استمرار أزمة الغذاء

22:41 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة
تتوقع معظم مؤسسات الدراسات أن تستمر أسعار الغذاء مرتفعة أقله في 2023. ترتفع الأسعار ليس فقط بسبب العرض الحالي وإنما بسبب القلق العالمي تجاه مشكلة الإمدادات نتيجة الحرب التي تجعل الطرق غير آمنة وغير سالكة، ولعدم توافر الشاحنات الكبيرة التي حولت إلى الحاجات الحربية. كذلك الأمر بالنسبة للقطارات التي تعاني مشاكل مماثلة. هنالك دور كبير في التعويض عن الإنتاج يجب أن تقوم به دول أخرى كالهند والأرجنتين والولايات المتحدة.

ما الذي يمكن عمله عالمياً لتجنب أزمة غذاء حادة كما تتوقعها بعض المؤسسات العالمية؟ ترتكز الجهود على عامل العرض كما على محاولة تخفيض الأسعار عبر الدعم المالي العالمي المباشر. قدم البنك الدولي في السنتين الماضيتين دعماً للزراعة كما للحماية الاجتماعية قدر ب 17 مليار دولار سنوياً، مرتفعاً من 12 مليار دولار سنوياً في السنوات الثلاث التي سبقت. من المنتظر أيضاً أن تقوم بعض الدول الغنية بالمساعدة المالية والمادية المباشرة للدول الفقيرة. تكمن المشكلة في أن أوضاع الدول الغنية نفسها غير مريحة اليوم وبالتالي قدرتها على المساعدة موجودة لكنها أقل بكثير من الماضي. فالولايات المتحدة تعاني مثلاً التضخم وبالتالي يرفع المصرف المركزي الفوائد لتجنب الأسوأ. أما أوروبا فمشاكلها لا تعد ولا تحصى وتؤدي إلى تعزيز الأوضاع السياسية لليمين المتطرف. هنالك تقديم للدعم المالي المباشر إلى «برنامج الغذاء العالمي» الذي يعمل في 117 دولة ومنطقة وينجح في تقديم المساعدات إلى أكثر من 100 مليون مواطن. المعلوم أن البرنامج يحصل على 50% من القمح من أوكرانيا، وبالتالي يجب توفير مصادر أخرى سريعاً. تدخل البرنامج مباشرة يؤدي إلى تخفيف الضغط عن أسعار الغذاء في الأسواق العالمية. لكن بسبب الأزمة الحالية وعدم توافر السلع الغذائية والحبوب تحديداً، هنالك دول تمنع تصدير إنتاجها للمحافظة عليه لسكانها. هذا التصرف مضر على الصعيد العالمي وهنالك دور كبير للمؤسسات الدولية في الضغط للتخفيف منه. يقول البنك الدولي إن 40% من نسبة ارتفاع الأسعار خلال أزمة 2010-2011 أتت من منع الصادرات من قبل دول معينة.

هنالك دور كبير للمؤسسات الدولية في التنسيق بين المنتجين والمصدرين، بحيث يتوزع الإنتاج على الدول أي عملياً يجب أن تتدخل في الأسواق لتوجيه الإنتاج والتجارة وهذا مقبول في ظروف خطيرة كالتي نعيش خلالها. لا بد أيضاً من تقديم الدعم المباشر في الدول المتأثرة للمستهلكين وكذلك للمزارعين. يجب التحضير لبرامج إنتاج حبوب وغذاء أكثر فاعلية وإنتاجية، بحيث لا نقع مجدداً في مشكلة إنتاج وتوزيع. نظام غذاء عالمي حديث مطلوب إنشاؤه معتمداً أقل على المياه والأدوية والسماد الكيماوي بسبب عدم توافرها وبسبب التكلفة الباهظة. هذا لن يحدث من دون رعاية مباشرة من قبل منظمة التجارة العالمية (WTO ) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO ). تدخل هذه السياسات أيضاً ضمن النشاطات الحامية للبيئة والمخففة للتلوث مما يفيد الزراعة والصحة والأوضاع الاجتماعية عموماً.

*كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/m4x3mnyt

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"