عادي

«مسيرات العواصم» تنذر بـ «القادم الأسوأ» في الحرب الروسية الأوكرانية

17:45 مساء
قراءة 7 دقائق
  • الخليج - متابعات

ما بين تأكيد روسي، ونفي أوكراني، وقع فجر الثلاثاء، ما يُنذر بتحول جديد في مسار الصراع الروسي الأوكراني، ألا وهو بروز «حرب المسيّرات المتبادلة» التي أشعلت المواجهة بين الطرفين. فعلى بعد أكثر من ألف كيلومتر عن كييف، توغلت ثماني طائرات من دون طيار، ووصلت إلى المنطقة الأغلى سعراً في روسيا والتي تقطنها «النخبة»، في هجوم عدّته روسيا «إرهابياً»، واتهمت كييف بتنفيذه (وهو أكبر هجوم بالطائرات المُسيّرة على موسكو منذ بدء الأزمة)، في ثاني هجوم بالطائرات المسيّرة على موسكو خلال نفس الشهر، بعد الهجوم الأول الذي وقع في بداية أيار/ مايو، وتمكنت خلاله الدفاعات الروسية من إسقاط مسيّرتين فوق الكرملين في هجوم نسب إلى كييف أيضاً.

وفي المقابل كثفت روسيا مؤخراً من هجماتها بالعديد من المسيّرات، لضرب أهداف داخل أوكرانيا بدقة عالية، ومن المتوقع أن يكون ردها قوياً وسريعاً على هجوم الثلاثاء، الذي نفت كييف مشاركتها فيه بشكل مباشر، لكنها قالت إنها «سعيدة بمشاهدته.. ونتوقع زيادة في عدد الهجمات».

هذا الأمر يسلط الضوء على أهمية الطائرات المسيّرة (غير المكلفة في إنتاجها، لكنها ذات تأثير خطر) في تنفيذ أهدافها الاستراتيجية بعيدة المدى، واستخدامها كعنصر فاعل قادر على اختراق دفاعات المنافس، وإصابة الأهداف بدقة، بعيداً عن استخدام العنصر البشري والأسلحة التقليدية، فهل بدأت كييف في شن الهجوم الذي تحدثت عن التحضير له مراراً من قبل ضد روسيا؟ وما الرد الروسي المتوقع على هذه الضربات الأوكرانية؟ وهل ستتبع كييف استراتيجية المحافظة على جنودها من خلال استخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ المتقدمة التي حصلت عليها من الغرب، لمواجهة موسكو أم ستكون المواجهات العسكرية التقليدية هي الفيصل في حل هذا الصراع؟

  • هجوم الثلاثاء

تعرضت العاصمة الروسية موسكو ومنطقتها فجر الثلاثاء لهجوم قل ما يحصل، بمسيّرات وتسبب الهجوم بأضرار «طفيفة» في أبنية من دون أن يسفر عن سقوط ضحايا حسب ما قال رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين.

وكتب سوبيانين عبر تليغرام: «هذا الصباح فجراً تسبب هجوم بمسيّرات بأضرار طفيفة في أبنية عدة، وقد انتشرت كل أجهزة الطوارئ في المدينة في المكان.. ولم تسجل إصابات خطرة حتى الآن».

من جهته، قال حاكم منطقة موسكو اندريه فوروبيوف: إن عدة مسّيرات أسقطت بالقرب من العاصمة.

وكتب: «هذا الصباح سمع سكان بعض مناطق ضواحي موسكو دوي انفجارات، كان هذا نظامنا للدفاع الجوي».

وأوضح: «تم إسقاط عدة مسيّرات عند اقترابها من موسكو»، داعياً السكان إلى «المحافظة على هدوئهم». وأكد أن «كل أجهزة الإنقاذ تقوم بعملها».

تم استهداف موسكو إضافة إلى منطقتين تقعان على بعد أكثر من ألف كيلومتر عن أوكرانيا، حتى الآن بهجمات مسيّرات قليلة جداً منذ بدء النزاع في حين كثرت الهجمات كهذه في مناطق روسية أخرى.

وأظهرت لقطات نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي آثار دخان في الجو، وظهرت في أخرى نافذة محطمة في أحد المباني.

وأضاف سوبيانين أن السلطات قامت بإجلاء سكان مبنيين سكنيين في موسكو تضررا؛ بسبب المسيّرات.

وقال: «سيتمكنون من العودة إلى شققهم ما إن تنهي الأجهزة الخاصة عملها».

وأتى الهجوم، بعد هجوم آخر بمسيّرات روسية طال العاصمة الأوكرانية كييف خلال الليل، وأسفر عن سقوط قتيل على الأقل على ما قال رئيس بلدية المدينة فيتالي كليتشكو.

والاثنين أثارت ضربات روسية في وضح النهار الذعر في العاصمة الأوكرانية التي تعرضت لهجمات عدة منذ مطلع أيار/ مايو.

في بداية أيار/ مايو أُسقطت مسيرتان فوق الكرملين مركز السلطة في موسكو في هجوم نُسب إلى كييف.

