أنت من فتح لهم الباب

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

من دون شك أن الحياة الاجتماعية على درجة عالية من الأهمية والحيوية لنا جميعاً، ولا يمكن أن تتصور إنساناً يعيش في عزلة، أو في بعد عن الناس والتفاعل معهم. نحن نحتاج إلى الزمالات والصداقات، والشعور بالمقربين منا، والأقارب. ومع مثل هذه البدهية، والأهمية للتواصل مع المجتمع وأفراده، فإن هناك سلبيات تحدث؛ بل إنه من الطبيعي نشوء الكثير من الخلافات، ووقوع كثير من التباينات في وجهات النظر، ثم قد تتطور مثل هذه الفجوات، لتصل إلى مرحلة من الابتعاد، والخصام، والعراك، وهذا واقع في حياتنا الاجتماعية، ونعيشه ونتعايش معه بشكل متكرر.
هذا العصر يتميز بالتقنيات الحديثة، وثورة الاتصالات، ونشاهد تطوراً متتالياً ومستمراً في مواقع التواصل الاجتماعي، والسهولة التي باتت تستند عليها؛ حيث يمكن لكل واحد منا الكتابة بشكل عفوي وسريع، من دون رقيب أو تدقيق؛ بل حتى دون تفكير، وبضغطة زر يتم النشر على تلك المواقع، التي يقرأها قطاع واسع من الناس.
 وكما يعرف الجميع، فإن، الأمر تجاوز الكتابة، إلى بث مقاطع، يتم خلالها التحدث بشكل مباشر، ونتيجة لهذا البث المباشر السريع، وسرعة الكتابة، أو التقاط الصور، ثم سهولة نشرها، وفي غضون ثوان، يقع الكثير من الناس في أخطاء، إما بسبب الاستعجال، وإما بسبب عدم التأكد من المعلومات، وإما غيرها من الأسباب التي توضح بأن هناك خطأ قد وقع، وهناك من تضرر منه. باتت مواقع التواصل الاجتماعي، تحديداً، عاملاً من عوامل التوتر بين الأفراد، وتشكل ضغطاً على نفسية الكثير، خاصة عند الشعور بأن هناك من يصدر الأحكام، ما يسبب حالة من القلق، ومثل هذه الأحكام من الآخرين قد تكون مدمرة، أو تتسبب بانفصالات، أو مشاكل، في داخل الأسرة، أو في مقار العمل ونحوهما.
ولا ننسى تشويه الصورة الشخصية، والتنمر، وذكر معلومات خطأ، وكأنها صحيحة تماماً، وغيرها الكثير من أشكال الإيذاء، التي تقع بسبب الحياة الاجتماعية الرقمية، أو الاندفاع في التوسع في الصداقات، وبناء علاقات بشكل عشوائي، وتقبل كل إنسان، وإدخاله في حياتك الخاصة، من دون تمحيص أو تدقيق.
بطبيعة الحال، هذه الكلمات، ليست ضد الحياة الاجتماعية؛ بل هي تدعم هذا النهج، والتواصل مع الآخرين، وبناء علاقات قوية، محملة بالاحترام والتقدير، لكنها تنبه لنقطة جوهرية، وهي حماية النفس من التعرض للأذى، من أناس أنت من فتح لهم الباب، للدخول في حياتك، ومن ثم التسبب بإيذائك من الداخل.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4p77zud5

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"