عادي
الأسلحة الغربية تعبر شرقاً.. وموفد بابوي في الطريق

«القرصنة وحرب الحدود».. تكتيك جديد بين موسكو وكييف

22:01 مساء
قراءة 8 دقائق

الخليج - متابعات

تراهن أوكرانيا خلال الأيام الأخيرة على نقل الصراع من داخل الأراضي الأوكرانية إلى المنطقة الحدودية مع روسيا، وذلك من خلال دعم «مقاتلين قوميين روس موالين لأوكرانيا»، ومدهم بأسلحة حصلت عليها من دول غربية قاموا باستخدامها على الأراضي الروسية الحدودية، في محاولة أوكرانية لاختراق الدفاعات الروسية وتغيير المعادلة وتخفيف الضغط على المدن الأوكرانية، هذا من ناحية. كما عملت مؤخراً على زعزعة الثقة وبث الخوف في قلوب سكان القرى والمدن الروسية الحدودية مع أوكرانيا من ناحية أخرى، من خلال قصف تلك المناطق، فضلاً عن قرصنة وسائل الإعلام الروسية وبث رسائل وخطابات «زائفة»، تروّج لانتصار أوكرانيا وزحفها داخل الأراضي الروسية، كما حدث في تزييف خطاب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاثنين.

ويتوقع خبراء وجنود روس، أن تصعّد القوات الأوكرانية هجماتها على خطوط القوات الروسية لجس النبض، قبل إطلاق الهجوم الكبير.

وفي المقابل تقول موسكو، إنها تسيطر على الموقف، وإنها تكبد القوات الأوكرانية خسائر كبيرة في المناطق الحدودية، وإن قوات كييف لم تتمكن من اختراق الخطوط الروسية الحصينة.

باخموت تعود من جديد

أكدت أوكرانيا الاثنين تنفيذ «عمليات هجومية» في بعض القطاعات، معلنة إحراز تقدم قرب مدينة باخموت.

وكتبت نائبة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار على تطبيق تيليغرام: «إن العملية الدفاعية (لأوكرانيا) تشمل عمليات مضادة. من هنا، في بعض القطاعات، ننفذ عمليات هجومية».

وأضافت: «إن قطاع باخموت يبقى محور العمليات القتالية. نتقدم هناك على جبهة واسعة نسبياً، ونحرز نجاحات ونحتل المرتفعات. العدو في موقع دفاعي»، بحسب فرانس برس.

ومن جانبها، أكدت روسيا، الاثنين، أنها صدت هجوماً واسع النطاق في شرق أوكرانيا وجنوبها، مشيرة إلى أنها كبّدت الأوكرانيين خسائر جسيمة في العدد والعتاد.

وأكد قائد مجموعة فاغنر الروسية، الاثنين، أن قوات كييف استعادت قسماً من قرية بيرخيفكا الواقع شمال باخموت.

ولكن المسؤولة الأوكرانية في وزارة الدفاع، لم تدلِ بأي معلومات عن القرى الواقعة جنوب منطقة دونيتسك، وتلك المجاورة لزابوريجيا؛ حيث أكدت موسكو أنها صدت الجنود الأوكرانيين.

هجوم أوكراني

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان لم يقدم توضيحات، صدّ هجمات على «خمسة قطاعات من الجبهة في اتجاه جنوب منطقة دونيتسك» في صباح الرابع من حزيران/يونيو.

وأشارت في بيان ثانٍ إلى أنّ القوات الأوكرانية، تكبّدت خسائر كبيرة بالقرب من بلدة نيسكوتشني الواقعة في منقطة دونيتسك، وفي بلدة نوفوداريفكا الواقعة على الحدود بين هذه المنطقة نفسها وجنوب زابوريجيا.

وقالت إن القوات الأوكرانية لم تتمكن من اختراق الخطوط الروسية، متحدثة عن خسائر كبيرة في صفوف كييف.

ونشرت الوزارة الروسية ما قالت إنه تسجيل مصوّر للمعركة، أظهر مدرعات أوكرانية تتعرّض لإطلاق نار كثيف، من دون أن تحدد مكان القتال، ولا حجم خسائر موسكو.

