- النجاحات الإماراتية في مجال الفضاء ثمرة رؤية قيادة رشيدة لا تعرف المستحيل
- الإمارات ترسّخ مكانتها بنادي الكبار في عالم استكشاف الفضاء بإنجازات نوعية
- «برنامج الإمارات لرواد الفضاء» أثمر إرسال المنصوري والنيادي لمهام تاريخية
- «النيادي» أول رائد فضاء في تاريخ العرب يسير في الفضاء خارج المحطة الدولية
- «راشد2» تحدٍ جديد وتكليف مهم لمركز محمد بن راشد للفضاء لاستكشاف القمر
دبي: الخليج
تواصل دولة الإمارات تحقيق تقدم لافت في مجال العلوم والصناعات المرتبطة بالمستقبل، ومن أهمها مجال استكشاف الفضاء الذي أحرزت فيه قفزات نوعية لتصبح خلال فترة زمنية وجيزة من الدول التي لها حضورها في هذا المجال عالي التخصص، بجملة من المهام والمشاريع الطموحة والمهمة التي قام عليها فريق من العلماء والمهندسين والمتخصصين بأيادٍ إماراتية 100%، الذين يباشرون اليوم، بهمة عالية وعزيمة كاملة، تحقيق الحلم الذي راود المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، مع وضع اللبنات الأولى في بناء دولة الاتحاد، بإرسال بعثات إماراتية إلى الفضاء، وأن يكون لها أثرها الإيجابي الملموس في خدمة البشرية جمعاء.
في هذا الإطار، جاء إعلان مركز محمد بن راشد للفضاء، عن نجاح فصل بالغ الأهمية من فصول مهمة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي التاريخية إلى محطة الفضاء الدولية، وهي الأطول في تاريخ مهام رواد الفضاء العرب، وتمثل هذا الفصل في تمكن النيادي من إتمام عملية السير في الفضاء ضمن البعثة 69 المتواجدة على متن المحطة، في إنجاز جعل دولة الإمارات العاشرة عالمياً في مهمات السير في الفضاء خارج المحطة الدولية.
كما جاء إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن المهمة الجديدة لمركز محمد بن راشد للفضاء لاستكشاف القمر والتي تحمل اسم «راشد2» ليؤكد المسيرة الريادية لدولة الإمارات في مجال استكشاف الفضاء.
رؤية القيادة
وتترجم الإنجازات التاريخية في مجال الفضاء الطموحات الإماراتية الكبيرة لتصبح إحدى الدول الفاعلة في مجال الفضاء وعلومه، بفضل رؤية القيادة الحكيمة وعزيمة أبناء الإمارات الذين اكتسبوا حب الإنجاز وتحدي المستحيل وتحقيق الطموحات من قيادتهم التي لا ترضى إلا بأعلى مستويات التميز.
الخطوة الأولى
تأسيس «مركز محمد بن راشد للفضاء» في عام 2006 كان بمثابة الخطوة الأولى في مسيرة الإمارات نحو تحقيق هذا الهدف وبداية رحلة نجاح محفوفة بالأمل والعمل من أجل منح الإمارات دوراً مؤثراً وملموساً ومكانة رفيعة في مجال استكشاف الفضاء، وهو اليوم يمثل حجر زاوية رئيسي في استراتيجية دولة الإمارات لارتياد واستكشاف الفضاء، حيث كان إسهامه من أهم المقومات التي ساعدت في تحقيق الإنجازات النوعية للدولة في مجال استكشاف الفضاء، ومنها وصول هزاع المنصوري إلى المحطة الفضائية الدولية كأول رائد فضاء إماراتي يحط على متنها، وإرسال «مسبار الأمل»، في رحلة تاريخية لاستكشاف كوكب المريخ، حيث تحققت هذه الإنجازات وفق رؤية واضحة وخطط وبرامج ومنهج علمي وعملي محدد الملامح وخطة زمنية دقيقة.
إنجازات استثنائية
وفي هذا الصدد، قال حمد عبيد المنصوري، رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء: الإنجازات الاستثنائية التي سجلها برنامج الإمارات الوطني للفضاء ما كانت لتتحقق لولا رؤية الآباء المؤسسين واهتمام القيادة الرشيدة الذي أثمر تطوير البنية التحتية والتقنيات والمواهب المطلوبة لتشكيل قوة منافسة للرواد في الصناعة الفضائية العالمية.
وقد التزمت دولة الإمارات بدعم برامج عدة في مجالات العلوم الفضائية، ففي العام الماضي تم إطلاق البرنامج الوطني للأقمار الصناعية الرّادارية «سرب»، وتأسيس «صندوق الفضاء الوطني» برأس مال 3 مليارات درهم لتطوير المشاريع الاستراتيجية والبحثية في قطاع الفضاء ودعم تأسيس شركات وطنية في تكنولوجيا الفضاء.
