عندما تُلهِم الإمارات

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

عندما تحدثنا أمس عن لحظة الاستقرار الفارقة التي تعيشها منطقتنا، فإن هذه اللحظة تمهّد لمرحلة بناء أساسيات إضافية لاقتصاد الإقليم ومجتمعاته، وهي بالتالي، مؤهّلة لإطلاق ورشة بناء شاملة قد تتشابه مع ما يطلق عليه «مشروع مارشال» الذي طبّقته أوروبا، في أعقاب الحرب العالمية الثانية. لكن هذا المشروع لا ينتظر أن يتمّ تمويله من المؤسسات الدولية؛ فالاقتصادات الكبرى مشغولة بتحدياتها المالية، ما يعني أن التمويل يجب أن يكون ذاتياً، والإمكانات موجودة.

بعد أن حُرمت دول كثيرة في الإقليم من تحقيق الحد الأدنى من التنمية التي تستحقها، بما تمتلك من إرث وقدرات وإمكانات وثروات، بسبب الاضطرابات والفوضى والتخبّط والفساد، فإن القناعات قد تولّدت الآن بأن الوقت حان، وبات مواتياً للالتفات إلى معركة الإصلاح والبناء والتنمية، واللحاق بركب التقدم العالمي، وثورات العِلم.

أعتقد جازماً أن الإمارات، وتجربتها التنموية وسطوع نجمها العالمي، ألهمت الكثير من دول المنطقة أن ما أنجزته هذه الدولة الفتية يمكن تحقيقه في بلدان عدة في المنطقة، والإقليم، وتكراره، والبناء عليه، إذا اتُخِذ القرار السليم بتحديد الأوليات، بعيداً عن ضجيج وصراخ المعارك الوهمية لتحقيق مكاسب سياسية.

اقتصاد الإمارات الذي يصل حجمه إلى نصف تريليون دولار، وتجارته الخارجية ما يفوق ذلك، وبقاعدته المالية التي تتجاوز تريليون دولار، أمامه هو الآخر فرصة تاريخية - وفي خضم هذه الأجواء الإيجابية - للانطلاق إلى مرحلة جديدة من التوسع والتنوع، وتعميق الشراكات، وبناء الفرص، وتحقيق الإنجازات، في مجالات عدة، أبرزها اقتصاد المعرفة والخدمات والمال والبيئة والبنية الأساسية والقيمة المضافة التي تولدت من الابتكارات والخبرات.

من المؤكد أيضاً، أن اقتصاد الإمارات، وهو الأكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية في الشرق الأوسط، واستقطاباً للشركات العالمية، وللكفاءات البشرية والمعرفية، والأكثر انفتاحاً وارتباطاً مع الأسواق العالمية، قادر على الانخراط بفاعلية، في التغيرات الإيجابية في المحيط الأوسع، والاستفادة منها، والإسهام في ضخّ استثمارات بمليارات الدولارات، على أسس تجارية في هذه البلدان؛ إذ إن هذا الاقتصاد يمتلك الخبرة العالمية، والإمكانات المالية الضخمة عبر قطاعيه الخاص والحكومي، وصناديقه الاستثمارية المختلفة.

وإذا كان اقتصاد الإمارات، وهو الأكثر مرونة في محيطه، بُني منذ البدايات على أساس الشراكة بين القطاعين، فإن أبرز مميزاته كانت في تنافسيّته التي عززتها الحكومة ببنية تحتية عالية المستوى والإمكانات والكفاءة الإدارية، وهي تنافسية تجعله الآن متقدماً على أقرانه، زمنياً وتشريعياً وتقنياً.

المرحلة الراهنة، والقادمة أيضاً، مفصليتان لشعوب المنطقة والإقليم، وتحتاجان إلى تعاون أوسع وشراكات جديدة، وإلى انفتاح وعقلية متطورة، ومن لا يفعل ذلك يفوته القطار مجدداً، ولن يلحق حتى في المحطة المقبلة؛ لأنه قطار سريع يسابق الزمن.. هذا الزمن راهنت عليه قيادة الإمارات ونجحت في رهانها؛ حيث أدركت منذ البدايات أنه ثروة حقيقية لا تقل أهمية عن الثروات الأخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yfk2v54x

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"