عادي
رحلة العمر للملايين من ضيوف الرحمن

ذنوب لا يمحوها الحج

22:59 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

اقتربت رحلة العمر للملايين من ضيوف الرحمن، ويستعد هؤلاء للسفر من كل بلاد العالم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة لأداء مناسك الحج والعمرة، يرجون الله عز وجل أن يعودوا إلى ديارهم بحج مبرور، أتقياء أنقياء كيوم ولدتهم أمهاتهم.. ويسأل البعض هل يخلّص الحج الإنسان من كل ذنوبه؟ وما حكم من يظلم أو يأكل أموال الناس بالباطل ثم يذهب لأداء مناسك الحج؟ وهل يقبل الله توبته؟

الصورة

يؤكد د. شوقي علام، مفتي الديار المصرية أن الله سبحانه وتعالى رحيم رؤوف بعباده، وهو سبحانه وتعالى القائل في كتابه الحكيم: «وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى»، فهو سبحانه يغفر ذنوب من تاب من ذنوبه مخلصاً، وردّ المظالم لأصحابها، وثبت على توبته وعمل الصالحات، والحج فريضة تساعد الإنسان على هذه التوبة الصادقة، ويكفي أن يحج المسلم ويحرص على آداب وأخلاقيات الفريضة، فلا يرفث ولا يفسق، ولا يضايق رفاقه، ولا يشغل نفسه ومن معه بجدل عقيم، ليغفر الله له ذنوبه ويخلصه من آثامه.

ويضيف: هذه ثمرة طيبة من ثمار العبادات التي يؤديها المسلم بصدق وعزيمة، لأن عبادات الإسلام لها أهداف سامية، في مقدمتها تطهير المسلم من ذنوبه وتخليصه من معاصيه.

ويشير إلى أن باب التوبة مفتوح لكل المذنبين والعصاة في كل وقت، فالله سبحانه وتعالى يقبل توبة المخلصين الجادين في التوبة.

وينصح مفتى مصر كل الحجاج أن يبرّئوا ذمتهم من كل ما علق بها من حقوق العباد قبل سفرهم لأداء مناسك الحج، وأن تكون نفقتهم كاملة من مال حلال لا توجد فيه أية شبهة حرام، وأن يسترضوا من ظلموهم ويطلبون منهم العفو إن وجدوا، فهذه أفضل تهيئة نفسية وأخلاقية لأداء فريضة هدفها الأسمى تطهير نفس المسلم من الذنوب والآثام.

توبة وتهذيب

عن دور الحج في تهذيب سلوك الإنسان ووضع أقدامه على طريق الطاعة والبعد عن المعاصي يوضح د. علام أن العبادات المفروضة على الإنسان تهذب سلوكه، فالمسلم الحريص على أداء العبادات والتكاليف الدينية من صلاة وصوم وزكاة وحج وغير ذلك من الطاعات من المفترض أنه شخص مثالي السلوك، جميل الأخلاق، يعرف حقوق الآخرين ويفي بها، لا يكذب، ولا يغش، ولا ينافق، ولا يخون، ولا يغتاب، ولا يقترف ذنبا من الذنوب، وإن فعل فهو يبادر بالتوبة، والله سبحانه وتعالى يقبل توبة عباده المخلصين.

ويطالب د. علام هؤلاء الذين يعتقدون أن علاقتهم بدينهم تتوقف عند أداء العبادات بمراجعة أنفسهم، فهم من وجهة نظره «مخطئون ولا يفهمون دينهم فهما صحيحاً»، ويقول: العبادات ليست كل الإسلام، ولذلك فإن الذين تراهم يصلون ويصومون ويزكون ويحجون، لكنهم لا يؤدون حقوق الناس، ولا يحفظون ألسنتهم عن الخوض في الأعراض، ولا يحفظون عيونهم عن تتبع العورات، ولا يطهرون قلوبهم من الحقد والحسد، ولا يحفظون بطونهم من أكل الحرام.. فليس لهؤلاء من هداية الإسلام نصيب.. هم مسلمون بالشكل فقط.

وعن الذنوب التي يكفّرها الحج، يقول عالم الشريعة الإسلامية الأزهري د. فتحي عثمان الفقي عضو هيئة كبار العلماء: الحج يكفّر صغائر الذنوب مطلقاً.. أما الكبائر المتعلقة بحقوق الناس فإن كانت مالية كدين عليه أكله ظلماً وعدواناً فلا يكفّره الحج ولا بد من وفاء دينه، وأما الكبائر المتعلقة بحق الله تعالى فإن كانت مثل الإفطار في رمضان بغير عذر فيجب عليه قضاؤه ولا يكفّره الحج.

ويحث د. الفقي كل المسلمين على التقرب إلى الله بالعبادات والطاعات وأعمال الخير، والحرص على الفضائل، وتجنب الرذائل، فحصيلة كل ذلك توبة صادقة، وتطهر من الذنوب والآثام.. ويقول: كل طاعة يفعلها المسلم وكل عبادة يحرص عليها صالحة لتكفير ذنوبه وتخليصه من آثامه، فالصوم يكفر الذنوب، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتجلب لصاحبها عفو الله ورحمته، والزكاة تطهر المسلم من كثير من ذنوبه وآثامه، فإذا فعل المسلم ما يكفر ذنوبه من الطاعات والعبادات والقربات ولم تبق ذنوب وآثام كتبت بعباداته وطاعاته المتكررة حسنات، ورفعت بها درجات، وعلى المسلم أن يحرص على كل عبادة أو طاعة تخلصه من ذنوبه، وتضاعف من أجره وثوابه عند الله سواء أكانت صلاة أو صياماً أو زكاة أو حجاً أو عمرة أو صدقات تطوعية وعطفاً على الفقراء والمساكين وغير ذلك من أعمال الخير.

وعن كيفية الوصول إلى (الحج المبرور) يشير د. الفقي إلى أن قول الله سبحانه وتعالى: «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب».ويؤكد أن هذه النصوص وغيرها مما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة عن الحج تؤكد أن هذه الفريضة ليست مجرد طقوس شكلية يؤديها المسلم في أيام وأماكن محددة، كما يعتقد البعض.. بل هي عبادة روحية تترك أثرها في حياة من يؤديها على الوجه الأكمل.

وينصح د. الفقي كل حاج أن يلتزم بالآداب والأخلاقيات الواجبة على المسلم في كل عباداته، ويقول: الحج ليس رحلة ترفيهية لكي يشغل المسلم نفسه خلالها بأساليب الترفيه، وينشغل بسلوكيات عبثية ومظاهر حياة يغلب عليها الترف تؤدي به في النهاية إلى إهدار ماله وإضاعة جهده ووقته فيما لا يفيد.

الرفث والفسوق

1
د. فتحية الحنفي

توضح د. فتحية الحنفي، أستاذة الشريعة الإسلامية بالأزهر معنى الرفث والفسوق والجدال المنهي عنها في الحج من خلال قول الحق سبحانه وتعالى: «فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج»، أن هذه الآية الكريمة توضح جانباً من الآداب والأخلاقيات الكريمة التي ينبغي أن يتحلى بها الحاج خلال رحلته الإيمانية، فمن نوى وأوجب على نفسه الحج وأحرم به فعليه أن يتجنب معاشرة الزوجة وكل ما يؤدي إلى ذلك، فهذا هو معنى «الرفث»؛ أما «الفسوق» فالمراد به الابتعاد عن كل قول أو فعل يكون خارجاً على آداب الإسلام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/37ree7ju

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"