عادي

باخموت.. نقطة تحوّل بعد معركة طويلة

00:23 صباحا
قراءة 4 دقائق
أثار الدمار الواسع في مدينة باخموت جراء المعارك

كتب: المحرر السياسي

شهدت الأشهر الأخيرة في الصراع الروسي الأوكراني تحركات بنّاءة في محاولات لإيجاد حلول دبلوماسية مفيدة للطرفين، إذ اقترحت الصين حلّها الخاص لرأب الصدع، تلاه «تحالف السلام» الذي طرحه الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إضافة إلى مبادرة السلام التي أطلقتها ست دول إفريقية، والدبلوماسية الروحية للبابا فرنسيس.

في غضون ذلك، يواصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حشد الدعم العالمي، حيث سافر، مؤخراً، إلى جدة لطلب الدعم من القادة العرب في قمتهم الأخيرة، ثم ألقى كلمة في قمة مجموعة السبع التي عقدت في مدينة هيروشيما اليابانية، حيث دعا قادتها إلى منع الحروب المستقبلية من خلال ضمان تزويد أوكرانيا بأسلحة جديدة، وفرض عقوبات على موسكو.

وفي الأسابيع الأولى من الصراع، تقدمت روسيا بسرعة واستولت على العديد من المناطق في أوكرانيا، بما في ذلك بعض ضواحي كييف والعديد من المناطق في الشمال الشرقي حول سومي. وقصفت القوات الروسية مدينة خاركيف وسيطرت على مناطق في الشرق والجنوب حتى خيرسون، وحاصرت مدينة ماريوبول. ومع ذلك، وبفضل الدعم العسكري الغربي القوي لأوكرانيا الذي وصل بحلول أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تغيّرت الصورة بشكل كبير. وانسحبت روسيا من الشمال وفشلت في الاستيلاء على كييف. واستعادت القوات الأوكرانية خاركيف وشنت هجوماً مضاداً حول خيرسون.

معركة باخموت

والمعركة الأخيرة التي تمت مناقشتها هي تلك التي خاضها الطرفان في باخموت، والتي سميت بأطول معركة في الصراع الأوكراني الروسي. وتقع هذه المدينة في موقع مهم جغرافياً، ويُنظر إليها على أنها مفتاح لتأمين منطقة «دونباس» بأكملها.

وبدأ الهجوم على مدينة باخموت من قبل القوات الروسية ومقاتلي مجموعة «فاغنر» في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وبحلول بداية عام 2023، انسحبت القوات الأوكرانية من بلدة سوليدار الواقعة في شمال باخموت. وفي الثامن من مايو/ أيار، أكدت كييف انسحاب قواتها من بوباسنا، التي تقع على بعد نحو 24 كيلومتراً من شرق المدينة. وتم لفت الانتباه إلى ساحة المعركة، عندما قال مالك شركة «فاغنر» الأمنية الروسية، يفغيني بريغوجين، إن قواته بدأت الانسحاب من مدينة باخموت شرقي أوكرانيا وسلمت مواقعها للجيش الروسي.

وهناك آراء مختلفة حول ما إذا كان هذا سيثبت أنه نقطة تحوّل في الحرب، لكن من الواضح أن الأمر يعتمد الآن على الهجوم المضاد الذي وعدت به أوكرانيا منذ أشهر، إذ صرح الرئيس الأوكراني زيلينسكي بأن باخموت «ليس محتلة» من قبل روسيا.

ومن بين نقاط النقاش السائدة هي أهمية هذا الصراع الفرعي بالنسبة للكرملين. فمن ناحية، تعتبر باخموت جائزة أقل قيمة بكثير من محاولة الاستيلاء على كييف، لكنها من ناحية أخرى منطقة رئيسية من حيث هدف روسيا المتمثل في الحفاظ على سيطرتها على منطقتي دونيتسك ولوغانسك، خاصة بعد الاستفتاءات والضم التشريعي للمنطقتين، في العام الماضي.