قصة نجاح
القصة تعود إلى سبعينات القرن الماضي، عندما التقى المغفور له الشيخ زايد وفد وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، بعد مهمة المركبة «أبولو» التاريخية التي حملت الإنسان إلى سطح القمر، وشهد هذا اللقاء العديد من الرسائل المهمة التي عكست رؤية وطموح زايد، لتحقيق إنجازات نوعية في مجال الفضاء تليق بمكانة الإمارات والعرب.
وتوالت الإنجازات والخطوات الملهمة والطموحة في سبيل تحقيق الهدف، فبعد تأسيس مركز محمد بن راشد للفضاء في عام 2006، جاء إنشاء وكالة الإمارات للفضاء بموجب مرسوم بقانون اتحادي رقم 1 لسنة 2014، ومن ثم إطلاق برنامج الإمارات لرواد الفضاء في عام 2017 كأول برنامج متخصص لإعداد وتدريب رواد الفضاء في الوطن العربي، ويجسّد المشروع التاريخي «مسبار الأمل» لاستكشاف كوكب المريخ، الذي تم إطلاقه خلال عام 2020 إلى المريخ ليصل في عام 2021، تزامناً مع ذكرى مرور خمسين عاماً على قيام اتحاد دولة الإمارات، آمال وأحلام العالم العربي في مجال الفضاء.
«خليفة سات»
عمل مركز محمد بن راشد للفضاء على تصميم وبناء القمر الصناعي «خليفة سات» الذي تم إطلاقه عام 2018، كأول قمر صناعي إماراتي بالكامل، وأكثرها تقدماً ضمن الأقمار التي أرسلتها دولة الإمارات إلى الفضاء، وكجزء من مهامه الرئيسية يتولى المركز مسؤوليات تصميم وتصنيع وتشغيل الأقمار الصناعية المتقدمة والمخصصة لأغراض رصد الأرض.
برنامج متكامل
وقال المنصوري: «أعدّ مركز محمد بن راشد للفضاء برنامجاً متكاملاً في السنوات الأولى من إنشائه بفريق مكون من خمسة مهندسين فقط، لتنمية القدرات المحلية للقيام بالمهام الفضائية الطموحة. وقد سعى المركز للتعاون مع العديد من الهيئات، الحكومية والخاصة، بما في ذلك وكالات الفضاء الأخرى والمؤسسات الدولية المعتمدة والجامعات والكليات المتخصصة في مجال علوم الفضاء، لتحقيق طموحات دولة الإمارات، كما أن المركز بكفاءاته المحلية قد وضع نصب عينيه تنفيذ العديد من المهام الرائدة في الفضاء لإطلاق أقمار صناعية محلية ومتطورة، والاستعداد لمهمات عابرة للكواكب وتنظيم وإرسال رحلات فضائية مأهولة».
أقمار صناعية
بدأ مركز محمد بن راشد للفضاء رحلته مع تصميم وتشغيل الأقمار الصناعية في عام 2006، بتطوير أول قمر صناعي لدولة الإمارات، حيث قام مهندسو المركز بتصميم وتصنيع أول قمرين صناعيين لرصد الأرض، دبي سات - 1 ودبي سات - 2، اللذين تم إطلاقهما في 2009 و2013 على التوالي، وقمرها الصناعي النانومتري الأول «نايف-1».
وفي إنجاز تاريخي متميز سطرته دولة الإمارات في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2018، أُطلق قمر خليفة سات عالي التقنية، ليكون بذلك أول قمر صناعي لأغراض الرصد يتم تطويره داخل الغرف النظيفة في مختبرات تقنيات الفضاء في مركز محمد بن راشد للفضاء، وشهد العام 2021 إطلاق القمر الصناعي النانومتري «دي إم سات - 1» الذي يُعد الثاني من نوعه في دولة الإمارات، وهو أول قمر صناعي نانومتري بيئي لبلدية دبي بالتعاون مع مركز محمد بن راشد للفضاء.
قمر «MBZ-SAT»
وأعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن مشروع القمر الصناعي الجديد «MBZ-SAT»، والذي سيصبح ثاني قمر صناعي إماراتي يتم تطويره من قبل فريق من المهندسين الإماراتيين المقرر إطلاقه عام 2024، أكثر الأقمار الصناعية تقدماً في المنطقة في مجال صور الأقمار الصناعية عالية الدقة.
برنامج رواد الفضاء
ومن بين المشاريع والمهام التي يتولاها المركز، برنامج الإمارات لرواد الفضاء الذي يعد الأول من نوعه في العالم العربي، الذي يقدم التدريبات والخبرات والتأهيل اللازم للكوادر الإماراتية، وفي عام 2018 اختير رائدَي الفضاء هزاع المنصوري وسلطان النيادي، من بين الدفعة الأولى من برنامج الإمارات لرواد الفضاء، بينما ضمت الدفعة الثانية نورة المطروشي، أول رائدة فضاء إماراتية، ومحمد الملا، وفي العام الذي يليه في شهر سبتمبر/ أيلول، أرسلت الإمارات هزاع المنصوري رائدها الأول لمحطة الفضاء الدولية ليخط اسمه في التاريخ كأول عربي يزور المختبر المداري.
