وساوس جديرة بالاهتمام

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل صار دماغك يلفّ ويدور كالخذروف حيرةً في كنه عمالقة «جافام»، جوجل، أبل، فيسبوك، أمازون، مايكروسوفت؟ الاقتصاد ومذاهبه ونظرياته وتحليلاته لا تجدي نفعاً في محاولة فهم الظاهرة التعملقيّة. وسائط الإعلام العربية، يبدو أن بينها وبين القضايا المهّمة جفاءً قديماً، وثمّة من يرى أنها تحبّ أن تكون الأبواب موصدةً دون عزف الرياح، فالفضائيات تحديداً لا يخطر ببالها أن تدعو ثلاثة أو أربعة من أساتذة الاقتصاد السياسي، إلى الأستوديو في ندوة تطرح فيها أسئلة براغيثها ناخزة واخزة. مثلاً: هل العالم يشهد نشوء أشكال جديدة من الرأسمالية المتغوّلة؟ كل واحدة من تلك الشركات الخمس قيمتها قرابة تريليون دولار. على المرء في أنظمة التنميات المتعثرة أن ينطق الرقم بطريقة مخففة: مليون مليون، أو ألف مليار، والأفضل مثل القدامى: «ألف ألف ألف ألف»، حتى لا يصاب المخ بالارتجاج. هذا الرقم الاثنا عشري الأصفار يعادل الناتج القومي الإجمالي لهولندا، التي تحتل المرتبة السابعة عشرة في قائمة أغنى الدول. الخمس معاً يعادل رقمها الناتج القومي الإجمالي لليابان أو ألمانيا.
من المنطقي السؤال: إلى أين الرأسمالية؟ ماذا لو انفلتت تلك المؤسسات العملاقة من عقالها الذي يربطها ولو بمقدار شعرة بالإمبراطورية؟ عمليّاً، وحتى ولو نظريّاً، لم يعد لها حبل سُرّي يشدّها إلى أمّها الإمبراطورية. ماذا لو تصرّفت على هواها مطلقةً العنان لنفسها في مقدّرات دول العالم التي لا نيوب لها؟ مايكروسوفت يعمل بنظام تشغيلها «ويندوز» أكثر من 88% من حواسيب العالم. العنوا إبليس، لكن اسمحوا له بوسوسة صغيرة: ماذا لو أغلقت مايكروسوفت النوافذ قائلةً لكم: اصنعوا شبابيككم بأيدي نجّاريكم؟
سخرية الاقتصاديين لاذعة لاسعة. يقولون في شأن فيسبوك التي لا تأخذ فلساً من المستخدمين: «إذا كانت الخدمة مجّاناً، فمعنى ذلك أنك أنت السلعة». هم يعرفون كل شيء عن ذوقك ميولك، مأكلك، مشربك، ملبسك، هداياك، هواياتك، قراءاتك، مشاريع أثاثك وديكورك وعطلاتك، كل صغيرة وكبيرة ويبيعونها للشركات التي تغرقك بالإعلانات، وفي تلك الموسوعة سيول من السيولة. أيّ اقتصاد في العالم بل في التاريخ انطلق من الصفر وبلغت أرقامه التريليون دولار في أقل من عقدين؟ ما أكثر الذين يرعبهم اليوم مستقبل الذكاء الاصطناعي ومدى سيطرته على شرايين حياة البشر. فكيف لا تتراءى لهم أشباحه مضروبةً في ألف إذا صارت تلك الشركات الأخطبوطية هي الممسكة بمقاليد مردة الآلات الذكية؟
لزوم ما يلزم: النتيجة التصعيدية: ثمّة شركات أخرى تتعاظم على الطريق، فماذا لو فكرت معاً في تأسيس إمبراطورية «أوف شور» متحررة من القوانين والأعراف والالتزامات الدولية؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/425nd5bd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"