عادي
أنباء عن عودة المحادثات بين الجيش والدعم السريع

معاناة إنسانية في السودان ومعارك طاحنة.. وانفراجة في الأفق

21:13 مساء
قراءة 5 دقائق

الخليج - متابعات

بعد أيام من تعثر «مفاوضات جدة» بين طرفي الصراع في السودان، وانسحاب الجيش السوداني من المفاوضات وانهيار الهدنة المؤقتة، وعدم قدرة المجتمع الدولي على إقناع طرفي الصراع هناك بوقف الحرب، ازدادت حدة الاشتباكات الطاحنة بين المعسكرين، بين كر وفر وأزيز رصاص شبه متواصل، الأمر الذي أصبح يخيف السودانيين بشدة من أن يصبحوا تحت حصار كامل في ظل المعارك المتواصلة، فما زال كل طرف من الأطراف المتحاربة صامداً.

وفي الوقت الذي بدا فيه أنه لن يكون هناك هدنة جديدة، وأن الأوضاع ستزداد سوءاً وصعوبة ولن يخرج أحد الأطراف منتصراً في الأمد القريب، جاءت الأنباء التي تشير إلى احتمالية حدوث انفراجة ولو مؤقتة لالتقاط الأنفاس في هذه الحرب الطاحنة، حيث ذكرت مصادر أن طرفي الصراع استأنفا في مدينة جدة السعودية المحادثات غير المباشرة الرامية لوقف إطلاق النار.

وأضافت أن المحادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ستركز على وقف القتال، وذلك حسبما نقلت عنهم «قناة العربية».

ويعانى سكان السودان من تراجع حاد في مستوى الخدمات والمواد الغذائية منذ بدء النزاع. وتسببت الحرب في مقتل أكثر من 1800 شخص ونزوح أكثر من مليون ونصف المليون، بينهم 425 ألفاً لجأوا إلى الدول المجاورة.

  • انفراجة في الأفق

على الرغم من إبرام طرفي الصراع في السودان أكثر من هدنة خلال الفترة الماضية، لكنهما دائماً ما تبادلا الاتهامات بخرق كل منها. وشهد الأسبوع الماضي تعليق المباحثات التي استضافتها مدينة جدّة بوساطة سعودية-أمريكية بعد انسحاب الجيش منها.

إلا أن السعودية والولايات المتحدة التي يزور وزير خارجيتها أنتوني بلينكن المملكة الثلاثاء، دعتا الأحد، للعودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد، بحسب «رويترز».

والثلاثاء، أفاد مجلس السيادة السوداني عن تلقي عبدالفتاح البرهان اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.

وبينما أكد البرهان «الثقة في منبر جدة بما يقود إلى سلام مستدام»، جدد ضرورة «التزام المتمردين بالخروج من المستشفيات والمراكز الخدمية ومنازل المواطنين وإخلاء الجرحى وفتح مسارات تقديم المساعدات الإنسانية حتى يحقق منبر جدة نجاحه».

ويأتي ذلك بعد يومين من إعلان قوات الدعم تلقي دقلو اتصالاً من بن فرحان، أكد فيه أيضاً «دعمنا لمنبر جدة».

حيث رحب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بالبيان السعودي الأمريكي المشترك الذي صدر الأحد، لحث طرفي الصراع في السودان على العودة إلى طاولة المفاوضات.

وقال حميدتي في صفحته على «فيسبوك»، إنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، لمناقشة «مجمل الأوضاع في السودان في ظل الجهود المبذولة من الوساطة السعودية الأمريكية».

وأضاف: «أكدت للأمير دعمنا لمنبر جدة والتزامنا الكامل بإعلان حماية المدنيين، ومواصلة العمل على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لتخفيف المعاناة عن كاهل شعبنا».

وتابع: «أيضاً أعربت عن ترحيبنا بالبيان المشترك الذي أعلنت عنه الوساطة حول استمرار المباحثات غير المباشرة».

وأوضح حميدتي: «تبادلنا كذلك وجهات النظر حول آخر التطورات في البلاد، وأكدنا على أهمية التنسيق وتكثيف الجهود المشتركة من أجل تحقيق الاستقرار في بلادنا».

وعلى مدى أسابيع، قامت السعودية والولايات المتحدة بجهود الوساطة بين طرفي النزاع من أجل وقف القتال، ونجح البلدان في 21 مايو الماضي في التوصل لاتفاق من أجل وقف إطلاق النار بشكل مؤقت للمساعدة في إيصال المساعدات الإنسانية. لكن جهودهما انهارت عندما أعلن الجيش السوداني الأربعاء الماضي تعليق مشاركته في المحادثات، التي عقدت في مدينة جدة السعودية.