البعثات الفضائية
في عام 2014، أعلنت دولة الإمارات عن البعثة المريخية الإماراتية والمعروفة باسم بعثة «مسبار الأمل» وهو مشروع يسعى لإرسال أول بعثة عربية للكوكب الأحمر، وقد تحقق الحلم في فبراير/ شباط من عام 2021 حينما تمكن «مسبار الأمل» من دخول الغلاف المحيط بكوكب المريخ.
وانطلاقًا من رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات الداعمة لتعزيز المعرفة والاستكشاف في مجال الفضاء، يقود مركز محمد بن راشد للفضاء برنامج المريخ 2117 الذي يهدف إلى بناء أول مستعمرة بشرية على سطح المريخ للمئة سنة المقبلة، وهي أكبر مدينة فضائية يتم بناؤها على الأرض، ونموذج عملي صالح للتطبيق على كوكب المريخ، بهدف محاكاة الظروف الفضائية على الأرض، وقد تمت المهمة الأولى من برنامج SIRIUS-21 بنجاح على يد أحد أعضاء الطاقم الإماراتي، صالح العامري، في يوليو 2022 بعد استمرارها على مدار ثمانية أشهر لدراسة الآثار التي تحدثها العزلة على الصحة النفسية والفيزيولوجية للبشر.
نجم جديد في الفضاء
ونوّه المنصوري بأن: «النتائج التي أسفرت عنها المشاريع الطموحة للإمارات قد رسخت من مكانة الدولة في المشهد العالمي في الصناعة الفضائية، حيث أدت بعثات المركز لتطوير العديد من التقنيات والابتكارات الجديدة التي يمكن توظيفها في العديد من الصناعات». فعلى سبيل المثال، أسهمت بعثة الإمارات للمريخ في تقدم تقنيات في مجالات كالروبوتات والأنظمة ذاتية التحكم والاستشعار عن بعد، والتي يمكن تطبيقها في صناعات، كالزراعة والتعدين والنفط والغاز، وأوضح أن مشاريع المركز وبعثاته العابرة للكواكب تسهم في تأسيس قاعدة ضرورية للصناعة الإماراتية في مجال الفضاء لتدعم دور الإمارات كعضو رئيسي في هذا المجال.
وأدى تصنيع أجزاء الأقمار الصناعية وتطوير الخبرات المحلية في هذا المجال إلى زيادة فرص العمل والإسهام في نمو الاقتصاد الإماراتي. فتطوير القمر الصناعي «MBZ-SAT» على سبيل المثال، كان ركيزة أساسية لدعم عملية التوسعة في صناعة الفضاء المحلية، فقد صنّعت البنية الميكانيكية بنسبة 90% والوحدات الإلكترونية بنسبة 50% في الإمارات.
خدمات تجارية
وقد أصبحت دولة الإمارات في وقت قياسي عضواً بارزاً في المشهد التجاري العالمي للخدمات الفضائية، ما مكّنها من تقديم خدمات متنوعة للبلدان الأخرى حول العالم، بما فيها خدمات القنوات الأرضية التي تشمل تعقب الأقمار الصناعية والقياس عن بعد، وقيادة العمليات وأحدث ما ورد من خدمات ومنتجات في مجال العلوم الجيولوجية والاستشعار عن بعد.
ويعمل مركز محمد بن راشد للفضاء كذلك على تقديم حلول متكاملة لمراقبة الأرض من خلال أسطول أقماره الصناعية بما في ذلك خليفة سات الذي يعد أحد أقمار الاستشعار عن بعد الصناعية الأكثر تطوراً تقنياً، ويوظّف المركز أحدث تقنياته في البحث وحل المشكلات في مختلف المجالات، وقد تعاون المركز مع بلدية العين من أجل تطوير تقنية تعتمد على الذكاء الصناعي لمسح المناطق الزراعية ورصد أشجار النخيل، واستطاع رصد 45,000 نخلة في غضون أقل من أسبوع بدقة 98.7%.
كما يقدم المركز خدمات تجارية أخرى كإعداد برامج تعليمية وتدريبية لتهيئة البلدان والمؤسسات الأخرى على تطوير كفاءاتها في مجال الفضاء. وضمن تعاون مشترك عقده المركز مع مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي أتاح المجال لوكالات أخرى لاستخدام منصتها للأقمار الصناعية القياسية 12U PHI وقد وقعت اتفاقيات مع دولتي البحرين ونيبال في هذا الشأن. كما عقد المركز اتفاقية مع مورشيوس لتنمية قطاع الفضاء والبحث والتطوير التقني في مجال الأقمار الصناعية.
وتتواصل إسهامات المركز في تحقيق رؤية وطموحات دولة الإمارات للعبور إلى آفاق جديدة خلال العقد المقبل في مجال صناعات الفضاء التي من المتوقع أن تصل قيمتها عالمياً إلى نحو تريليون دولار بحلول عام 2040، مع الاهتمام بتوطين تكنولوجيا الفضاء.