  • عمل إرهابي.. وبوتين يتابع

اتهمت روسيا، الثلاثاء، أوكرانيا بارتكاب عمل «إرهابي» بعد هجوم المسيّرات، مؤكدة أنها اعترضت الطائرات من دون طيار الثماني المستخدمة.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: «هذا الصباح شن نظام كييف هجوماً إرهابياً بمسيّرات على مبانٍ ومواقع في مدينة موسكو»، مضيفة: «شاركت ثماني مسيّرات في الهجوم» وقد أسقطت جميعها على ما أكدت.

وتابعت أنه تم استخدام تقنية إلكترونية خاصة لمكافحة الطائرات المسيّرة لتحويل مسار ثلاث من الطائرات المسيّرة الأوكرانية، بينما أُسقطت خمس طائرات أخرى، بمشاركة منظومة صواريخ بانتسير التي تساعد في الدفاع عن موسكو.

واعتبر الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الهجوم الصباحي بالمسيّرات على موسكو هو «ردّ» من كييف على الضربات الروسية الأخيرة في أوكرانيا، في أول تعليق له على هذه الأحداث، مؤكداً أنه «لا تهديد» على سكان العاصمة الروسية.

وقال بيسكوف: «من الواضح بالطبع أن هذا هجوم من تنفيذ نظام كييف، رداً على ضرباتنا الفاعلة جداً على أحد مراكزه القيادية».

وأكّد أن «نظام الدفاع الجوي (فوق موسكو) عمل بشكل جيد»، بعدما قالت وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق، إنها اعترضت كلّ المسيّرات الثماني التي كانت تحلّق فوق موسكو ومنطقتها.

وأشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تابع «مباشرة» التطورات، بفضل «وزارة الدفاع ورئيس بلدية موسكو وحاكم منطقة موسكو ووزارة الحالات الطارئة».

وقال بيسكوف لصحفيين «لا قتلى، وحتى الساعة لا تهديد لسكان موسكو ومنطقتها».

ويأتي الهجوم على موسكو في الوقت الذي ازدادت فيه الهجمات على الأراضي الروسية، بينها توغل مسلح في منطقة بيلغورود المحاذية لأوكرانيا الأسبوع الماضي. ولم تعلن كييف مسؤوليتها عن أي من هذه الهجمات.

وأضاف بيسكوف أن بوتين لا يعتزم في الوقت الحالي توجيه خطاب خاص للشعب الروسي، مضيفاً أن الرئيس يعمل من الكرملين.

وقال رئيس بلدية موسكو سيرجي سوبيانين: إن شخصين أُصيبا بجراح، ونُقل أحدهما إلى المستشفى في الهجوم الذي وقع في وقت مبكر من الصباح، وبقيت مطارات موسكو مفتوحة، ولم ترد أنباء بشأن سقوط قتلى.

وتزايدت هجمات الطائرات المسيّرة في عمق روسيا في الأسابيع الأخيرة قبيل هجوم أوكراني مضاد متوقع، مع ضربات على خطوط أنابيب النفط وحتى الكرملين الذي استُهدف في وقت سابق هذا الشهر في هجمات تُحمّل موسكو كييف المسؤولية عنها.

وأصاب حطام الطائرات المسيّرة بعضاً من أرقى المناطق في موسكو بما في ذلك لينينسكي بروسبكت، وهو شارع واسع أُنشئ في ظل قيادة جوزيف ستالين، ومنطقة في غرب موسكو؛ حيث تقيم «النخبة» الروسية بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين.

وقال سكان في جنوب غرب موسكو، إنهم سمعوا دوي انفجارات في حدود الساعة 02:00 إلى 03:00 بتوقيت غرينتش، تلتها رائحة بنزين. وصور البعض طائرة مسيّرة أثناء إسقاطها وسحابة دخان متصاعد في الأفق بموسكو.

وذكر الكرملين أنه تم إبلاغ بوتين في وقت مبكر من الصباح بالهجمات، مضيفاً أن الدفاعات الجوية والجيش الروسي عملا بشكل جيد؛ لذلك لم يكن هناك أي تهديد لسكان موسكو.

  • نفي أوكراني

وفي المقابل، نفى مستشار بالرئاسة الأوكرانية بحسب «رويترز» مشاركة كييف بشكل مباشر في هجوم بطائرات مسيّرة على موسكو الثلاثاء، لكنه قال إن بلاده تستمتع بمشاهدة الأمر، وتوقع زيادة في تلك الهجمات.

وقالت روسيا، إن أوكرانيا شنت أكبر هجوم بالطائرات المسيّرة على موسكو، لكن الدفاعات الجوية دمرت جميع الطائرات المسيّرة الثمانية المستخدمة.

وقال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك لقناة (بريكفاست شو) على يوتيوب: «فيما يتعلق بالهجمات: بالطبع نحن سعداء بمشاهدتها ونتوقع زيادة في عدد الهجمات. لكن بالطبع ليس لنا علاقة مباشرة بالأمر».

وكانت كييف قد نفت من قبل أيضاً أن تكون وراء هجوم بطائرات مسيّرة على الكرملين في وقت سابق هذا الشهر، لكن صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت أن المخابرات الأمريكية تعتقد أن أوكرانيا مسؤولة، بحسب «رويترز».

