عادي

ذو الجلال والإكرام جلَّ جلاله

23:13 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

من لطائف أسماء الله الحسنى أنها تجمع بين الجلال والجمال؛ فالمتأمل لأسماء الله تقع في قلبه لدى مروره بأي اسم رهبة وخشية من الله، وفي الوقت ذاته أمل في رحمته وعفوه سبحانه. وفي حديثنا عن اسم الله (ذي الجلال والإكرام) نلمس هذا الشعور؛ إذ لو تعرفنا إلى المعنى اللغوي لكل من الجلال والإكرام، لوجدنا تبايناً في المعنى؛ فالجلال، لغة، هو العظمة والكبرياء، ويقال: أمر جلل إذا كان عظيماً له شأن يفوق الإدراك، أما الإكرام فمعناه الإنعام والتفضل، فيكون (ذو الجلال والإكرام) بمعنى أن الله، سبحانه وتعالى، صاحب العظمة والكبرياء، لكن على الرغم من عظمته وكبريائه، فإنه رحيم بالعباد، رؤوف بهم.

ذو الجلال والإكرام من أسماء الله الحسنى؛ فالله خالق الكون وما فيه، له العظمة والكبرياء، ضرب لنا الأمثال في كتابه الكريم، وفي كل مثل مهما عظم أو صغر، تظهر عظمته، سبحانه، فحينما يخبرنا عن قدرته وكيف رفع السماء بلا عمد، وكيف أحيا الأرض بعد موتها، وغير ذلك من الأمثلة، فهذا من باب عظمته، وكذا حينما يضرب مثلاً بالبعوضة ثم يكتشف العلم أن البعوضة فيها من عجائب القدرة ما تعجز البشرية عن الإتيان بما يماثله، بل إن هناك ما يصغر البعوضة حجماً وفيه من عجائب صنع الله ما يذهل العقل البشري ويبقيه حائراً أمام هذه القدرة الإلهية. ولما كان هذا جزءاً من صنيعه، سبحانه، وما لا نعلمه أجل وأكبر وأعظم، فإننا حينما نقرأ (ذو الجلال) ندرك عظمة ربنا، وأنه، سبحانه، أهلٌ لأن يجله خلقه، فتكون حالهم (سمعنا وأطعنا) في كل أمر، و(سمعنا وأطعنا) في كل نهي، وهذه حال المؤمن مع تعاليم خالقه؛ يُذعن لذي الجلال ويعلن ضعفه وعجزه أمامه.

سبحان الله الرحيم، لم تمنعه عظمته وسعة ملكه من أن يرحم عباده، ولأنه أرحم بالعبد ممن كانا سبباً في وجوده في هذه الدنيا، فقد بشر العبد بأن الجلال لا يمنعه عن الرحمة، فأتبعه بالإكرام؛ فهو ذو جلال وعظمة وقهر للمعاند المخالف لأوامره، وذو إكرام وإنعام للملتزم بنهجه، المتبع لأوامره. لذا، حينما يلتزم المؤمن أوامر الله فهو يجله، وحينما يلتزم تعاليم الدين وأحكام الشرع، فإنه يجل مولاه، وخلاف ذلك حاله إن هو لم يلتزم بما أمره به مولاه. والمؤمن يلتجئ إلى ذي الجلال والإكرام، يلوذ بحماه، ويرفع إليه شكواه، وهو ما دعانا إليه نبينا، صلى الله عليه وسلم، حين قال: «ألِظُّوا بياذا الجلالِ والإكرامِ»، كما أن المؤمن يتعلم من اسم الله ذي الجلال والإكرام أن يوازن في أمور حياته، فالشدة لها مواضعها وكذا الرحمة، ويعلمنا اسم الله (ذو الجلال والإكرام) أن نجلّ ربنا في كل أمر. قال ابن كثير:«وقد نعت تعالى وجهه الكريم بأنه ذو الجلال والإكرام، أي هو أهل أن يجل فلا يعصى، وأن يطاع فلا يخالف».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n9bjr6v

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"