كلايد راسل*
قفزت واردات آسيا من الفحم الحراري المنقول بحراً إلى أعلى مستوى لها في مايو/ أيار، إذ حفزت الأسعار الأرخص رغبة المشترين داخل الاقتصادات النامية في المنطقة.
ومن المحتمل أن يتم تفريغ ما مجموعه 78.38 مليون طن من الوقود المستخدم في المقام الأول لتوليد الكهرباء في جميع أنحاء آسيا في مايو، وهذه هي أكبر الأحجام التي رصدتها بيانات محلل السلع الأساسية «كبلر» منذ يناير/ كانون الثاني 2017، والأعلى كذلك بحسب أرقام «ريفينيتف» القياسية التي تعود لعام 2015.
تأتي نتيجة مايو القوية على خلفية واردات كل من شهرَي مارس/ آذار، وإبريل/ نيسان، اللذين كانا ثاني وثالث أقوى الشهور على التوالي من حيث الأحجام، وفقاً ل «كبلر» نفسه.
ويأتي ارتفاع واردات الفحم الحراري مع استمرار انخفاض أسعار الوقود المنقول بحراً، وانخفاض درجتين من أكثر درجات السلعة شعبية إلى أدنى مستوياتها في 16 شهراً، ضمن الأسبوع المنتهي في 26 مايو.
وفي السياق، أغلق مؤشر نيوكاسل للفحم الأسترالي بطاقة تبلغ 5500 كيلو كالوري لكل كيلوغرام، عند 96.54 دولار للطن، الأسبوع الماضي، وفقاً لتقييم أسعار وكالة السلع الأساسية «آرغوس». وهي المرة الأولى منذ ديسمبر/ كانون الأول لعام 2021 التي ينخفض فيها المؤشر إلى ما دون مستوى 100 دولار.
أما مؤشر نيوكاسل للفحم الأسترالي الخاص بطاقة 6000 كيلو كالوري/ كغم، والرائد في تجارة الفحم في حوض المحيط الهادئ، فقد انخفض إلى أدنى مستوى في 22 شهراً، عند 146.78 دولار للطن في الأسبوع المنتهي في 26 مايو، وهو الآن منخفض بنسبة 67% عن أعلى مستوى قياسي له عند 442.89 دولار في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.
ومن المحتمل أن يكون الانخفاض الأكبر في سعر الفحم الحراري الأسترالي عالي الجودة، عند مقارنته بالدرجات الأقل، انعكاساً للطلب القوي على الوقود منخفض الجودة من قبل المشترين ذوي الحساسية للسعر في آسيا.
إلى ذلك، تراجع الفحم الحراري الإندونيسي بطاقة 4200 كيلو كالوري / كغم إلى 65.28 دولار للطن، وهو أدنى مستوى منذ يناير/ كانون الثاني 2022، وأكثر بقليل من نصف الذروة البالغة 120.86 دولار التي تحققت في مارس من العام الماضي في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.
ويتمتع هذان النوعان من الفحم الحراري (الأسترالي والإندونيسي) بشعبية كبيرة في الصين والهند، أكبر مستوردين للمادة في العالم، وكذلك في الاقتصادات الآسيوية النامية الأخرى، مثل فيتنام وتايلاند وماليزيا. وقد ظلت واردات الصين من الفحم الحراري عند مستويات مرتفعة في مايو، مع تقدير «كبلر» استقبال 28.24 مليون طن، أي أقل بقليل من 28.42 مليون طن في إبريل، و28.4 مليون في مارس من عام 2023.
لقد تحولت الصين إلى الفحم الحراري المنقول بحراً تلبية للطلب المتزايد على الكهرباء، فمحطات الطاقة الحرارية هناك ولدت 83 مليار كيلوواط / ساعة أكثر في الأشهر الأربعة الأولى من العام، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022. وزاد توليد الطاقة من الفحم مع معاناة الطاقة الكهرومائية النظيفة، والتي انخفض إنتاجها بمقدار 42 مليار كيلو واط / الساعة في الفترة ما بين يناير وإبريل، من العام الجاري.
في المقابل، عززت الهند، ثاني أكبر مستورد للفحم في العالم، مشترياتها من السلعة الاستراتيجية، مع استقبال 16.62 مليون طن في مايو، ارتفاعاً من 14.37 مليون في الشهر الذي قبله، كما أنها الكمية الأكبر منذ يوليو/ تموز من العام الماضي.
ويقود الطقس الأكثر سخونة من المعتاد والنمو الاقتصادي القوي واردات الهند، مع انخفاض الأسعار الذي يعني أن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم وبالوقود المستورد يمكن أن تحقق أرباحاً حتى عند البيع في أسواق الكهرباء الهندية ذات الأسعار المنظمة.
وفي غضون ذلك، يشهد المشترون الآخرون في الأسواق الآسيوية النامية ارتفاعاً في واردات الفحم الحراري، حيث من المتوقع أن تستورد فيتنام 2.90 مليون طن في مايو، ارتفاعاً من 2.09 مليون طن في إبريل، وهي الكميات الأكبر منذ يونيو 2020. كما أن من المتوقع أن تصل واردات ماليزيا إلى 3.26 مليون طن للشهر الماضي، ارتفاعاً أيضاً من 2.64 مليون للشهر الرابع من العام الجاري، وهي الأكبر منذ مارس 2020.
وبينما يؤدي انخفاض الأسعار والطلب المتزايد على الكهرباء إلى زيادة واردات الفحم الحراري في آسيا النامية، تشهد الاقتصادات المتقدمة هناك هدوءاً موسمياً معتاداً بين ذروتي الشتاء والصيف.
وتشير تقديرات «كبلر» إلى أن اليابان، ثالث أكبر مشتر للفحم في آسيا، استوردت 6.95 مليون طن من مختلف درجات الفحم الحراري في مايو، انخفاضاً من 8.55 مليون طن في إبريل، و10.60 مليون في مارس. كما استقبلت جارتها كوريا الجنوبية، التي تحتل المرتبة الرابعة على سلم ترتيب المستوردين العالميين، 6.03 مليون طن الشهر الماضي، انخفاضاً من 6.70 مليوناً في الشهر الذي قبله، و6.42 مليون طن في مارس. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هاتين الدولتين تميلان إلى تفضيل الفحم الأسترالي عالي الجودة، ذي السعر المنخفض أيضاً.
وبالنسبة لمتتبعي سوق «المناخ» و«الفحم» على حد سواء، تؤكد هذه البيانات من جديد أن الهند، إلى جانب الصين والشركاء التجاريين الرئيسيين في جنوب شرق آسيا، ستكون أهم الأسواق التي يجب رصدها للحصول على إرشادات بشأن واردات الفحم وانبعاثاته خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، وما بعده.
*كاتب ومحلل اقتصادي(رويترز)