يبتسم وهو نائم..

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

باريس.. عربية تماماً هذا الأسبوع بأنوارها ومستقبِلاتِها الحضارية العريقة، فقد احتفت مدينة المركز الثقافي الأوروبي قبل أيام قليلة بفوز الشاعر نوري الجرّاح بالجائزة الفرنسية العريقة جائزة «ماكس جاكوب» التي تمنح منذ عام 1950 لرموز رفيعة في الآداب الحيّة العالمية، وفاز الجرّاح (مواليد 1956) بالجائزة عن مجموعة مختارات شعرية له جاءت بعنوان (ابتسامة النائم) هي حصيلة قصائد منتقاة بعناية نقدية وجمالية كتبها منذ عام 1988 وحتى عام 2019، وصدرت في مجموعات شعرية عدّة، نقلها من الفرنسية إلى العربية الكاتب والمترجم المحترف أنطوان جوكي المعروف بحساسيته الرهيفة في ترجمة الشعر، استناداً إلى ثقافته المنفتحة على الأدب الفرنسي.
الإشارة إلى المترجم هنا ضرورية ومهنية في الوقت نفسه؛ إذ تكمن حساسية ترجمة الشعر العربي إلى لغات العالم الحية ونجاح هذه الترجمة في خصوصية الشعر المنقول أولاً، وخصوصية الناقل، ثم التقاء هذين الفضاءين في روح إبداعية صافية، تؤهل بالتالي إلى قراءة شعرنا العربي بعمق وهدوء يكشفان أولاً وأخيراً عن معنى وجوهر هذا الشعر.
نوري الجرّاح محظوظ بهذا المعنى حين يقع شعره في منطقة الاختيارات الشفّافة من زاوية الترجمة بشكل خاص، وهو قبل الحظ شاعر نقيّ يكتب قصيدته لنفسه أو لذاته الشعرية تماماً من دون افتعال أو انفعال، بعيداً تماماً عن دوران آلة الإعلام والدعاية وترويج النقد الأدبي أو النقد الصحفي، يكتب هذا الرجل الستيني الآن منذ أن كان صبياً حين صدور مجموعته (الصبيّ) عام 1982، ولعلّ نوري الرهيف، ما زال إلى الآن صبياً حتى ولو أخذه الشعر إلى طروادة في عمره هذا الذي أمضاه وهو يركض مبتسماً وراء الشعر أو وراء الكتابة والحياة مقترنتين معاً مثل زوجة من الملح والسكر.
أردت القول خارج لغة الشعر الصحفية هذه، إن الجرّاح كان وما يزال صاحب مشاريع صحفية ثقافية، وبخاصّة في مسألة تأسيس المجلات الثقافية وإدارتها والحماسة لها والسهر من أجلها إلى درجة حرق العمر.
.. وماذا يريد شاعر في مثل جمالية نوري الجرّاح أكثر من ذلك. لقد التقى في أبوظبي بنصف روحه محمد أحمد السويدي مفكر المشاريع الثقافية الاختصاصية: ارتياد الآفاق، جائزة ابن بطوطة، أدب الرحلة، وثقافة السفر.. وهي معاً حلم نوري الجرّاح، لا بل حلم الكثير مّمن يبتسمون وهم نائمون.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2jjzz56a

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"