كشف تقرير مصرف الإمارات المركزي لعام 2022، عن جملة من التحولات الرقمية الكبيرة، التي تواكب أحدث التطورات التقنية المالية العالمية وبما يتماشى مع استراتيجيات الاقتصاد المعرفي ويلبي التطلعات من قبل المصارف والشركات والأفراد في الدولة.
وأكد تقرير المركزي، أن التحسين المستمر يكمن في صميم أحد أهم الأهداف الأساسية للمصرف المركزي، وهو: دعم رسم معالم مستقبل التكنولوجيا المالية ورحلة التحول الرقمي في دولة الإمارات. أما من الناحية التنظيمية، فيعتبر التحول حقيقة يومية في المصرف المركزي، حيث يعمل باستمرار ضمن خطته الاستراتيجية 2023-2026 ليكون واحداً من أفضل المصارف المركزية في العالم.
أوضح التقرير، أن المصرف المركزي، حقق تقدماً في تسريع تحديث منظومة الخدمات المالية في الدولة، كما دفع التحول الداخلي فيه كمؤسسة، حيث أدخل تحسينات على العمليات والابتكارات الرقمية من خلال عدد من المشاريع، بما في ذلك استراتيجية التحول الداخلية.
ازدادت وتيرة الجهود المبذولة لتشكيل مستقبل القطاع المالي الإماراتي والمصرف المركزي وشهد عام 2022 صياغة خرائط طريق تنفيذية للمبادرات التحويلية والاستراتيجية المتعددة والمشاريع على العمليات المحددة للفترة 2023-2026، وبناء التشاور والتقييم والمقارنة المكثفة.
وتم تصميم أهداف وآليات التقييم السنوية لجميع المؤشرات الاستراتيجية التي ترتبط بشكل مباشر بتصنيفات التنافسية العالمية لدولة الإمارات والمصرف المركزي في المجالات الرئيسية، وتمكن المصرف المركزي في الوقت نفسه من إحراز تقدم كبير نحو أهدافه الاستراتيجية.
- تسريع التحول
للاستفادة من قوة الابتكار وتعزيز القدرة التنافسية للدولة، أطلق المصرف المركزي، مبادرة التحول لتعزيز النظام النقدي والمالي للإمارات وبنيتها التحتية الرقمية، للحد من تكاليف الامتثال، وتحسين رضا العملاء والموظفين، ورفع مستوى الكفاءة التشغيلية والفاعلية ومستويات الخدمة والقرارات المستندة إلى البيانات، مع تحسين قدرات مجموعة المصرف المركزي.
وانتهى المصرف المركزي من وضع استراتيجية التحول الشاملة في عام 2022 باستكمال العناصر المختلفة لهذه المبادرة الواسعة خلال الفترة -2023 2026، بينما لا يزال العديد منها قيد التنفيذ.
- العملة الرقمية
تعد هذه الاستراتيجية والمشروع التجريبي المستمر للعملة الرقمية للمصرف المركزي، جزءاً من خطته الاستراتيجية الأكبر ل 5 سنوات تحمل اسم برنامج تحويل البنية التحتية المالية الهادف إلى تحويل ورفع مستوى قطاع الخدمات المالية في الدولة، والبنية التحتية الرقمية المرتبطة به إلى مستوى عالمي متميز.
وفي إطار برنامج تحويل البنية التحتية المالية، يحتوي مشروع تحول يتبناه المصرف المركزي على أهداف وغايات واضحة ومحددة جيداً، ومعايير من مؤشرات الأداء الرئيسية، من أجل دمج أفضل الحلول التقنية وأنشطة العمل القوية ومبادئ التصميم.
ويشرف على هذه الجهود مكتب التحول ومكتب إدارة الاستراتيجية اللذان تم إنشاؤهما حديثاً، ليتوليا تحديد وتقديم وتتبع القيمة بشكل فعال للمصرف المركزي والقطاع المالي في الإمارات والدولة عموماً. وتم حتى الآن تحديد المبادرات التالية والتعامل معها كأولويات.
- إنشاء توأم رقمي
ضمن رؤيته وأهدافه لعام 2026، صمم المصرف المركزي، مبادرة التوأم الرقمي لدعم أهداف المصرف الاستراتيجية مثل جذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها وتمكينها.
ويعد Automation.Digital.CBT مشروعاً طموحاً يهدف إلى إنشاء توأم رقمي للمصرف المركزي، ليحاكي الموظفين والعملاء والبنى المعمارية والذكاء والحوكمة والمنظومات وجميع جوانب عمليات المصرف ضمن منصة رقمية، إلى جانب العديد من التقنيات، مثل سير العمل وقواعد العمل والذكاء الاصطناعي والتحليلات. ويهدف المصرف المركزي إلى أتمتة ما يزيد على 88% من العمليات الحالية.
ويعد التوأم الرقمي نسخة رقمية لجميع جوانب عمليات المصرف المركزي والتي ستمكنه من تطوير مجموعة عالية من القدرات الآلية والذكية.
