عادي

الحبس 2-4

23:30 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

ذكرنا في المقال السابق أن الحبس قسمان حسب تقسيم الفقهاء له: قسم يقصد به العقوبة والتعزير، وقد وضحناه في المقال السابق، والقسم الآخر هو الحبس للاستيثاق، والاستيثاق بمعنى إحكام الأمر وعدم السماح له بالتفلت، والكلمة من مادة وثق.

ونفهم من هذا أن الحبس في القسم الأول كان القصد منه زجر الشخص وتأديبه، أما الحبس من أجل الاستيثاق، فالقصد منه ضمان بقاء الشخص تحت السيطرة، وعدم السماح له بالهروب حتى يتحقق المسؤول معه.

وهذا النوع من الحبس قسمه الفقهاء أيضاً إلى أقسام ثلاثة: الحبس للتهمة، والحبس للاحتراز، والحبس لتنفيذ عقوبة أخرى.

1- الحبس لتهمة منسوبة إليه: يحبس مثل هذا الشخص المتهم في ريبة حتى يتحقق القضاء أو الشرطة من شكل جريمته، انظر: «الطرق الحكمية» ص93-94 و«تفسير القرطبي» ج6 - ص 353.

والحبس على تهمة يفهم من قوله تعالى: «تحبسونهما من بعد الصلاة» الآية 106 من سورة المائدة، والمرجع «أحكام القرآن» لابن العربي ج2- ص 716، و«الطرق الحكمية» ص 109.

وفي الحديث الشريف أن النبي، صلى الله عليه وسلم، حبس أحد الغفاريين بتهمة سرقة بعيرين ثم أطلقه. رواه عبد الرزاق في «المصنف».

وفي الحديث أيضاً أن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، حبس متهمين حتى أقروا، انظر: «تبصرة الحكام» ج2- ص140.

وبناء على ما سبق، فإن فقهاء الإسلام ذهبوا إلى مشروعية الحبس من أجل استظهار التهمة المنسوبة إلى الشخص، انظر: «حاشية ابن عابدين» ج4- ص76 و88، و«حاشية الدسوقي» ج3- ص279 وص306، و«المغني» لابن قدامة ج9- ص328، و«إعلام الموقعين» لابن القيم ج4- ص373.

ويذكر في هذا المقام أيضاً أن عمر بن عبدالعزيز، رضي الله عنه، قال: يوجد المتاع مع الرجل المتهم فيقول ابتعته، فاشدده في السجن وثاقاً ولا تحلّه حتى يأتيه أمر الله، انظر: «المحلى» لابن حزم ج11- ص131.

ثم ذكر الفقهاء بأن أحكام حبس المتهم تختلف حسب حاله، فإذا لم يكن هو من أهل تلك التهمة، ولم تقم قرينة صالحة على اتهامه فلا يجوز حبسه ولا عقوبته باتفاق الفقهاء، وإن كان المتهم مجهول الحال، فيجوز حبسه حتى تعرف حاله.

وإذا كان المتهم معروفاً بفسقه أو ارتكابه للجرائم، مثل السرقة والقتل وغير ذلك، جاز حبسه أيضاً؛ لأنه ليس مجهول الحال عموماً، انظر: «الشرح الكبير» ج3- ص306، و«حاشية ابن عابدين» ج4- ص88، و«الطرق الحكمية» ص101- 104، وكذلك «القوانين الفقهية» لابن جزي ص219.

وعند اختلاف شهادات الشهود على مجهول الحال، تقدم شهادة من يشهد بصلاحه، لأن الأصل قول الله تعالى: «إن الحسنات يذهبن السيئات» الآية 114 من سورة هود.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4h8dtz6u

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"