عادي
تعتمد على الحب والعطاء

التربية الذكية.. الخطوة الأقرب إلى الأبناء

00:22 صباحا
قراءة 4 دقائق
1
1

الشارقة: زكية كردي
المسافة بيننا وبين الأبناء خطوة، نظن أنها محملة بالعطاء، ونعتقد أنها ربما يجب أن تكون مدروسة؛ بحيث لا تضيع الحدود والمقامات، أو نتنازل عن الحدود طواعية في سبيل هذا الحب غير المشروط، فتضيع الأبعاد الصحية، ونجد أنفسنا نخطئ من جديد، خطوة بالغة التعقيد ندركها عند العجز عن التخطيط لأوقات عائلية مرحة، وإيجاد اهتمامات مشتركة، ومشاهد يومية محببة لجلسات عائلية بعيدة عن التكنولوجيا.

«تبنت نسبة كبيرة من الآباء والأمهات خلال العقدين الماضيين أسلوب التربية الحديثة، ما وضعهم في مأزق حقيقي»، بحسب أحمد عمران، مهندس متقاعد، وعن ذلك يقول: «المشكلة أن هؤلاء الآباء غير مطلعين على تفاصيل التربية الحديثة، وليسوا على استعداد لبذل الجهد لدراسة قوانين ونظريات هذه التربية القائمة على أسس نفسية وعلمية».

واستدرك: «لكنهم فهموا أن التربية تعتمد على الحب والعطاء وهذا جيد، ونسوا مسؤولية تقويم السلوك وتعليم الأبناء الاحترام وتحمل المسؤولية وغيرها من الأمور، لهذا نحن نقف اليوم أمام جيل من الأبناء لديه شعور مرتفع بالاستحقاق من دون وعي بالواجبات تجاه الآخرين، وأولها التواصل مع الأبوين، فقد اعتاد أن يسعى الأهل إلى التواصل معه، لأنه الطفل المدلل والمزاجي وهذا مؤسف».

المرونة والذكاء

تعتقد منال غنيم، ربة منزل وأم لأربعة أبناء، أن المرونة والذكاء مكونات أساسية في العلاقة مع الأبناء، وتقول: «لا شك أن التكنولوجيا أسهمت في خلق فجوة بين الأهل والأبناء، ما يجعل الكثير من الأهل يعانون صعوبة في استعادة أبنائهم من الشاشات التي يدمنون عليها عند تواجدهم في المنزل، ما يحتاج إلى الذكاء والحيلة والحزم أحياناً». وتتابع: «الحل يكمن في اعتماد أسلوب الأهل في فرض احترامهم وسلطتهم بحب على الأبناء، أما جذبهم للجلسات العائلية فأمر يحتاج إلى مثابرة وإصرار على خلق أجواء مشتركة بطريقة مرحة وغير مباشرة، من خلال الألعاب المشتركة، ومشاهدة الأفلام العائلية، والاهتمامات المشتركة، والمسابقات، وغيرها».

فجوة

تشير فهيمة عبد المحسن، ربة منزل، إلى أن الكثير من الأهل يرفضون الاعتراف بوجود فجوة بينهم وبين الأبناء، ويعدون أن عدم وجود الكثير من الأوقات المشتركة هو أمر طبيعي، بسبب اختلاف الاهتمام والحرية الشخصية».

وتضيف: «ألاحظ أن الكثير من الأهل ينظرون إلى العلاقة مع الأبناء باستخفاف، لأنهم لا يرغبون ببذل المزيد من الجهد للتقرب من أبنائهم، ويعدون أن توفير احتياجات الأبناء المهمة الأسمى في هذه العلاقة، ولأنهم لا يجدون الوقت الكافي والقدرة على ملاحقة تفاصيل حياة الأبناء يرفعون شعار احترام حدود الأبناء وحريتهم الشخصية، وتضيف بأنها ترى الأمر بأنه نوع من التهرب من المسؤولية وهو مغلف باحترام حرية الآخر».

رعاية ومحبة

يرى حسام أشرفي، مدير محل، أن «علاقة الأبناء مع الأم معقدة، فعندما تكون الأم ربة منزل متفرغة للأبناء، تجد أنها تحقق وجودها وقيمتها من خلالهم، تجدها مصرة على التعلق بهم وملاحقتهم في أدق تفاصيل حياتهم، حتى بعد أن يصلوا إلى مرحلة يرغبون ويحتاجون فيها إلى الاستقلال عن مملكة الأم، حتى وإن كان هذا الاهتمام يأتي على شكل الكثير من الرعاية والمحبة، إلا أنه يشكل عبئاً عاطفياً ونفسياً على الأبناء في كثير من الأحيان، ويضيف بأنه يتحدث عن تجربة قريبة منه».

تقول خلود الجاسم، موظفة مبيعات: «أجد صعوبة بالتخلص من شعوري بالذنب تجاه أبنائي، لأني أطيل البقاء خارج المنزل لساعات طويلة، بسبب العمل، هذا الشعور مرهق جداً للأمهات، وعلى الرغم من أني حاولت البحث عن الموضوع والتعرف إلى الطرق الصحية لجعل علاقتي بأبنائي أفضل، لكنني أعتقد أن شعوري بالتقصير يجعلني عاجزة عن التعامل معهم باتزان، فأجد صعوبة في فرض القوانين عليهم كما يجب، كما أنني لا أستطيع منع نفسي من تدليلهم رغبة مني بتعويضهم عن غيابي في العمل، ولأني أعرف أن هذه الأمور ليست جيدة لهم أشعر بعدم الرضا عن النفس وبأني غير قادرة على خلق علاقة صحية سليمة مع أبنائي كما أتمنى».

1
د. أحمد عيد

أربعة أنواع من البيوت

أوضح د. أحمد عيد، رئيس قسم التوجيه والإرشاد في مدرسة المعرفة أن هناك أربعة أنواع من البيوت، وكل بيت يخرج شخصية طفل مختلفة، وقال: «لدينا البيت النابذ الرافض للطفل، والنبذ يكون من أحد الوالدين أو منهما معاً، وفي هذا البيت قد يحصل الطفل على الأمان وكل ما يطلب، لكنه لا يحصل على الترابط العاطفي والوجداني، وهناك البيت الذي تسوده القسوة والعنف اللفظي أو المعنوي، وهناك البيت الفوضوي الذي يخلو من الانضباط، وهناك البيت الديمقراطي الذي يفتح مجالاً للحوار ويطور آفاق الطفل».وأشار إلى أن «علاقة الابن بالأهل مرتبطة بنموذج البيت الذي ينتمي إليه، فالبيت الديمقراطي هو النموذج الصحي الذي ينتج علاقات إيجابية وسوية».

وأضاف أن «التكنولوجيا أسهمت في خلق فجوة بين الأهل والأبناء، لكن يبقى الأمر مرهوناً بأيدي الأهل ووعيهم، وقدرتهم على فرض القوانين في المنزل وتقنين استخدام أدوات التكنولوجيا بدءاً بأنفسهم ليكونوا قدوة للأبناء».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mvwvetz6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"