الغائب في الواقع والمواقع

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ما الذي تفتقده عندما تتجول في يوتيوب بالعربية؟ هل تتمنى، وليتك تدرك ما تتمناه، أن يطير فؤادك فرحاً لرؤية مراكز بحث علمي عربية عملاقة؟ يقيناً، من حقك المشروع أن تحلم، مع بعض توابل الخيال العلمي، بمؤسسة مثل «معهد ماكس بلانك» الألماني، الذي لا يمكن أن يتسع له مكان واحد في مدينة واحدة، ففروعه منتشرة في ثمانين مدينة ألمانية، ومدن في أوروبا والولايات المتحدة، وبلدان أخرى. أمّا الطريف، فهو أن تعثر على علم أو تقانة أهملتها فروع المعهد، مجموع الفروع أطلقوا عليه اسم «مجتمع ماكس بلانك».
العالم العربي يحتاج إلى مسيرة مراحل لتحقيق مثل هذا الحلم، فمهلاً، العجلة من الشيطان، الذي أقعد العرب فلم يهبّوا للحلم منذ قرن. ما رأيك إذاً في شيء من قبيل المؤسسة الفرنسية: «المركز الوطني للبحث العلمي»؟ في نهاية المطاف المنطقي: أربعمئة مليون عربي، لديهم خارج العالم العربي أكثر من ستمئة ألف عالم وخبير ومهندس وأستاذ جامعي، هم جميعاً عقول مهاجرة مبعثرة في جميع البلدان المحظوظة، يستحقون تزيين سماء الخريطة من الماء إلى الماء، بمصابيح البحث العلمي، أم تُراهم نسوا أنه «لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون»؟ وهل تُراهم نسوا أن مداد العلماء خير من دماء الشهداء؟
دعنا من نموذج «مجتمع ماكس بلانك»، ولنكن غير مبالغين في الطموح. النموذج الفرنسي أقرب إلى العقلانية، فذلك المركز فيه ثلاثون ألف باحث وعالم ومهندس وخبير، نسبة الجنس اللطيف فيهم 50.6% ميزانيته 3.3 مليار يورو. الدولة تستثمر في هذا المشروع العلمي 2.5 مليار يورو، والباقي ينفقه المركز من عرق جبينه. تقول: كيف يمكن بلوغ هذا المستوى أو حتى نصفه؟ هل يُعقل أن يعجز العرب عن إعادة عشرين ألف متخصص إلى العالم العربي وهم لديهم أكثر من نصف مليون يُسخّرون نبوغهم وخبراتهم ومواهبهم في خدمة دول خنقت كل عرق نابض في بلدان العرب.
نموذج «مجتمع ماكس بلانك» أروع مثال: لديه فروع في ثمانين مدينة ألمانية، كل فرع مضطلع بمجموعة تخصصات متقاربة، ضمن العلوم المتعددة التخصصات، كالأحياء، الوراثة الكيمياء الحيوية، الفيزياء الحيوية، وغيرها، أو علوم الكون وتفرعاتها. إضافة إلى فروع في بلدان العالم. هل المسافة بين الإمارات ومصر أبعد ممّا بين ألمانيا وأمريكا؟ هل ما يفصل السعودية عن المغرب يفوق ما بين بلجيكا واليابان؟ في الإمكان تأسيس مركز بحث علمي عملاق له فروع في عدد من البلدان العربية. ستقول: إن العمل العربي المشترك هو في حد ذاته أكبر حلم. «ده الصبر عايز صبر لوحده».
لزوم ما يلزم: النتيجة التمثيلية: الحلم بالحلم يُذكر، وكلام سليم قولك، الحلم بالحلم يُنسى.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/rusfrs8u

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"