من فقير إلى رائد

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

كان ميكوموتو رجلاً يابانياً قروياً، ولد في قرية «توبا» لأب فقير يبيع الأرز المسلوق، وكان يساعد والده منذ صغره بدفع عربة بيع الأرز، وفي سن الثامنة عشرة عمل في صيد الأسماك والغوص وصيد اللؤلؤ، وبيع الأصداف التي كان يهوى جمع النادر منها.
  في أحد الأيام ذهب ميكوموتو إلى أحد أصدقائه من المشتغلين بعلم «الأحياء المائية»، وسأله: لماذا يوجد اللؤلؤ في بعض الأصداف ولا يوجد في بعضها الآخر؟ فأجابه صديقه أن السبب هو أن بعض الطفيليات الموجودة في البحر تتسلل إلى داخل الصدفة، وتجرح لحمها الناعم الضعيف، فتقوم الصدفة بالدفاع عن نفسها بأن تعزل هذا الجسم الغريب عن طريق إفراز مادة جيرية شفافة تحاصر هذا الشيء الغريب وهذه المادة الجيرية التي يتم تكوينها في سنوات عدة هي اللؤلؤ، بينما الطفيليات قد تكون حبة رمل، أو قشرة سمكة، أو حشرة صغيرة، ومن حينها وفكرة إنتاج اللؤلؤ بطريقة صناعية لا تفارق مخيلة ميكوموتو. 
 قرر ميكوموتو أن يدخل جسماً غريباً في كل صدفة يجدها، فجمع عدداً من الأصداف وفتحها برفق، وأدخل فيها الأجسام الغريبة، وانتظر عامين، وبعد ذلك فتحها فلم يجد شيئاً، فقد ماتت كلها، ولكنه لم ييأس، وتعلّم من تجاربه التي استغرقت ١٥عاماً، أن انخفاض درجة حرارة الماء إلى أقل من ٧ درجات مئوية يقتل الأصداف، لذلك يجب نقل القواقع من الماء البارد إلى الماء الدافئ، وأن وضع عدد كبير من الأصداف في قفص واحد يقتلها، إذ تؤدي الطريقة لجوع الأصداف وذبولها، ولذا حاول ميكوموتو في المرات التالية أن يتلافى كل هذه الأخطاء، ومع ذلك كانت الأصداف تموت.
 وطوال ١٥ عاماً لم تنجح أيّ من محاولاته حتى أصيب بفقر مدقع، واتهمه الناس بالجنون. وحين خالجه اليأس قرر العودة لبيع الأرز المسلوق، ولكن زوجته رفضت هذا التراجع، وأخبرته أنها ستجرّ العربة، بينما يستمر هو في تجاربه.
 وبعد كثير من التجارب والتفكير، اكتشف أنه كان يضع الجسم الغريب في مكان غير مناسب، وقام بعملية زراعة الأجسام الغريبة في 5000 صدفة أخرى، وبعد سنتين، ذهبت زوجته إلى الشاطئ، حيث أقفاص الأصداف، وفتحت واحدة لتجد اللؤلؤة الأولى المزروعة في اليابان، في يوم 28 سبتمبر/ أيلول سنة 1859 ، ليصبح هذا اليوم من كل شهر، إجازة في كل شركات ومصانع ميكوموتو الذي أصبح من أثرياء العالم.
 واستطاع ميكوموتو بعد ذلك أن يتحكم في شكل ولون حبات اللؤلؤ، وعددها في الصدفة الواحدة.
 لم ييأس الرجل الفقير، ولم يجد أن حلمه كبير عليه، ولم يمنعه عدم تلقيه التعليم من المحاولة والتفكير والسؤال، فقرر وجرّب إلى أن نجح.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5bj2d3dz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"