عادي

ملتقى المسرح العربي: الموسيقى روح الدراما

14:41 مساء
قراءة 4 دقائق
تواصلت السبت فعاليات الدورة السادسة من «مهرجان المسرح الثنائي» في المركز الثقافي لمدينة دبا الحصن، حيث شهدت قاعة المؤتمرات في المركز انطلاق النسخة الثامنة عشرة من «ملتقى الشارقة للمسرح العربي»، الذي جاء هذا العام تحت شعار «المسرح والموسيقى»، بحضور أحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح مدير المهرجان، وافتتحت وقائع الملتقى بكلمة للمشاركين فيه قدمها نيابة عنهم الباحث المسرحي المغربي عبدالمجيد فنيش، جاء فيها: «نتقدم بخالص الشكر والامتنان إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على مبادراته الريادية غير المسبوقة، في إنعاش ودعم وتشجيع البحث والإبداع عل طول الامتداد العربي، وهو الذي جعل الشارقة علامة ثقافية، شملت ظلالها آفاقاً رحبة، أعطت للمسرح العربي نفساً جديداً».
وأعرب المشاركون عن سعادتهم بالمشاركة في الملتقى، الذي أسهم على مدى عقدين من الزمان في رفد جهود التنظير والتفكير في الممارسة المسرحية العربية. آملين أن «يكون لقاؤنا هذا محطة أخرى من محطات التناظر والحوار والنقاش العلمي، انسجاماً مع ثنائية الفرجة والمرجعية البحثية». وتوجهت كلمة المشاركين بالشكر إلى دائرة الثقافة ورئيسها عبدالله بن محمد العويس على حفاوة الاستقبال والجهود التنظيمية.
*موقع بارز
وانطلقت جلسات الملتقى التي أدارها عبدالله راشد (الإمارات)، بمداخلة الباحث التونسي نوفل عزارة، وجاءت بعنوان «الموسيقى والشعر والرقص والتراجيديا»، استهلها بالحديث عن الموقع البارز الذي احتلته الموسيقى في الحضارة اليونانية القديمة، وكيف لعبت دوراً علاجياً، قبل أن ينتقل بحديثه إلى الدور الجوهري للموسيقى- الرقص في بنية العرض التراجيدي الإغريقي، مشيراً إلى أن الموسيقى كانت ضرورية لتخفيف الوقع المأساوي والمفزع لما ترويه المسرحيات المعروضة «لقد كان للموسيقى الدور الناجع وبالغ الأهمية حتى ينتقل الإنسان من حالة الخوف والرعب المنبعثة من صورة العدم البدئي للعالم، إلى حالة الاستقرار النفسي وحالة الانسجام المجتمعي».
وتحت عنوان «المسرح والموسيقى.. التجربة العربية وإشكالياتها» جاءت مداخلة الباحثة المصرية رانيا يحيى، التي ركزت على تناول حالة الالتباس في مفهوم «المسرح الغنائي» وارتباطه بعدد من المعاني الأخرى التي تربط بين «أبو الفنون» والموسيقى، كما تطرقت إلى كيفية تعامل الموسيقيين العرب تطبيقياً في العروض المسرحية، محللة بعض الإبداعات المسرحية التي ظهرت في القرن الحادي والعشرين.
وجاءت المداخلة الثالثة بعنوان «المسرح الغنائي العربي.. خاصياته وتأثيراته في أشكال التأليف الموسيقي» وقدمتها الباحثة والناقدة التونسية عائشة القلالي، واستعرضت من خلالها بدايات تداخل المسرح بالغناء منذ نهاية القرن التاسع عشر، حيث ظهرت المسرحيات الغنائية الأولى في مصر، وذلك مع تجربة مؤسّس ورائد المسرح الغنائي سلامة حجازي (1852-1917)، الذي نشط في عدد من الفرق المسرحية، ثمّ كوّن فرقته الخاصة سنة 1905، ثم خليفته سيّد درويش (1892-1923) الذي واصل بعده وضع أسس المسرح الغنائي التعبيري في بداية القرن العشرين.
وركزت القلالي على إبراز التأثير المسرحي في مسار التأليف الموسيقي في العالم العربي بوجه عام، ففي رأيها أسهمت تجارب المسرح الغنائي في إثراء المدوّنة الموسيقية العربية بأشكال وأنماط جديدة للتأليف الموسيقي، منذ نهاية القرن التاسع عشر ولغاية ظهور تجربة «الرحابنة» أواخر ثمانينات القرن الماضي.
*تحولات
وتتبعت الباحثة والناقدة المصرية ياسمين فراج في ورقتها «المسرح الموسيقي في مصر1953-2023: التوجهات والإشكاليات» تأثير التحولات السياسية في مسيرة المسرح الموسيقي، وذلك استناداً إلى ثلاثة تحولات بارزة منذ مطلع الخمسينات وإلى العام 2000، مشيرة إلى أن كل انتقال سياسي كان ينعكس بمستوى أو آخر على تطور أو تراجع المسرح الموسيقي.
وشهد جمهور المهرجان في الفترة المسائية مسرحية «السيرك» لفرقة المسرح القومي السوري، وهي من إعداد وإخراج أيمن زيدان، والنص الأصلي للعرض هو للكاتب الأرجنتيني أوزوالدو دراكون عن مسرحية «قصص تروى»، وتناول زيدان في العرض لوحتين، الأولى «ضربة شمس» والثانية «الرجل الذي صار كلباً»، في اللوحة الأولى يبحث عامل عن لقمة العيش برغم ارتفاع درجة الحرارة وبرغم مرضه ووجع أسنانه، وإلا سيموت من الجوع، تساعده زوجته في محنته ومراجعة الأطباء، ولكنه يموت باحثاً عن لقمة العيش، وفي اللوحة الثانية تطرح معاناة المواطن الذي يبحث عن عمل لأن زوجته وأولاده بحاجة إلى طعام، وبالمصادفة تدله زوجته للتقدم إلى وظيفة معلن عنها في الجرائد الرسمية، يتقدم إليها ويتم اختياره لوظيفة حارس ليلي «كلب حراسة» ومن أجل تأمين لقمة العيش لأولاده يرضى بأن يرضخ لأوامر سيده، ويمشي على أطرافه الأربعة، ويقبل أن ينبح.
وفي الندوة النقدية التي تلت العرض وأدارها الناقد السوري أنور محمد، أشادت المداخلات بالمقاربة الإخراجية وأداء الممثلين حازم أيمن زيدان، ولمى عبدالكريم. وثمن أيمن زيدان تجربة مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي، الذي يتيح للمسرحيين العرب أن يلتقوا ويتحاوروا ويصنعوا ما يحبون، في وقت يشهد فيه العالم العديد من الضغوط.
واستفاد جمهور اليوم الثاني للمهرجان من ورشة تدريبية في صناعة وتنفيذ فن خيال الظل، أشرفت عليها الفنانة الفلسطينية فيروز نسطاس.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdz7wjes

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"