وذكر البيان أن رئيس أركان الجيش الروسي، وقائد العمليات في أوكرانيا الجنرال فاليري غيراسيموف، «كان خلال هذه الفترة في أحد مراكز القيادة المتقدمة في هذا الاتجاه».

جس النبض

وفي تسجيل مصوّر نشره وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، الأحد، على «تويتر»، بدا جيش بلاده كأنه يدعو الجنود إلى التزام الصمت وأُرفق مقطع الفيديو بعبارة «الخطط تهوى الصمت».

ويتوقع خبراء وجنود روس أن تصعد القوات الأوكرانية هجماتها على خطوط القوات الروسية لجس النبض، قبل إطلاق الهجوم الكبير.

ونفذت القوات الأوكرانية هذا السيناريو من قبل في أيلول/سبتمبر 2022، عندما أعدَّ الجيش الأوكراني سراً هجوماً أفضى إلى استعادة منطقة خاركيف (شمال شرق) بأكملها تقريباً.

وأشارت موسكو إلى أن معارك تدور منذ فجر الاثنين، في منطقة فوغليدار في جنوب منطقة دونيتسك، ولكن أيضاً شمالاً على مشارف سوليدار وباخموت، المدينتين اللتين سيطرت عليهما روسيا بعد أشهر من المعارك.

ومع ذلك أفادت بأن الهجوم ليس كبيراً.

وقالت إن الأوكرانيين لم يرسلوا قواتهم الرئيسية إلى المعركة بعد. وعندما سيحدث ذلك، قد يكون في قطاع آخر من الجبهة.

وأشار وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن متحدثاً من نيودلهي إلى حصول معارك في محيط باخموت، وفي جنوب منطقة دونيتسك، من دون التعليق على أهميتها الاستراتيجية.

أسر جنود

ومنذ أسبوعين تتصاعد الهجمات والتفجيرات في منطقة بيلغورود الروسية الحدودية مع أوكرانيا، خلال معارك بين الجيش الروسي ومقاتلين روس موالين لأوكرانيا.

وخلال آخر عملية الأحد، احتجزت إحدى هذه المجموعات المسماة «فيلق الحرية لروسيا» والمؤلفة من روس يقاتلون إلى جانب أوكرانيا، أشخاصاً بهدف تسليمهم لكييف. وأظهر مقطع فيديو نحو 12 أسيراً، بينهم اثنان مصابان بجروح.

وأقر حاكم بيلغورود فياتشيسلاف غلادكوف، بأن القوات الموالية لأوكرانيا احتجزت أسرى من الجانب الروسي خلال اشتباكات عبر الحدود.

وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها أسر روس على الأراضي الروسية.

وأعلن غلادكوف على نحو غير مسبوق، أنه مستعد للتفاوض من أجل استعادة الأسرى، لكن المقاتلين الموالين لأوكرانيا، أكدوا في مقطع الفيديو، أن المسؤول الروسي لم يحضر إلى مكان الموعد.

وتركّز القتال في الأيام الأخيرة في محيط نوفايا تافوليانكا وشيبيكينو بالقرب من الحدود، ما أجبر آلاف المدنيين على الفرار إلى العاصمة الإقليمية بيلغورود.

وليل الأحد، الاثنين، استُهدفت منطقة بيلغورود مرة جديدة بضربات وهجوم مسيرات، ما أدى إلى إصابة شخص بجروح، وإلحاق أضرار بموقع للبنى التحتية للطاقة، وفقاً لغلادكوف.

وتنفي أوكرانيا مسؤوليتها عن هذه الهجمات.

أسلحة بلجيكية

قال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، الاثنين، إن بلاده ستطلب من كييف توضيحاً بشأن معلومات تفيد باستخدام مقاتلين روس موالين لأوكرانيا، أسلحة بلجيكية الصنع في روسيا.

وقال دي كرو للإذاعة العامة البلجيكية: «نطلب من الأوكرانيين أن يوضحوا الموقف لنا»، مشيراً إلى أنه كلّف الدفاع وأجهزة الاستخبارت بمتابعة الأمر.

وأضاف: «إن القاعدة صارمة، من الواضح أن أسلحتنا التي زودنا بها أوكرانيا هي بغرض الدفاع عن الأراضي الأوكرانية».

