عادي

احتدام القتال في السودان ينذر بـ«مجاعة».. والرياض وواشنطن تدعوان لهدنة جديدة

12:22 مساء
قراءة 4 دقائق

احتدمت الاشتباكات في عدة مناطق بالعاصمة السودانية، الأحد، بعد انتهاء سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه السعودية والولايات المتحدة- حسبما ذكر سكان في الخرطوم.
واستيقظ سكان الخرطوم على أصوات سقوط قنابل وتبادل نيران أسلحة ثقيلة مع دخول الحرب أسبوعها الثامن، فيما ذكرت وسائل إعلام محلية أن إقليم دارفور المتاخم لتشاد هو أيضاً مسرح قتال عنيف.
ودعت الرياض وواشنطن، طرفي النزاع في السودان للعودة إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار جديد، قبل يومين من زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إلى السعودية.
وبحسب بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية، الأحد، ما زال وفدا القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع موجودين في مدينة جدة، على الرغم من تعليق المحادثات وانتهاء وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام.
وقال البيان: إن «الميسرَيْن (السعودية والولايات المتحدة) على استعداد لاستئناف المحادثات الرسمية»، كما يدعوان الطرفين إلى اتفاق على وقف إطلاق نار جديد، وتنفيذه بشكل فعال بهدف بناء وقف دائم للعمليات العسكرية.
وجاءت الدعوة السعودية- الأمريكية، غداة قصف جوي ومدفعي هز الخرطوم، السبت، بغياب أي أفق للتهدئة في نزاع يواصل حصد الضحايا الذين أعلن الهلال الأحمر السوداني دفن 180 منهم من دون التعرف إلى هوياتهم.
وزادت حدة المعارك في الأيام الماضية بعدما لاقت الهدنة المؤقتة التي أبرمت بوساطة سعودية- أمريكية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، مصير سابقاتها بانهيارها بشكل كامل.

موسم المحاصيل الصيفية

يفترش مئات العمال المياومين مع أدواتهم الأرض في منطقة في ولاية القضارف جنوب شرقي السودان، في انتظار مزارعين يستعينون بهم، لكن هؤلاء يغيبون هذا العام على غير عادة مع بدء موسم المحاصيل الصيفية، بعدما أثّر النزاع في القطاع.
ويبدأ في منتصف أيار/مايو موسم هطول الأمطار في ولاية القضارف القريبة من الحدود مع إثيوبيا، والتي تنتج حوالي 40% من محصول السودان من الحبوب، ومع الأمطار يبدأ الموسم الزراعي الصيفي.
وتختلف بداية موسم الزراعة الصيفي، وهو الأهم في البلاد، جذرياً هذا العام عما سبقها، في ظل النزاع الذي اندلع اعتباراً من 15 نيسان/إبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
وبحسب المنظمة العربية للتنمية الزراعية، تسببت الحرب بـ«تشوهات كبيرة في البنية الإنتاجية لقطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني خصوصاً في مناطق احتدام الصراع في ولاية الخرطوم، غير أن القطاع الإنتاجي في كافة البلاد أصابه الشلل».
وأشارت المنظمة التي تتخذ من الخرطوم مقراً، إلى أن «انقطاع سلاسل الإمداد أدى إلى تحطيم كامل لمنظومات إنتاج الدواجن التي تتركز حول الخرطوم، وكذلك إنتاج الخضر والفاكهة».
وبدأ هطول الأمطار على أراضٍ تبقى مساحات شاسعة منها بلا أي زرع، وفق مراسل لوكالة «فرانس برس»، ما ينذر بصعوبات إضافية في بلاد كان ثلث سكانها يعانون الجوع حتى قبل بدء القتال.

تمويل متأخر

ولا تقتصر الأزمة على المياومين؛ بل تطال قطاعات أخرى متعلقة بالزراعة التي تمثّل 40% من الناتج المحلي للبلاد وتوظّف 80 في المئة من اليد العاملة.
وعلى الرغم من الوعود بتوفير الأموال، ومنها ما نقلته وكالة الأنباء السودانية (سونا)، عن رئيس تجمع القطاع المطري ياسر علي صعب لجهة التزام وزارة المالية والمصرف المركزي بتمويل المزارعين، فإن ذلك لا يبدد القلق بشأن مصير الموسم.
في مثل هذه الفترة من عام 2022، عانى السودان تكدّس المحاصيل لدى المزارعين جراء نقص الأموال الحكومية المخصصة لشرائها في ظل أزمة اقتصادية.
وبحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، شهد موسم زراعة الحبوب في السودان لعام 2022 والذي تم حصده في آذار/مارس الماضي، كميات من الذرة الرفيعة والقمح والدخن وصلت إلى 7,4 مليون طن.
وعلى الرغم من أن هذا الإنتاج مثّل زيادة بنسبة 45% عن الموسم السابق، فإن المنظمة رأت أن ذلك لا يزال غير كافٍ لتلبية احتياجات البلاد.

تعليق الاستثمار

وتؤكد الأمم المتحدة أن 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد سكان السودان، باتوا الآن بحاجة إلى المساعدة والحماية.
ويعد تحضير الأراضي قبل هطول الأمطار شرطاً أساسياً لموسم مثمر، وفق ما يؤكد المزارع حسين إبراهيم من القضارف.
ويوضح: «هناك مناطق هطلت فيها الأمطار وأصبح الوصول إليها صعباً جداً». ويضيف: «لن يستطيع كثير من المزارعين إيصال العمال أو البذور أو الوقود إلى مشروعاتهم (الزراعية)».
ويقطع إطلاق النار، الطرق، وتوقفت حركة الاستيراد والتصدير في البلاد إلى حد كبير، وسرقت مستودعات كثيرة، ويهدد كل ذلك بتسريع المجاعة في البلاد- بحسب خبراء.
وبدأت الظروف التي تمر بها البلاد تنعكس بشكل مباشر على الاستثمار؛ إذ أعلنت مجموعة «الحجّار» الاستثمارية الكبرى في البلاد والتي تعمل مع آلاف المزارعين، تعليق كل الأعمال الاستثمارية في السودان اعتباراً من أول مايو/أيار، وذلك إلى أن تسمح الظروف بعودة الأمور والأعمال إلى وضعها الطبيعي- بحسب «فرانس برس».
وأضافت المجموعة التي يعود تأسيسها إلى زهاء 120 عاماً، في بيان: «قررنا إعفاء كل العاملين من أي أعباء أو التزامات وظيفية بعد 30 يونيو/حزيران».

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8ety2y

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"