عادي

«السبع».. مواجهة روسيا واستفزاز الصين

23:35 مساء
قراءة 4 دقائق
1

كتب - بنيمين زرزور:
اختيار مدينة هيروشيما لاستقبال زعماء مجموعة السبع في مؤتمرهم السنوي، ينطوي على رمزية عميقة تعكس صور الدمار الذي يهدد العالم في حال خرجت الحرب في أوكرانيا عن السيطرة، أو استدعت تصعيداً قد يفرض إجراءً استباقياً ينزع فيه أحد الأطراف لاستخدام سلاح غير تقليدي ربما يكون نووياً.

ليست قمة هيروشيما الأولى التي يلتقي فيها زعماء دول كبرى منخرطة بشكل عملي في الحرب الأوكرانية، لكن التوافق فيما بينها على عدد من المواقف المتعلقة بمواجهة روسيا أو إدارة العلاقة مع الصين، يبدو أكثر صعوبة بعد كل لقاء.

وتعالت نداءات الأطراف، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تقود التحالف على جبهتين، جبهة الحرب ضد روسيا، وجبهة حصار الصين، للخروج بموقف موحد تجاه الصين على وجه الخصوص، في ظل التهديد المتصور الذي تشكله على الاستقرار والأمن الاقتصادي لعالم ضعضعت الحرب في أوكرانيا أركانه.

وبينما انصب تركيز المجموعة على أوكرانيا التي حل زعيمها ضيفاً على القمة - وسبل تشديد الخناق على روسيا ونزع فتيل التوترات النووية المتزايدة - فإن القمة التي استمرت ثلاثة أيام، وفرت أيضاً فرصة لزعماء مجموعة السبع لإعادة ضبط وتنسيق نهجهم تجاه الصين، التي رفضت إدانة الموقف الروسي وعززت العلاقات مع موسكو.

مهمة صعبة

وقال ياسوهيرو ماتسودا، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طوكيو: «كرس جدول أعمال القمة أساساً للبحث في كيفية التعامل مع الصين وروسيا. لكن الاتفاق على نهج مشترك مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم لن يكون مهمة سهلة».

تعد الصين، مركز التصنيع العالمي، وسوقاً استهلاكياً ضخماً، وشريكاً تجارياً مهماً لدول مجموعة السبع، التي تتألف من الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا. وتأتي محاولة توحيد المواقف من الصين في لحظة حاسمة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، حيث تكثف بكين الجهود الدبلوماسية لإصلاح العلاقات مع أوروبا ودق إسفين في التحالف عبر الأطلسي.

وقد تسبب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشهر الماضي، بحالة من الذعر في العواصم الغربية عندما قال بعد زيارة دافئة لبكين، إن أوروبا يجب ألا تصبح «مجرد تابع لأمريكا وتنغمس في أزمات ليست لها»، عندما سئل عن أزمة تايوان.

بعد أيام، وفي محاولة لتكوين جبهة موحدة بشأن تايوان، قال وزراء خارجية مجموعة السبع في اجتماع تحضيري للقمة إنه «لم يكن هناك تغيير» في موقف الكتلة بشأن الجزيرة الديمقراطية المتمتعة بالحكم الذاتي.

وحرصت الدولة المضيفة والعضو الآسيوي الوحيد فيها، على أن تضع الأمن الإقليمي على جدول الأعمال الرئيسي للقمة. وأبدى رئيس وزرائها قلقاً عميقاً بشأن موقف بكين العسكري في المنطقة، محذراً علناً من أن «أوكرانيا اليوم قد تكون شرق آسيا غداً».

وفي معرض استعدادها لمواجهة التهديدات المفترضة، تسعى اليابان لمضاعفة إنفاقها العسكري، بينما تجري محادثات لفتح مكتب اتصال للناتو، وهو الأول من نوعه في آسيا، وليكون دليلاً على تعميق العلاقات بين الديمقراطيات الغربية والآسيوية.

