عبدالرحمن منيف

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

احتفل محرك «جوجل» قبل يومين بالروائي عبدالرحمن منيف (1933-2004)، وهو تقليد محترم يذكر الصحافة الثقافة العربية على الأقل بالقيمة المعنوية والأدبية لكتّاب وفنانين وموسيقيين ومسرحيين وتشكيليين ومعماريين ومغنّين من الوطن العربي، بعضهم طواه النسيان تماماً، فلا ذكر في الصحافة وفي الإعلام عموماً لذكرى ميلادهم أو ذكرى رحيلهم، كأن بعض الكتّاب العرب لم يكونوا أصلاً كتّاباً ولهم دور أدبي ونقدي ممتاز في الحياة الثقافية العربية، في النصف الأول والثاني من القرن العشرين، لا بل إن بعض الكتاب العرب غابوا عن هذه الفانية منذ سنوات قليلة، ومع ذلك تعمل آلة النسيان على طمس التاريخ الثقافي لهؤلاء الأعلام والرموز العربية المؤثرة في الشعر والرواية والفكر والنقد والفنون.
مقابل كل هذا التجاهل، يأتي «جوجل» ليعوّض عن الحيف والنكران اللذين أصابا الكثير من ضمائرنا العربية الأدبية، ومن بين هذا الصف الرائع من قدامى الروائيين العرب يعود إلى الذاكرة عبدالرحمن منيف الاسم العربي بامتياز، فهو أردني، وعراقي، وسعودي، وسوري، ومصري في آن واحد، إذا تتبّعت أماكنه ومدنه وبلدانه العربية. وفي كل مكان عربي أثر لعبدالرحمن منيف هو شاهد على عروبية الرجل، ونزعته الإنسانية الكونية، وشفافية قلمه الذي كرّسه لأدب روائي عربي عالمي أيضاً بإشاراته وعلاماته الإنسانية أولاً وأخيراً. بهذه المناسبة، سأقرأ لك بعض الصور الحميمة التي كتبها صاحب «مدن الملح» في كتابه الحنيني العذب: «سيرة مدينة - عمّان في الأربعينات»، حيث ولد في العاصمة الأردنية في أوائل ثلاثينات القرن العشرين، لكن هناك من يرجع مسقط رأسه إلى السعودية.
الخبير الاقتصادي ذو العقلية العلمية والذي سيصبح واحداً من ألمع كتّاب فن الرواية في الوطن العربي يكتب عن أول ظهور للراديو في الأردن «في بيوت الأغنياء فقط»، ويكتب عن البرتقال اليافاوي الذي يصل إلى سوق الخضرة في عمان بكامل رائحته العطرية، ويكتب عن سقف السيل، وسبيل الحوريات، والسكر الأبيض، والسكر الأحمر، يكتب عن مدارس الأربعينات والخمسينات في عمّان، وعن أسواقها وعمّن راهن على انتصار هتلر.
«سيرة مدينة» لعبدالرحمن منيف ليس سيرة مكان فقط، بل هو سيرة مرحلة ثقافية واجتماعية واقتصادية ونفسية شهدها الأردن قبل أكثر من سبعين عاماً تحوّلت في ذاكرة منيف إلى حنين وسرديات حكائية.
عبدالرحمن منيف هو الآخر ذاكرة وتاريخ أدبي وعلامة روائية فارقة في السرد العربي، وكرّمته الإمارات في عام 1989 بجائزة العويس الثقافية في دورتها الثانية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yryv47za

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"