ويأتي تصريحه في معرض إجابته عن سؤال حول تحقيق أجرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، يفيد بأنه تم رصد أسلحة ومدرعات أنتجتها دول حلف شمال الأطلسي «الناتو» في منطقة بيلغورود الروسية.

ويحتدم القتال منذ أسبوعين في هذه المنطقة المتاخمة لأوكرانيا، ونسبته موسكو إلى مقاتلين قوميين روس يؤيدون كييف، ووصفتهم ب«المخربين».

وأجبر القتال في هذه المنطقة روسيا على استخدام مدفعيتها وسلاحها الجوي على أراضيها.

وبحسب صحيفة واشنطن بوست، استخدم هؤلاء المقاتلون الروس الموالون لأوكرانيا، والذين يعملون من الأراضي الأوكرانية «ما لا يقل عن أربع» مركبات عسكرية زودت الولايات المتحدة وبولندا بها كييف.

كما يحمل هؤلاء «بنادق من صنع بلجيكا وجمهورية التشيك»، بحسب الصحيفة اليومية التي استندت إلى صور ومعلومات من أجهزة الاستخبارات الأمريكية.

وأظهرت بشكل خاص بنادق هجومية من نوع FN SCAR تصنعها شركة FN Herstal البلجيكية، التي تزود العديد من الجيوش في العالم.

ومنذ الأزمة الروسية الأوكرانية في شباط/فبراير 2022، زودت بلجيكا القوات الأوكرانية بالوقود والصواريخ والرشاشات والقنابل اليدوية وذخائر أخرى بكميات كبيرة. لكن هذه الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، قالت إنها غير قادرة على تسليم كييف دبابات وطائرات مقاتلة، وفقاً ل«فرانس برس».

خطاب زائف لبوتين

وبثت عدة إذاعات روسية تعرضت لعملية «قرصنة»، الاثنين، خطاباً زائفاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفيد ب«غزو» أوكراني، ويعلن فرض الأحكام العرفية في المناطق الحدودية، على ما أفادت السلطات الروسية.

وبثت عدة إذاعات في المناطق الحدودية هذا «الخطاب» الذي يقول: «إن القوات الأوكرانية المدججة بالسلاح والمدعومة من واشنطن، اجتاحت مناطق كورسك وبيلغورود وبريانسك»، وفق السلطات المحلية.

وكان الصوت الذي يلقي الكلمة يشبه كثيراً صوت بوتين ونبرته.

وأعلنت الرسالة المنسوبة لبوتين، والتي تناقلتها بعض الشبكات الاجتماعية، فرض الأحكام العرفية في هذه المناطق، وتوقيع مرسوم رئاسي قريباً، يفرض التعبئة العامة في روسيا، داعية السكان المحليين إلى إخلاء مناطقهم.

وجرت القرصنة في ظل عمليات توغل وقصف متزايدة منذ أسبوعين في منطقة بيلغورود؛ حيث يهاجم مقاتلون روس مؤيدون لأوكرانيا القوات الروسية.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لوكالات الأنباء الروسية: «إنها فعلاً عملية قرصنة، نحن على علم بها»، مؤكداً أن الإذاعات المعنية عاودت السيطرة على موجات بثها.

ومن جهتها، أفادت سلطات بيلغورود بأن «المعلومات حول اجتياح للقوات الأوكرانية في منطقة بيلغورود، وفرض الأحكام العرفية والتعبئة العامة والإجلاء، معلومات زائفة».

وأكدت خلية الأزمة التي شكلتها السلطات عبر تطبيق تيليغرام: «أن هدف هذه الرسالة هو بث الذعر بين السكان المسالمين»، داعية إلى «الحفاظ على الهدوء»، والاعتماد حصراً على مصادر المعلومات «الموثوقة».

وفي منطقة فورونيج الحدودية التي تعرضت بعض الإذاعات فيها للقرصنة، أكدت السلطات للسكان، أنه ليس هناك ما يدعو إلى القلق.

وكتبت على تيليغرام: «الوضع في المنطقة تحت سيطرة السلطات وقوات حفظ النظام».

وذكرت إذاعة «مير»، إحدى الإذاعات المستهدفة، أنها فقدت السيطرة على موجات ترددها لنحو أربعين دقيقة بعد الظهر، مؤكدة أن كل ما تم بثه في هذه الفترة «أخبار زائفة تماماً واستفزازية».