وعقب قرار الجيش، أعلنت واشنطن والرياض تعليق المحادثات نتيجة «انتهاكات خطرة متكررة للهدنة قصيرة الأمد»، ما دفع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى «فرض عقوبات على شركات دفاعية سودانية رئيسية يديرها الجيش وقوات الدعم السريع»، وعلى أشخاص يلعبون دوراً في العنف الذي يشهده السودان، بحسب «سكاي نيوز عربية».

  • قتال عنيف

وكان القتال قد اشتد بين الجانبين في ساعة متأخرة من مساء السبت بعد انتهاء اتفاق لوقف إطلاق النار توسطت فيه السعودية والولايات المتحدة.

وتسببت الحرب في نزوح أكثر من 1.2 مليون شخص داخل السودان، ودفعت نحو 400 ألف للفرار إلى الدول المجاورة، وألحقت أضراراً جسيمة بالعاصمة التي أصبح من بقي فيها من السكان تحت رحمة المعارك والضربات الجوية والنهب.

وتوجه بعض الذين فروا من الحرب إلى دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى، وهي دول تعاني بالفعل من الفقر والصراع وتراجع المساعدات الإنسانية.

  • اشتباكات وانفجارات

والثلاثاء، هزّ دوي الانفجارات وأصوات الاشتباكات جدران المنازل في الخرطوم مع تواصل المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، وفق وكالة «فرانس برس»، متخوّفين من وقوع سكان في العاصمة السودانية تحت «حصار كامل».

وللأسبوع الثامن على التوالي، تتواصل المعارك بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، مع تحذير منظمات الإغاثة من «أزمة إنسانية هائلة» في السودان.

وأفاد سكان في العاصمة بوقوع «اشتباكات بكل أنواع الأسلحة جنوب الخرطوم»، حيث سمع مواطنون «أصوات انفجارات اهتزت لها جدران المنازل».

كما أكد آخرون سماع «أصوات قصف بالمدفعية الثقيلة من مراكز للجيش في شمال أم درمان» بشمال غرب العاصمة.

إلى ذلك، تحدث شهود في جزيرة توتي الواقعة عند ملتقى النيل الأبيض والأزرق وسط الخرطوم، عن منعهم من عبور الجسر الذي يربطها بوسط العاصمة الخرطوم، كما تم منعهم من استخدام قوارب العبور إلى ضاحية بحري، بحسب «فرانس برس».

وقال محمد يوسف، وهو أحد القاطنين في الجزيرة التي يقدّر عدد سكانها بزهاء 30 ألفاً، «هذا حصار كامل.. إذا استمر لأيام ستنفد المواد الغذائية من المتاجر».

وأضاف: «أصبح من غير الممكن نقل أي مريض إلى مستشفى خارج الجزيرة» التي يخدمها مركز صحي صغير.

  • 1800 قتيل

أسفرت المعارك التي اندلعت في 15 نيسان/ إبريل، عن مقتل أكثر من 1800 شخص، وفق مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها. إلا أن الأرقام الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.

ويعانى المقيمون في العاصمة، والذين يقدّر عددهم بزهاء خمسة ملايين نسمة، كغيرهم من سكان البلاد، من تراجع حاد في مستوى الخدمات والمواد الغذائية منذ بدء النزاع. وتشير التقديرات الى أن مئات الآلاف منهم تركوا الخرطوم.

وتسببت الحرب بنزوح أكثر من مليون ونصف المليون شخص، بينهم 425 ألفاً لجأوا إلى الدول المجاورة.

وتؤكد الأمم المتحدة أن 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد سكان السودان، باتوا الآن بحاجة للمساعدة والحماية.

  • أزمة هائلة.. تفشي الأوبئة

لم يفِ طرفا القتال بتعهدات متكررة بوقف إطلاق النار يتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية، بحسب«فرانس برس».

وتكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان.

وقال نائب المدير الإقليمي في إفريقيا للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بيير كريمر في تصريحات للصحفيين بجنيف: «نحن نواجه أزمة إنسانية هائلة تزداد سوءاً مع انهيار الاقتصاد، ونظام الرعاية الصحية».

وحذّر من أن التحديات ستزيد مع «اقتراب موسم الفيضانات، وأزمة الجوع التي تلوح في الأفق وتفشي الأمراض التي قد تصبح حتمية أكثر».

ويبدأ في حزيران/يونيو موسم الأمطار في السودان، وحذّر عاملون في المجال الطبي والإغاثي من أنه قد يعزل أجزاء من البلاد ويزيد من خطر تفشي أوبئة وأمراض مثل الملاريا والكوليرا.

وكان مكتب بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) حذّر الاثنين، من أن الوضع في العاصمة السودانية ومحيطها «لا يزال.. مبعث قلق كبير».

كما أشار إلى أن الأوضاع في إقليم دارفور غربيّ البلاد «تستمر في التدهور».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4vy45v3t

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"