صوت أوروبي مختلف

00:41 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

على الرغم من أن المجر عضو في حلف الناتو والاتحاد الأوربي، فإنها تغرد خارج السرب الغربي في ما يتعلق بالحرب الأوكرانية، ولها موقف متميز يدعو إلى المفاوضات والحل السياسي، وغير منغمسة في تسعير الحرب وإرسال السلاح إلى أوكرانيا.
المجر مثلها مثل العديد من الدول الأوروبية التي لها حدود مع أوكرانيا (109 كيلومترات)، لم تكن بعيدة عن تداعيات الحرب؛ إذ استقبلت على أراضيها حولى 400 ألف لاجئ أوكراني؛ بل إن رئيس وزرائها فيكتور أوربان المتهم بمناهضة الهجرة توجه إلى الحدود مع عدد كبير من المجريين لاستقبال أفواج اللاجئين الأوكرانيين، لكن له موقف مبدئي من الحرب لم يتراجع عنه، ويعلنه صراحة، متهماً أوروبا بدخول حرب ليست حربها، رافضاً مقولة أن الصراع الحالي هو «صراع بين الخير والشر». هذا الموقف كرره أوربان خلال «منتدى قطر الاقتصادي» الذي يعقد في الدوحة، مؤكداً أن «أوكرانيا لا يمكنها الانتصار عسكرياً»، وقال: «من الواضح أن الحل العسكري لا يجدي نفعاً»، وأشار إلى أن الحرب «كانت نتيجة فشل الدبلوماسية».
وأضاف: «بالنظر إلى الواقع والأرقام والسياق، وواقع أن حلف الأطلسي ليس مستعداً لإرسال قواته، من الواضح أنه ليس هناك انتصار عسكري للأوكرانيين المساكين على أرض المعركة».
يذكر أن المجر ترفض تقديم مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا كما تفعل الدول الغربية الأخرى، كما أن أوربان هو الزعيم الأوروبي الوحيد الذي لم يزر كييف، وهذا الموقف يثير حفيظة الدول الأخرى المنخرطة في الحرب، لأنه يرى أن الدعم العسكري لا يوفر فرصة للسلام؛ بل يشكل تهديداً لأمن القارة الأوروبية، ويعتقد بأنه في حال تواصلت الحرب، فإن أمن القارة سوف يكون على المحك.
وكان مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل، اتهم الثلاثاء الماضي، المجر برفض صرف حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا؛ حيث فشل وزراء الدفاع الأوروبيين في الاتفاق على حزمة مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا بقيمة 500 مليون يورو. وكانت أوروبا قدمت خلال العام الحالي فقط 1.5 مليار يورو لتغطية احتياجات أوكرانيا، إضافة إلى الكم الهائل من الأسلحة، بما فيها المدفعية والصواريخ والدبابات والمركبات العسكرية والذخائر والطائرات، الأمر الذي أثقل كاهل أوروبا التي لم يعد بمقدورها تقديم المزيد من الدعم، خصوصاً أن معظم دولها ترزح تحت أزمات اقتصادية ومالية جراء التضخم وارتفاع الأسعار.
وجهة نظر المجر الداعية إلى المفاوضات وصولاً إلى الحل السياسي، بدلاً من الانخراط في الحرب تتلاقى مع وجهة نظر السواد الأعظم من المواطنين الأوروبيين الذي يعبّرون عن مواقفهم بالتظاهرات والإضرابات التي شملت معظم دول القارة.
وإذ يغرد رئيس وزراء المجر وحيداً وسط سعير الحرب، فإنه يحقق بذلك هدفين: الأول، إبعاد بلاده عن تداعيتها وتأمين وارداتها من النفط والغاز الروسيين، وثانياً، عدم الانخراط في عداء مع روسيا والحفاظ على مسافة تمكنه من لعب دور الوسيط عندما تتوقف آلة الحرب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3e78ucxv

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"