الدعم الغربي

وفي المقابل، فإن موقف أوكرانيا واضح، حيث ستنظر في خطة سلام فقط إذا استوفت شرطها المركزي، وهو إعادة ترسيم حدودها قبل عام 2014، بما في ذلك توحيد شبه جزيرة القرم داخل أراضيها.

وسعى زيلينسكي مراراً وتكراراً للحصول على دعم عسكري من حلفاء أوكرانيا الغربيين، وقد خصصت عدة دول بالفعل، أموالاً وموارد كبيرة لهذا الجهد، ما يدل على استثمارها في النتيجة.

وحصلت أوكرانيا بالفعل على مساعدات عسكرية جديدة، إذ أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن حزمة جديدة بقيمة 375 مليون دولار، إضافة إلى مساعدات بقيمة 1.2 مليار دولار تم الإعلان في بداية شهر مايو/ أيار، بينما وافقت كندا ولاتفيا على تدريب الجنود الأوكرانيين بشكل مشترك على الأراضي اللاتفية، وهذا يضاف إلى جهود التدريب الكندية الحالية في بولندا وبريطانيا.

وفي هذا السياق نقلت مجلة «فورين بوليسي» عن مصادر مطلعة أن لجنة «هلسنكي» المكونة من الحزبين، الديمقراطي والجمهوري الأمريكيين، قدمت رسالة إلى البيت الأبيض تحث فيه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على منح الضوء الأخضر لإرسال أنظمة الصواريخ التكتيكية بعيدة المدى «ATACMS» إلى أوكرانيا، وهو سلاح يمكن من خلاله إطلاق صواريخ يصل مداها إلى 200 ميل، تقريباً.

ويعتقد بعض أعضاء الكونغرس والمسؤولين الأمريكيين أن أرسال شحنات من أنظمة صواريخ «ATACMS» إلى أوكرانيا يمكن أن تكون حاسمة في مواجهة القوات والسفن والقواعد الروسية على الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها موسكو.

ويأتي الدفع المتجدد لإرسال أسلحة طويلة المدى إلى أوكرانيا في الوقت الذي بدأت فيه كييف الاستعداد لهجوم الربيع الذي طال انتظاره، حيث أصابت العمليات مناطق في خط المواجهة الروسي، بما في ذلك أهداف عبر الحدود في منطقة بيلغورود الروسية. ويصر المشرعون الأمريكيون على أن إرسال أنظمة «ATACMS» سيساعد الأوكرانيين على تحقيق النصر. وكتبوا أن «الهزيمة أو حتى الجمود العسكري ضد روسيا سيكون كارثة على أمننا القومي وتضمن تجدد الهجمات الروسية على أوكرانيا وعدواناً أوسع في أوروبا». وبمجرد أن تحقق أوكرانيا النصر وفقاً لشروطها، فإن نظام صواريخ «ATACMS»، إلى جانب الأسلحة الأخرى طويلة المدى والمتقدمة، سيكون وسيلة أساسية لردع وتقييد الهجوم الروسي في المستقبل.

ومع ذلك، وكما فعلت طوال الحرب، عرضت إدارة بايدن عدداً من الأسباب لعدم إرسال أسلحة بعيدة المدى إلى أوكرانيا. وأعرب المسؤولون عن قلقهم من إصابة أوكرانيا لأهداف في روسيا، ما قد يؤدي إلى تصعيد الحرب. وتتطلب خطط الحرب الأمريكية أيضاً الاحتفاظ بأنظمة «ATACMS» وفيرة في حالة نشوب حرب مع الصين، أو روسيا، أو كوريا الشمالية. لكن قرع طبول إرسال أنواع الأسلحة التي تحتاجها أوكرانيا جرى بعد أشهر طويلة من حملة الضغط التي قادتها بريطانيا لتدريب الطيارين الأوكرانيين على طائرات «إف 16».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrx2rmyr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"