مُنيف على «غوغل»

جميل أن يحتفي محرك البحث «غوغل» بالروائي والكاتب السعودي – العربي عبدالرحمن منيف، فبمناسبة مرور تسعين عاماً على ولادته في 29 مايو/ أيار 1933، اختار «غوغل» أن يتصدر «بروفايل» منيف صفحته، ولن نقول إنه ذكّرنا بالرجل وإنجازاته، فذكراه حاضرة في المشهد الإبداعي العربي. ويُشهد لمؤسسة سلطان بن محمد العويس أنها كانت أولى المؤسسات العربية التي كرّمت منيف في حياته، حيث منحته جائزتها في دورتها الثانية عام 1989، كما أنه نال جائزة ملتقى القاهرة للإبداع الروائي في دورتها الأولى عام 1998، وعقب عام من وفاته في 24 يناير/ كانون الثاني 2004، أُهدى ملتقى القاهرة للإبداع الأدبي الثالث الذي انعقد تحت عنوان «الرواية والتاريخ» إلى اسم منيف تكريماً له.
 وفاة منيف عن 71 عاماً لم تؤد إلى غياب ذكراه وأدبه عن دائرة اهتمام القراء والنقّاد والمتابعين، فهو ما زال حاضراً وبقوة، وقبل أسابيع أتينا على ذكر كتاب الباحث السعودي محمد عبدالرزاق القشعمي: «عبدالرحمن منيف في عيون مواطنيه»، الذي رصد وجمع، لأول مرة، كل ما نشر عن منيف في الصحافة والمؤلفات السعودية، ليقدّم لنا بانوراما يحتاجها الباحث في سيرته وأدبه.
 عاش منيف طوال حياته في خضم التحولات التي شهدتها مجتمعاتنا العربية، اجتماعياً وسياسياً وثقافياً، ليس لجهة انحيازه لقيم التقدّم والحداثة والتنوير والحرية فقط، وإنما أيضاً تقديم ذلك أدبياً في مجمل رواياته، ومن بينها روايته «شرق المتوسط»، التي عاد لتناول موضوعها، بمقاربة أشمل، في روايته «الآن.. هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى»، ومن بينها ثلاثيته المهمة «أرض السواد»، عن تاريخ العراق وتحوّلاته، ونعلم ما شدّ منيف إلى العراق، من روابط عائلية، كما أنه عاش في بغداد فترة، وعمل سنوات عدة في مجلة «النفط والتنمية» لكونه درس اقتصادات النفط ونال فيها شهادة الدكتوراه من بلغراد، في يوغسلافيا السابقة. مكّنت هذه الخلفية الأكاديمية عبدالرحمن منيف في الدراسات المتصلة بالنفط واقتصاداته، أن يقارب موضوع تاريخ النفط في وطنه السعودية، في خماسيته «مدن الملح» التي ستظل العمل الروائي والأدبي الأهم والأبرز عربياً في تتبع مقدمّات اكتشاف النفط، ومراحل هذا الاكتشاف الأولى، وما تركه ذلك من هزة طالت بنى المجتمع على أكثر من صعيد، وإرهاصات وبدايات تشكل اقتصاد جديد لم تألف المنطقة مثيلاً له قبل ذلك، وأثره ليس في تكوين نمط وعلاقات إنتاج جديدة فقط، وإنما أيضاً أثره في تفكيك بنى تقليدية راسخة وتأسيس بنى جديدة، ما يجعل من هذه الخماسية مرجعاً لا غنى للمهتم من العودة إليه.
[email protected]