مصر وإيران

00:56 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

وسط ما اعتبر اختراقات في مسارات العلاقات بين دول المنطقة، ظهرت إشارات إلى تقارب مصري- إيراني وشيك، أو على الأقل مساعٍ في هذا الاتجاه.

  وحتى الآن، لا يمكن تصور الشكل النهائي لثمار هذه المساعي، خاصة أن القاهرة لم تعلّق بعد على ما أبدته طهران من ترحيب باستئناف العلاقات بينهما على مستوى يتجاوز رعاية المصالح المعمول به منذ عقود.

   وما أبداه المرشد الإيراني، علي خامنئي، من استعداد بلاده لعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين هو الإشارة الأبرز، حتى الآن، في هذا الصدد، خاصة أن التصريح جاء خلال زيارة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، لطهران، مؤخراً، وكان قبلها بأيام في القاهرة؛ حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

  وعلى الرغم من أن أياً من الطرفين المصري والعماني لم يتطرق، وقت الزيارة، أو بعدها، إلى موضوع علاقات القاهرة وطهران، أو قال إنه كان على جدول أعمال اللقاء بين السيسي والسلطان هيثم في العاصمة المصرية، فإن تقارير ذكرت أنه كان ضمن المباحثات. وهذا ما روجت له تقارير أخرى بعد زيارة سلطان عمان لطهران، مستندة هذه المرة إلى تصريحات خامنئي التي لم تجد صدى من الجانب المصري؛ بل سبقها مطلع مايو/أيار نفي من سامح شكري، وزير الخارجية المصري، لوجود مسار مصري إيراني.

 الترحيب الإيراني والنفي المصري لا يعنيان بالضرورة عدم وجود مساعٍ، وربما وساطة من طرف أو أكثر، وإنما يمكن تفسيرهما، أي الترحيب والنفي، بعدم بلورة مسلك بعينه أو تصور لما قد تمضي عليه العلاقات بين مصر وإيران. والأغلب أن القاهرة التي نفت وجود المسار ولم تنف الرغبة في استئناف العلاقات مع طهران بمستوى طبيعي، تضع لذلك اشتراطات أو مطالب لم تتحقق حتى الآن، وبالتالي لا تري أن شيئاً تغير يستحق التعويل أو التعليق عليه، خاصة أن التباعد بين الطرفين قديم، فهو قائم منذ 1979.

   والمؤكد أن ما تنتظر القاهرة تحقيقه من مطالب أو اشتراطات أو أسس لعلاقة طبيعية لا يرتبط كله بملفات مصرية خالصة، وإنما فيه ما يتصل استراتيجياً بتحركات إيران في عواصم عربية وعلاقاتها بدول الخليج وضمانات أمنه الذي هو خط أحمر في كل الخطابات المصرية ولا ينفصم عن الأمن القومي المصري.

  وعلى الرغم من أهمية خطى التقارب بين السعودية وإيران منذ اتفاقهما، في مارس/آذار الماضي، على إعادة العلاقات الدبلوماسية بوساطة صينية، وترحيب مصر به باعتباره يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة، فقد يكون من المرجح أن مصر لا تريد إعادة بناء العلاقات مع إيران على قواعد ثنائية، على الأقل فيما يتصل بالاستراتيجيات، وفي القلب منها الأمن القومي العربي، والحدود الفاصلة بين التعاون والتدخل المخلّ بسيادة أي جزء من الجسد العربي.

 ما لم تكن هذه الاستراتيجيات محور النقاش والاتفاق، وبشكل جماعي، يستبعد أن تتخلى القاهرة عن صمتها في هذا الملف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yje3tn23

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"