عادي
ملامح الحقبة الجديدة: «تعاون براغماتي» و«الاقتصاد أولاً»

بعد فوز أردوغان.. أنصاره: البلد أولاً.. والمعارضة: سنواصل الكفاح

18:31 مساء
قراءة 3 دقائق
1

إسطنبول - (أ ف ب)
بعد إعلان فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «الفتى الذهبي الاستثنائي» كما أطلق عليه مؤيدوه، في جولة إعادة تاريخية، بولاية جديدة تمدّد حكمه المستمر منذ عقدين حتى العام 2028، تنوعت آراء الشارع التركي بين مرحب ومعارض لهذا الفوز؛ حيث أكد أنصار أردوغان أن «رجل الشعب هو الذي فاز»، وأن هذا يعني «البلد أولاً» قبل كل شيء، فيما أشار معارضو الرئيس إلى أنهم «لن يفقدوا الأمل بسبب انتخابات واحدة، وأنهم سيقاومون حتى النهاية».
وتوقع محللون أن الخمس سنوات الجديدة في ظل حكم أردوغان تعني المزيد من الموازنات السياسية بين روسيا والغرب، لافتين إلى أن تركيا والغرب سينخرطون في تعاون براغماتي يقوم على مبدأ الاقتصاد أولاً.

  • استقطاب أم تصالح؟

يواجه الرئيس التركي أردوغان اعتباراً من الاثنين مهمة صعبة، تتمثّل بتوحيد بلاده التي تشهد انقسامات، بحسب «فرانس برس»، التي أضافت أنه بالرغم من قوة ائتلاف المعارضة والأزمة الاقتصادية وتأثيرات زلزال شباط/فبراير، نجح الزعيم التركي الذي قضى أطول فترة في الحكم في هزم منافسه العلماني كمال كيليتشدار أوغلو في الجولة الثانية من الانتخابات الأحد.
لكن «الفارق البالغ أربع نقاط كان الأقل الذي يحققه أردوغان في أي انتخابات، ما يشير إلى الاستقطاب الذي سيواجهه الرئيس المحافظ في ولايته الرئاسية الجديدة».
حاول أردوغان البالغ 69 عاماً تبني نبرة تصالحية في خطابه بمناسبة الانتصار أمام الآلاف من أنصاره الذين احتشدوا خارج القصر الرئاسي في أنقرة، داعياً الأتراك «للاتحاد والتضامن».
وأما كيليتشدار أوغلو فتعهّد بـ«مواصلة الكفاح» ضد أردوغان وحزبه «العدالة والتنمية» الذي يتولى المشهد السياسي التركي منذ العام 2002.
وأفاد الأكاديمي بورا إييمايا البالغ 28 عاماً «فرانس برس» في إسطنبول: «علمتنا الأجيال السابقة أن نكافح.. لن نخسر أو نفقد الأمل في هذا البلد بسبب انتخابات واحدة.. سنقاوم حتى النهاية».
في المقابل، احتفل أنصار أردوغان بفوزه في أول جولة إعادة في تاريخ تركيا.
وقال البائع المتجول غورسل أوزكوك (65 عاماً) لفرانس برس في أنقرة: «فاز الشخص المفيد لبلدنا.. أشعر بالسعادة نظراً لمعتقداته.. لا أهمية للأمور الأخرى. البلد أولاً».
وعنونت صحيفة «صباح» على صفحتها الأولى الاثنين «فاز رجل الشعب».
وقال إمره بركر من مجموعة أوراسيا الاستشارية إنه: «بعدما حشد ائتلافاً ضم ناخبين قوميين ومحافظين ومتديّنين، سيؤكد (أردوغان) على سياساته الشعبوية.. الاستقطاب السياسي موجود وسيبقى».

  • الاقتصاد أولوية

ويعدّ التخفيف من حدة أصعب أزمة اقتصادية تواجه تركيا منذ تسعينات القرن الماضي من أبرز أولويات أردوغان.
واستند أردوغان على سنوات من التنمية عبر مشاريع بنى تحتية، وازدهار قطاع البناء لاكتساب شعبية هائلة وقاعدة انتخابية مخلصة لم تتخلَّ عنه.
لكن نسبة التضخم باتت تجاوز 40 في المئة، وهو أمر فاقمته جزئياً السياسة القائمة على خفض معدلات الفائدة في محاولة للتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار.
ويشير محللون إلى أن «تعهّدات أردوغان خلال حملته بزيادة الإنفاق وتمسكه بمعدلات الفائدة المنخفضة ستفاقم الضغط على احتياطات البنوك من العملات والليرة التي تراجعت مقابل الدولار الاثنين».
ورأى تيموثي آش من «بلو باي لإدارة الأصول» أن «النموذج الحالي غير قابل للاستدامة»، مشيراً إلى عشرات مليارات الدولارات التي ضخها المصرف المركزي لدعم الليرة.
وحذر من أنه «في حال رفض أردوغان التراجع عن موقفه حيال معدلات الفائدة والتخلي عن الليرة، فقد يصبح الوضع سيئاً».
وما زالت جهود إعادة البناء في جنوب شرق تركيا في مراحلها الأولى بعد زلزال شباط/فبراير الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص ودمّر مدناً بأكملها.
وفاقمت الكارثة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تركيا؛ إذ خسر مئات الآلاف مصادر دخلهم بسبب الزلزال، فيما خفض خبراء توقعاتهم للنمو في تركيا للعام 2023، بينما تقدّر كلفة الأضرار بأكثر من مئة مليار دولار.

  • سياسة متوازنة

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين من أوائل قادة العالم الذين سارعوا لتهنئة الرئيس أردوغان.
وينتظر شركاء تركيا في حلف شمال الأطلسي موافقتها على طلب السويد الانضمام إلى التحالف الدفاعي الذي تقوده واشنطن.
وعرقل أردوغان المسعى متهماً استوكهولم بإيواء شخصيات من المعارضة التركية يشتبه في ارتباطهم بمجموعات كردية محظورة.
ويتوقع مراقبون أن يواصل أردوغان لعب دور الوسيط بين روسيا والغرب، بما يصبّ في مصلحة أنقرة.
وقال غالب دالاي، من معهد تشاتام هاوس: «خمس سنوات جديدة في ظل حكم أردوغان تعني المزيد من الموازنات السياسية بين روسيا والغرب».
وأضاف: «ستنخرط تركيا والغرب في تعاون براغماتي أينما أملت المصالح ذلك، ولن تنضم إلى العقوبات الغربية على موسكو رداً على حرب أوكرانيا، وستسعى إلى علاقات مربحة اقتصادياً».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2uwray8m

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"