وفي خطوة سلطت الضوء مجدداً على مخاوف طوكيو، أرسلت الصين أسطولاً بحرياً - بقيادة واحدة من أقوى مدمراتها - في طواف حول الجزر الرئيسية في اليابان لمدة 12 يوماً، في عرض للقوة العسكرية في الفترة التي سبقت قمة مجموعة السبع.

وتتصدر مشكلة الضغوط الاقتصادية أجندة المجموعة. فقد دعت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين في اجتماع لوزراء مالية مجموعة السبع في اليابان، إلى «عمل منسق» لمواجهة استخدام بكين سياسات «الإكراه الاقتصادي».

ورددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، نفس هذه اللهجة الصارمة قبل مغادرتها إلى هيروشيما. وقالت في بروكسل: «لقد رأينا محاولات للإكراه الاقتصادي في علاقة الصين مع ليتوانيا، حيث فرضت عليها عقوبات بسبب افتتاحها مكتباً تجارياً جديداً في تايوان، وهناك ممارسات مماثلة تجاه اليابان وأستراليا».

تحذيرات متبادلة

وفي محاولة لتوسيع نفوذ مجموعة السبع خارج نادي الديمقراطيات الغنية، دعت اليابان قادة بعض الدول النامية، من الهند والبرازيل وفيتنام وإندونيسيا، لحضور القمة كمراقبين.

وانضم إلى الاجتماع رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، حيث يعمل الجاران الآن، بعد سنوات من الخلافات وتاريخ طويل من العداء، على إصلاح العلاقات بينهما بسبب التهديدات المتزايدة من كوريا الشمالية والمخاوف من الصين.

في إشارة إلى تحالف ثلاثي يزداد قوة، اجتمع زعماء الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية على هامش القمة لمناقشة خطط تبادل المعلومات الاستخباراتية في الوقت الفعلي، الأمر الذي سيزيد من تعميق مخاوف الصين من تطويق الولايات المتحدة وحلفائها.

واعتبرت وزارة الخارجية الصينية، أن «مجموعة السبع تعرقل جهود السلام العالمي وتلحق الضرر بالاستقرار الإقليمي وتكبح تنمية بلدان أخرى».

وطالبت الخارجية الصينية، في بيان لها، دول مجموعة السبع بالكف عن التدخل في شؤون الصين الداخلية، وإملاء التعليمات على حكومتها تحت غطاء حماية حقوق الإنسان.

ودعا بيان مجموعة السبع بكين إلى الضغط على روسيا لتوقف «الأعمال العسكرية» وأن تسحب فوراً وبشكل كامل وغير مشروط، قواتها من أوكرانيا، كما حذروا بكين من تسريع بناء ترسانتها النووية في ظل غياب الشفافية أو الحوار الهادف، ما يشكل مصدر قلق على الاستقرار العالمي والإقليمي.

من جهتها، ردت موسكو في تصريحات لوزير خارجيتها سيرغي لافروف على بيان مجموعة السبع حيث قال: إن القرارات التي اتخذت في قمة مجموعة السبع، المنعقدة في هيروشيما باليابان تهدف إلى «احتواء» روسيا والصين.

وأشار لافروف إلى أن روسيا دخلت مرحلة المواجهة الحادة مع كتلة عدوانية مكونة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والناتو، وهذه الكتلة وضعت نصب عينيها هدفاً مكشوفاً وصريحاً، الانتصار على روسيا في ساحة المعركة ومن ثم شطبها كمنافس جيوسياسي. وأن الغرب يبحث وبشكل علني سيناريوهات لتقسيم روسيا الاتحادية.

وبينما يتطلع العالم إلى بارقة أمل تفتح نافذة لجهود الوساطة نحو حل دبلوماسي، يزيد تعنت التحالف الغربي من حدة المواجهة وسط حالة من العناد الذي يعكسه الاستمرار في ضخ الأسلحة وكل أشكال الدعم لتبقى الحرب مصدر تهديد دائم للعالم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrxud2w2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"