وسبق أن تعرضت عدة إذاعات وشبكات تلفزيونية روسية في شباط/فبراير لعمليات قرصنة، أدت إلى بث إنذارات زائفة بحصول هجمات جوية.

نيران صديقة

أعلن رئيس مجموعة فاغنر الروسية، أسر ضابط روسي هاجمت وحدته مقاتليه، بحسب «فرانس برس».

وكتب يفغيني بريغوجين في تقرير موجه إلى وزارة الدفاع، أنه في 17 أيار/مايو، شوهد عناصر تابعون لوزارة الدفاع، يزرعون ألغاماً على طرقات خلف مواقع لوحدات فاغنر، وفق ما أورد مكتبه الإعلامي.

وتابع التقرير: «تعرض مقاتلو فاغنر الذين قاموا بإزالة الألغام لإطلاق نار، مصدره مواقع تابعة لوزارة الدفاع».

وقال بريغوجين الذي يخوض صراعاً علنياً مع قيادة الجيش الروسي، في رسالة صوتية مرفقة بالتقرير: «يجري تحقيق وثمة وقائع كثيرة لا يمكن الكشف عنها، لكنني أرفق هنا هذا التقرير الأولي وأدلة الفيديو لما حصل فعلياً هناك».

وبث قائد فاغنر مؤخراً، مقطع فيديو لاستجواب ضابط روسي أسير عرّف نفسه بأنه «قائد اللواء المؤلل ال72 اللفتنانت كولونيل رومان فينيفيتينوف».

ويعترف الرجل في الفيديو بأنه «هاجم» مجموعة فاغنر، وأنه تصرف «في حال من السكر، مدفوعاً بكراهية شخصية».

واتهم بريغوجين هيئة أركان الجيش الروسي السبت ب«التخلي» عن أراضٍ في منطقة بيلغورود المحاذية لأوكرانيا، والتي استهدفها قصف مركّز وعمليات توغل في الأيام الماضية.

وأبدى كذلك استعداده لإرساله وحداته من أجل الدفاع عن «الأراضي الروسية»، مؤكداً أنه «إذا لم توقف وزارة الدفاع ما يحدث في منطقة بيلغورود، حيث يتم الاستيلاء على أراضٍ روسية، فمن الواضح أننا سنتدخل».

وكان قد أعلن، الجمعة، أن قوات فاغنر انسحبت من مدينة باخموت شرق أوكرانيا بنسبة «99%»، وسلّمت مواقعها للجيش الروسي بعد إعلان السيطرة على المدينة في 20 أيار/مايو.

موفد بابوي للسلام في طريقه إلى أوكرانيا

وأعلن الفاتيكان في بيان، أن الكاردينال الإيطالي ماتيو زوبي، الذي كلفه البابا فرنسيس، بالقيام بمهمة سلام في أوكرانيا، سيتوجه الاثنين والثلاثاء إلى كييف لإجراء محادثات مع سلطات البلاد.

وأورد البيان: «أن الهدف الرئيسي لهذه المبادرة هو الاستماع بانتباه إلى السلطات الأوكرانية، في ما يتصل بالسبل الممكنة للتوصل إلى سلام عادل، ودعم الخطوات الإنسانية التي تسهم في تخفيف التوترات».

وكان البابا فرنسيس عهد قبل أسبوعين إلى الكاردينال زوبي بمهمة سلام في أوكرانيا، علماً أنه ينتمي إلى جمعية سانت إيجيديو الكاثوليكية المعروفة بنشاطها في خدمة الدبلوماسية.

وأوضح المتحدث باسم الفاتيكان ماتيو بروني يومها، أن البابا طلب من زوبي «المساعدة على معالجة التوترات في النزاع بأوكرانيا، مع الأمل بأن يتيح ذلك فتح دروب السلام».

انتُخب ماتيو زوبي (67 عاماً) رئيساً للمجمع الأسقفي الإيطالي العام الماضي، وهو ينتمي إلى جمعية سانت إيجيديو الكاثوليكية، التي برزت على الساحة الدولية مع توقيع اتفاق سلام في موزمبيق عام 1992، إذ كان لأعضائها، وبينهم الكاردينال الإيطالي، دور رئيسي في إنجازه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mry4e4d3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"