وفي إطار الهجوم الروسي بالطائرات المسيّرة على أوكرانيا أكدت كييف الثلاثاء أنها أسقطت 29 من 31 طائرة مسيّرة روسية متفجرة فوق كييف ومنطقتها خصوصاً، خلال هجوم جوي روسي جديد استهدف العاصمة الأوكرانية هو الثالث في غضون 24 ساعة.

وقال سلاح الجو الأوكراني عبر تليغرام «بين الساعة 23:00 و04:30 (20:30 و01:30 ت غ) هاجمت القوات الروسية أوكرانيا بواسطة 31 مسيّرة أسقط 29 منها، أغلبها العظمى قرب العاصمة وفي أجواء كييف».

  • الهجوم المضاد

وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف في مقابلة مع صحيفة فرنسية: «نملك فرصاً جدية بتحقيق اختراق خلال الصيف» بفضل هجوم مضاد وشيك لجيش بلاده على القوات الروسية، بحسب «فرانس برس».

وأوضح الوزير في مقابلة مع صحيفة «ويست فرانس»: «نريد كسر عزيمة الروس على الانتصار في هذه الحرب»، مؤكداً أن «هذا الهجوم المضاد، يهدف إلى العودة إلى حدود 1991 المعترف بها دولياً لأوكرانيا، بما يشمل شبه جزيرة القرم».

وتوقع الوزير الأوكراني أن يؤدي الهجوم المضاد الواسع هذا «إلى حركة تراجع جديدة للروس من أراضينا. لقد قاموا بعملية تعبئة جديدة إلا أن الكثير من الجنود من المبتدئين لا خبرة لديهم ولا يحسنون استخدام الأسلحة بشكل جيد».

وأضاف أن: «مجموعة فاغنر استعانت بسجناء وفي حصار باخموت على مدى ثمانية أشهر قتل 60 ألف عنصر أو جرحوا خلال القتال» من دون أن يوضح ما إذا كانت هذه الحصيلة تشمل المعسكرين.

في المقابل، شدد ريزنيكوف أيضاً على الضرورة المُلحة لتسليم أوكرانيا أسلحة وعدتها بها الدول الغربية. وعلق على الضوء الخضر الأمريكي الأخير للسماح للدول الحليفة بتسليم كييف مقاتلات من طراز «إف-16» أمريكية الصنع.

وتمنى الوزير أن تحصل عمليات التسليم هذه «بحلول نهاية السنة» الحالية موضحاً أن الطيارين الأوكرانيين سيخضعون على مدى أشهر عدة لتدريبات على قيادتها.

وتابع: «في الأثناء علينا تحضير المطارات في أوكرانيا وأجهزة الرادار وأنظمة الملاحة والمراقبين الجويين...إنها منظومة معقدة».

وأكد الوزير أن بلاده تحتاج إلى أسطول من طائرات «إف - 16» يضم «أكثر من مئة طائرة» لمواجهة قوة الروس الجوية وضرب الخطوط الخلفية لقوات موسكو.

  • الرد الروسي

لم يتضح كيف سيكون رد فعل بوتين على هجوم الطائرات المسيّرة الذي وقع الثلاثاء، فحتى الآن، أبقى بوتين الحرب في أوكرانيا بعيداً عن موسكو؛ حيث تستمر الحياة بشكل طبيعي نسبياً على الرغم من أكبر أزمة في علاقات روسيا مع الغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.

وبدأت روسيا، مؤخراً، استخدام أسراب من الطائرات المسيّرة في الصراع مع أوكرانيا، كما أنها تستخدمها على نطاق واسع في ضرباتها الجوية.

وقال ممثلو ادعاء: إن حوادث وقعت في منطقة أودينتسوفسكي بغرب موسكو؛ حيث مقر إقامة بوتين (نوفو أوجاريوفو)؛ وهي المنطقة الأغلى سعراً في روسيا؛ إذ تقطنها النخبة الروسية.

وغطى التلفزيون الروسي الحكومي الهجمات لكنه لم يوليها اهتماماً كبيراً.

ووصف بوتين الصراع في أوكرانيا مراراً قائلاً: «إنه صراع مع غرب متعجرف وعدواني يخاطر بحرب عالمية من خلال دعم أوكرانيا».

ويصف الكرملين الحرب حتى الآن بأنها «عملية عسكرية خاصة». وقالت الولايات المتحدة مراراً إنها لا تريد حرباً مع روسيا وإنه لا ينبغي لأوكرانيا استخدام الأسلحة الغربية في شن هجمات داخل روسيا، بحسب «رويترز».

وقال النائب الروسي ألكسندر خينشتاين، من حزب روسيا الموحدة الحاكم، إن من المرجح أن تزيد الهجمات على موسكو.

وأضاف: «التخريب والهجمات الإرهابية من أوكرانيا ستزيد فحسب، من الضروري تعزيز إجراءات الدفاع والأمن بشكل كبير، لا سيما فيما يتعلق بمكافحة الطائرات المسيّرة. يشمل ذلك الموافقة بشكل نهائي على القوانين اللازمة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4tccka8c

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"