مارلين سلوم
ما الذي تغيّر في الدراما العربية؟ فعلياً، هناك نقاط إيجابية بدأت تضيء لتلفتنا إلى أن هناك بوادر تغيير، وهناك استجابة لكل رغبات المشاهدين ومطالباتهم بضرورة الانتقال من مرحلة «البلطجة» إلى الواقع الحقيقي الذي نجده في بيوتنا وأحيائنا؛ بدأنا نرى أنفسنا ومشاكلنا وأفراحنا، وربما يومياتنا، تتجسد ببساطة وسلاسة على الشاشة.
من المسلسلات الجميلة التي استطاعت ببساطتها وخفّتها جذب الجمهور وسرقة الأضواء لتحتل المراكز الأولى تلقائياً- وليس بالاحتيال والغصب وليّ الذراع- الترند، مسلسل «مذكرات زوج» الذي كان حديث الناس والسوشيال ميديا في رمضان، رغم أنه من الدراما «اللايت»، ولا يتعدى ال١٥ حلقة، لكنه نجاح يثبت أننا نشتاق إلى الدراما الاجتماعية العائلية المنعشة والقريبة من القلب، دراما «مهذبة»، أي أن الألفاظ فيها تحاكي البيئة والعصر من دون أن تنقل إلى الشاشة أردأ ما يمكن أن تسمعه في الشوارع، ومن دون أن تجعل «السوقية» هي لغة الأبطال، أيّاً كان مستواهم التعليمي والاجتماعي.
«مذكرات زوج» مأخوذ عن رواية للكاتب الراحل الكبير أحمد بهجت، وكتب له السيناريو والحوار الكاتب محمد سليمان عبد المالك، وأخرجه تامر نادي، كاتب السيناريو تأثر بالراحل أحمد بهجت، كما قال، واختار أحد مؤلفاته ليحوله إلى عمل درامي، والأهم أنه احترم المؤلف ولم يشوّه العمل، بل وضع لمسات قرّبته من العصر ومن أسلوب حياة اليوم؛ صدّقنا الشخصيات، ومعاناة كل منها النفسية، واقعية جداً، لا بد أن تجد فيها شيئاً منك، أو من أحد أقربائك أو أصدقائك ومعارفك، وربما جيرانك.. وربما من باب الصدفة أن يعالج المشاكل الزوجية وأزمة منتصف العمر في الوقت نفسه الذي شاهدنا فيه عملاً آخر يتطرق إلى العلاقات الزوجية «الهرشة السابعة»، لكن لكل منهما لونه وطريقته في تناول الأزمات، ولكل منهما نظرته في الجوانب التي تناولها، لذلك لم يتعارضا، ولم يتقاطعا، بل نال كل منهما نصيبه من النجاح.
اختيار الأبطال لعب دوراً في نجاح المسلسل، طارق لطفي مناسب جداً لأداء شخصية رؤوف، جعلنا نحبه حيناً، ونتعاطف معه، ثم ننقلب عليه لنقف في صف زوجته التي جسدتها عائشة بن أحمد، كما يجب أن تكون المرأة الموسوسة بفكرة المثالية والنموذجية والتي تعاني في داخلها أزمة وضعفاً كانت ترفض الاعتراف بهما إلى أن هزتها الصدمة؛ وخالد الصاوي الرائع بدور الدكتور طه، شكّل ثنائياً جميلاً جداً مع سما إبراهيم، وإدوارد وعمر الشناوي وسارة الشامي وحازم إيهاب، وعدد من النجوم.
واقعية المسلسل في أنه يدفع الإنسان للبحث في ذاته، وفي أعماقه عن علاجه النفسي، ويقدم المرشد الاجتماعي والطبيب النفسي والمعالج الروحاني والعالم بتحركات النجوم والفلك.