ويعتمد في الأساس على البيانات، حيث سيكون لكل عنصر بيانات وصفية خاصة به تسمح بالتخطيط الآلي والتتبع والتفويض وإعداد التقارير عن أنشطة المصرف، إضافة إلى تحسين توفير خدمة العملاء والموظفين.
ويستفيد التوأم الرقمي لموظف ما من البيانات المتعلقة بأدوار النموذج التشغيلي المستهدف، والموارد البشرية، وتخطيط موارد المؤسسة، فضلاً عن أنظمة أخرى، مثل تحديد وإدارة الوصول، لتمكين الأتمتة وإدارة الأنشطة، والتفويض، والتعلم والتطوير.
وستعود رقمنة العمليات بالنفع على المصرف المركزي، لأنها تتيح له تحليل وتخطيط وتنفيذ مسؤولياته بأفضل مستويات السرعة والدقة والتأثير.
وستوفر المستويات الجديدة للرقابة الرقمية أفكاراً تحليلية، إلى جانب تعزيز القدرة على إدارة الأنشطة وتنظيم اللوائح والسياسات والإجراءات وتفويض الصلاحيات، وأتمتة التخطيط الاستراتيجي والتشغيلي، وإعداد التقارير للمصرف المركزي. وستتم أيضاً أتمتة العمليات على مستوى الإدارة وإعداد التقارير والتحليلات، وسيكتسب المصرف المركزي، قدرة جديدة على إدارة المستندات وإجراء عمليات البحث المؤسسية بشكل أكثر فاعلية.
- رقمنة رحلة العملاء
سيعمل مشروع Experience Customer.Digital.CBT على رقمنة وأتمتة أكثر من 70 رحلة للعملاء من خلال تجربة متعددة القنوات. وبالاعتماد على الأتمتة والتحليلات وما يزيد على 80 خدمة إلكترونية جديدة، سيستحدث المصرف المركزي تجربة متباينة وشاملة ومبسطة للعملاء من المؤسسات المالية المرخصة.
وسيوفر هذا المشروع نقطة دخول رقمية واحدة لاتصالات الشراكات والإدارات، إلى جانب مجموعة أدوات مخصصة لكل موظف. ومن المتوقع أن تعزز بوابة الموظف الشخصية الموحدة كفاءة وفاعلية الموظف والفريق، بينما ستعمل تحليلات أماكن العمل على تمكين الأفراد والفرق من دعم راحة الموظفين بشكل أفضل.
- العملة الرقمية
اتخذ المصرف المركزي من تنفيذ مشروع العملة الرقمية أولوية لتمكين الشمول المالي، وتسهيل المدفوعات الدولية العابرة للحدود ودعم نمو القطاع المالي في الدولة.
وفي عام 2022، أصبح المصرف المركزي من أوائل البنوك المركزية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تنظم مشروعاً تجريبياً للقيمة الحقيقية لاستخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية للشراكات بالاشتراك مع مركز الابتكار التابع لبنك التسويات الدولية وسلطة النقد في هونغ كونغ، وبنك تايلاند ومعهد العملات الرقمية التابع لبنك الشعب الصيني.
ويتم إصدار عملات البنوك المركزية الرقمية من قبل الدول، وتعد عملة قانونية، وتلعب ذات دور النقد التقليدي، وتعمل دول عديدة حالياً على دراسة أو تطبيق العملات الرقمية للبنوك المركزية.
وكان هذا البرنامج التجريبي، إحدى ثمار مشروع «الجسر» mBridge، مبادرة العملة الرقمية متعددة الأطراف التي انضم إليها المصرف المركزي لإجراء مدفوعات دولية وعابرة للحدود بصورة آنية وبكلفة منخفضة وبطريقة فعالة وشفافة، وتسوية المدفوعات من خلال وسيط آمن.
وعند إجراء تجربة مشروع «الجسر»، استخدم 20 بنكاً تجارياً من الدول الأربع المشاركة المنصة لتسوية مجموعة متنوعة من المدفوعات للعملاء من الشركات التي تركز على التجارة العابرة للحدود.
وتم إصدار ما يزيد على 12 مليون دولار على شكل عملات رقمية للبنوك المركزية، الأمر الذي سهل إنجاز أكثر من 160 عملية دفع عابرة للحدود ومعاملات بالعملات الأجنبية يبلغ إجمالي قيمتها أكثر من 22 مليون دولار أي ما يعادل 80 مليون درهم.
- عملة رقمية خاصة
وأنشأ المصرف استراتيجية العملة الرقمية الخاصة به في عام 2022 ليصبح مركزاً للتميز في هذا المجال، ومركزاً إقليمياً لاستضافة البنية التحتية للعملات الرقمية وتشغيلها.
ويتمثل الهدف الآخر للاستراتيجية في توضيح سياسة العملة الرقمية للدولة، وتأكيد أن العملة الرقمية للمصرف المركزي تعد عملة قانونية في الدولة.
وبما أنها تعد حلاً واعداً لتحقيق رؤية مجموعة العشرين لتطوير عملات رقمية للبنوك المركزية بهدف تسهيل التجارة العابرة للحدود وميزان المدفوعات التجارية، ينظر المصرف المركزي إليها على أنها طريقة مبتكرة لتكملة أنظمة الدفع التقليدية.
