعوام تغيير مفهوم شراء الكتب إلى تجربة مثالية تقوم بين القراء والمؤلفين، وترتقي بذائقة الجمهور لتمييز الفرق بين متع الترفيه الثقافي وما لا يرتقي إليه.

ومع كل كاتب وكتاب ولقاء وملتقى جديد، تفتح بوابات معرض أبوظبي للكتاب خزائن فرص أكثر وتمدّ المساحات لجمهور أكبر متخطياً دوره الداعم للناشرين والموزعين والمؤلفين، ليفتح للجماهير من جميع الفئات سوقاً كبيراً يروي عطشهم للمعرفة، ويستثمر في طموحاتهم الثقافية أثناء وبعد انتهاء المعرض.

ومن خلال منصته الرقمية يوطد المعرض أهدافه كبرنامج أساسي مستدام يستثمر بالمواهب قبل المعرض وبعده، ملبياً احتياجات أطراف صناعة النشر على مدار العام.

وتشكل استمرارية حضور المعرض رقمياً خدمة رائعة للكاتب والناشر والقارئ، تعمل بالمقابل كمنظومة تعليمية لغرس عادة القراءة وتحويلها إلى سلوك يومي يهيّئ الشباب لمستقبل تعليم مستمر يواكب جميع المبادرات الثقافية الساعية إلى تطوير المجتمع الإماراتي، من مجتمع ناجح علمياً واقتصادياً، إلى ملتقى للمثقفين ومصنع للمواهب.

ومع تمكن معرض أبوظبي للكتاب من تحويل مساحته إلى مهرجان ثقافي استحقّ وقت كل مشارك وزائر، ولم يعد حجم المبيعات هو الأهم، مقابل أعداد الناشرين والمؤلفين وحفلات توقيع الكتب ومشاركات المدونات والصداقات التي تشكل فرصاً اجتماعية وثقافية لا تتكرر في أماكن أخرى.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4nyazkyh

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"