ذاكرة الآباء علم

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

أكاد أجزم بأن كل واحد منا اتخذ في مرحلة ما من مراحل حياته قراراً مهماً وحيوياً وكبيراً، فضلاً عن القرارات اليومية الاعتيادية. هذا الجزم ليس تخميناً أو توقعاً، بقدر أنه حقيقة نعيشها جميعاً، وكما يقال، فإن معظمنا قد نال نصيبه من القرارات الصحيحة أو الخاطئة، القرارات التي أسعدته، أو تلك التي أحزنته.
ولأن موضوع القرارات حيوي ومهم، ويمس حياتنا، ويتأثر بها الكثير من الناس، إما سلباً أو إيجاباً، نجد أنه كان موضوع كثير من الدراسات والبحوث، وهناك كثير من الآراء والخبراء ممن تحدثوا عنه، ولا ننسى كبار السن ممن عاصروا أحداثاً كثيرة، ومروا بصعوبات عديدة حتمت عليهم التعامل معها واتخاذ قرارات عاصفة وقاسية. 
لذا، الجلوس عند الآباء والأجداد، والاستماع لقصصهم، وما مروا به، يعتبران من الدروس الحياتية الثمينة، وأيضاً الشحيحة، التي لا تقدر بثمن، لأنها تخرج جوهر الحياة، وتمنحك مهارات التعامل الأمثل والصحيح، مع كل ما يمر بك ويعترض طريقك، بل إنها قد تؤسس لنظرة عامة في كيفية التصدي للهموم، أو للعقبات والصعوبات، التي من المتوقع أن يمر بها كل واحد منا، تعطيك الخبرة والمعرفة اللازمة، للتعامل مع الموقف عند وقوعه، وردة فعلك تجاهه، ثم خطوات القرارات التي تستهدف المعالجة والتعامل.
والحقيقة أن الاستفادة من الآباء والأجداد، واستقاء الخبرات من معين مسيرتهم، والاستماع لقصصهم، والمواقف العصيبة التي تعرضوا لها، تعتبر دروساً قيمة لا مثيل لها في مجال المعرفة والتربية وزيادة الثقافة، فضلاً عن الوعي وفهم الحياة بشكل أدق وأعمق.
وتعتبر تلك القصص والمواقف التي تمتلئ بها ذاكرتهم علماً نقياً مبنياً على براهين الواقع الذي تعاملوا معه، ونجحوا في تليينه وتجنب قسوته. ومع الأسف أن البعض يفوت على نفسه، هذا الكنز المعرفي، وينشغل عن أبيه أو جده، ولا يجلس معهم جلسات مطولة، أو في جلسته، لا يحث ذاكرتهم على السرد والتحدث عما مروا به قبل عقود من الزمن. البعض قد يقول إن ظروف حياة الآباء والأجداد تختلف تماماً عن حياة جيل التقنيات الحديثة، وثورة الاتصالات. وبالتالي، فإن المواقف وما مروا به، لا فائدة منها، وهذا الكلام صحيح، في جانب واحد، وهو اختلاف الظروف الحياتية والمعرفية بين الجيلين، لكن تبقى مهارة التفكير، والتعامل، مع الصعوبات التي تتطلب قراراً، فناً، وعلماً، ومعرفة، يستند إليها الآباء والأجداد، ونحن في أمسّ الحاجة لهذه المهارة والفن.
 [email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2nanx4cm

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"