- مدفوعات رقمية عابرة للحدود
يهدف المصرف المركزي من الآن فصاعداً إلى توفير مدفوعات العملة الرقمية العابرة للحدود بطريقة مستمرة وآمنة، من خلال إطلاق إنتاج منظم لمشروع «الجسر» مع البنوك المركزية الشريكة ومركز الابتكار التابع لبنك التسويات الدولية في أوائل عام 2024. وإضافة إلى ذلك، سيتم استكشاف الدول التجارية الرئيسية التي يمكنها العمل شركاء للجسور الثنائية للعملات الرقمية.
وسيبدأ العمل أيضاً على إثبات جدارة مفهوم العملة الرقمية المحلية للأفراد في عام 2023، تمهيداً لقيام المصرف المركزي بإطلاق استراتيجيته الشاملة للعملة الرقمية المتوقع طرحها في غضون عامين.
- إدارة تحول البنية المالية
يهدف برنامج تحول البنية التحتية المالية، الذي يشمل تحول المصرف المركزي وعملته الرقمية، إلى التحتية الرقمية وتحسين قطاع الخدمات المالية في الإمارات. وفي عام 2022، أكمل المصرف المركزي المرحلة الأولى من برنامج تحول البنية التحتية المالية، ثم بدأ بتنفيذ المرحلة الثانية التي كان من المقرر اكتمالها في الربع الأول من عام 2023. وإلى جانب مشروع العملة الرقمية ومشروع «التوأم الرقمي» للمصرف المركزي، فإن العناصر الأخرى من البرنامج تشتمل على ما يلي:
- التحول الإشرافي:
يهدف هذا البرنامج إلى تحسين التراخيص والعمليات الإشرافية.
وتتضمن الاستراتيجيات ذات الصلة استخدام تحليلات البيانات لابتكار طرق جديدة تتوافق مع أفضل الممارسات، على الإشراف بقدر 360 درجة على بناء المؤسسات المالية المرخصة.
- إدارة البيانات المؤسسية:
يهدف هذا المشروع إلى رفع مستوى التعريف والتكامل والتحليل واسترجاع البيانات للتطبيقات الداخلية والاتصالات الخارجية على حد سواء.
- مركز الابتكار:
هو عبارة عن منصة تعاونية للمشاركة والبحث وتطوير التكنولوجيا المالية المبتكر.
- منصة المدفوعات الفورية:
طرحت هذه المنصة في الربع الأول من عام 2023 في إطار تجريبي مع مجموعة من المؤسسات المالية المرخصة.
- منظومة البطاقات المحلية:
أول منصة موحدة وآمنة وفعالة للدفع بالبطاقات في الدولة لتسهيل نمو التجارة الإلكترونية والمعاملات الرقمية.
- التمويل المفتوح:
منصة تستفيد من الترابط والتشغيل البيني لدفع الابتكار والقدرة التنافسية والتعاون في قطاع الخدمات المالية.
- السحابة المالية:
بنية تحتية مالية سيادية تمتاز بالأمان والمرونة وقابلية التطوير والجدارة.
يعتزم المصرف المركزي تطوير مبادرات تحول البنية التحتية المالية بما يتماشى مع رؤيته لعام 2026، وذلك من خلال اعتماد نموذج تشغيل جماعي يقوم على كيان يضم المصرف المركزي والشركات التابعة والكيانات المنتسبة له، مثل شركة الاتحاد للمدفوعات ومعهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية.
مبادرة التمويل المفتوح
يقود المصرف المركزي، مبادرة التمويل المفتوح، وهي طريقة آمنة لفتح أنظمة المؤسسات المالية لأطراف ثالثة معتمدة يمكنها الاستفادة من البيانات المالية التي يوافق عليها العملاء، إلى جانب إنشاء تطبيقات جديدة وخدمات مالية مبتكرة. وقد تمنح بعض هذه التحسينات المتاحة لعملاء الخدمات المالية من قطاعي الشركات والتجزئة والشركات الصغيرة والمتوسطة، المزيد من القدرة على التحكم في معلوماتهم، وتحفيز إنشاء خدمات جديدة تقدم قيمة أفضل مقابل المال.
وتهدف مبادرة التمويل المفتوح التي أطلقها المصرف المركزي، إلى تقديم قيمة معززة للعملاء، كما تؤدي إلى إنشاء منتجات وتقديم عروض الخدمات المالية الجديدة، بدءاً من الاستشارات الرقمية وحتى الأتمتة المالية، بما يؤدي إلى تعزيز الأفكار والابتكارات.
استقطاب التكنولوجيا المالية المبتكرة
يعتزم المصرف المركزي، إنشاء صندوق الحماية التنظيمي «ساند بوكس» المؤقت الذي يتيح تجربة الحلول المبتكرة مع نماذج الخدمات المالية غير التقليدية واستخدامات التكنولوجيا، ما يسهم في دعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى حد كبير.
