العملة المشفرة والمبدع الخائف

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

الإبداع ليس حكراً ولا حصراً على فئة محددة، أو معينة من الناس، بل إنه أشمل وأعم. أولئك المبدعون الذين نرى منجزاتهم، ليسوا أشخاصاً ولدوا بموهبة الإبداع، ولا هم عباقرة فائقو الذكاء، إنما هناك عدة عوامل قد تؤثر في البعض خلال مسيرتهم الحياتية، وتحدد طريقة تفكيرهم ونظرتهم تجاه المواقف المختلفة التي تمر بهم، وتحدد ما إذا كانوا يتصرفون بأسلوب إبداعي أو اعتيادي. وبالتالي، تبقى الشخصية، واهتماماتها، وميولها ومعارفها، مؤثرات. هناك مبتكرات ومخترعات يقف خلفها مجهولون، وهذه حالة ستجدها منذ فجر البشرية، حتى يومنا هذا. من الذي اخترع العجلة؟
 في العصر الحديث توجد قصة اختراع وابتكار «البيتكوين»، وهي أول عملة رقمية لا مركزية يتم تداولها عبر الإنترنت فقط، دون الحاجة إلى أي وسيط أو بنك، بل لا توجد رسوم للتحويل، أو أي ضرائب على التعامل بها. حققت «البيتكوين» نجاحاً هائلاً، ففي عام 2011 كانت تساوي دولاراً واحداً، ومع النجاح المستمر، واصلت الارتفاع حتى وصلت إلى أعلى مستوى في ديسمبر 2017 وهو مبلغ 19 ألف دولار ل «البيتكوين» الواحد، وتزايدت الشركات التي تقبل هذه العملة، بسبب اهتمام الناس المستمر بالتعامل بها على شبكة الإنترنت. كان مؤسس تلك العملة شخصاً مجهولاً، وبسبب ذلك حاول البعض سرقة المنجز، ونسبته لأنفسهم، مدعين أنهم من ابتكر العملة الإلكترونية «البيتكوين» إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل، نظراً لعدم قدرتهم إثبات ذلك، حتى ظهر المهندس كريغ رايت الذي عرف بأنه هو ذلك المؤسس الغامض ل «البيتكوين»، وأثبت ذلك باستخدامه أدوات تشفير تعود إلى بداية تأسيس «البيتكوين».
كان غموض تلك الشخصية أمراً مريباً بالنسبة للناس، فمن قد يتخلى عن مثل هذا الإنجاز العظيم؟ واستمرت وسائل الإعلام بمطاردة كريغ رايت حتى صرح أخيراً بالسبب الذي كان يجعله يتهرب من الظهور أمام الناس، وهو أنه لا يبحث عن المال أو الشهرة، فقط كان يرغب بأن يعمل ويكون وحده! إذا كانت «البيتكوين»، تلك العملة التي أحدثت ثورة في التعاملات الإلكترونية، صاحبها يتهرب من تبنيها والظهور كمؤسسها، لكم أن تتخيلوا كمْ من أفكار إبداعية وعظيمة لم تر النور بسبب شخصية أصحابها.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3paaxtbt

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"