عادي

عذب الكلام

23:27 مساء
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

التَّجْنيس المُماثل، هو أن تكونَ الكَلِمتان اسمَيْن أو فعلَيْن؛ منه قول البُحتريّ:

يُذَكِّرُنيكِ والذِّكْرى عَناءٌ

مَشابِهُ فيكَ طَيّبةُ الشُّكولِ

نَسيمُ الرَّوْضِ في ريحٍ شَمالٍ

وصَوْبُ المُزْن في راحٍ شَمولِ

فالتّجنيس بين «ريحٍ» و«راحٍ»، و«شَمالٍ» و«شَمولٍ»

وقول الشّريف المُرتضى:

بِجانبِ الكَرْخِ مِنْ بَغْدادَ عَنّ لَنا

ظَبْيٌ يُنفّرهُ عَنْ وَصْلِنا نَفَرُ

ذُؤابتاه نِجادا سَيْفِ مُقْلَتِهِ

وجَفنُهُ جَفنُهُ وافرِندُهُ الحَوَرُ

ضَفيرتاهُ على قَتْلي تَضافَرَتا

فَمَنْ رأى شاعراً أوْدى به الشَّعَرُ

التّجْنيس بَيْن «يُنفّره»ُ و«نَفَرُ»، وبَيْن «شاعِر» و«شَعَر».

دُرر النَّظم والنَّثر

ممّا جاء في وصف الجودِ والكَرم، في كتاب «سِحْرُ البَلاغة وسِرُّ البَراعة»

للثعالبي: فُلانٌ رفيقُ الجودِ وخَليلُهُ، وزَميلُ الكَرمِ ونَزيلُهُ، غُرَّةُ الدَّهْر وتَحْجيلُهُ، مَواهِبُهُ الأنْواءُ، وصَدْرُهُ الدَّهْناءُ. بَحْرٌ لا يَظْمَأُ وارِدُهُ، ولا يُمْنَعُ بارِدُهُ. غَوْثُهُ مَوقوفٌ على اللَّهيفِ، وعَوْنهُ مَبْذولٌ للضَّعيفِ. يَطْغى جُودُهُ على وُجودِهِ، وهَمَّتُهُ على قُدْرَتِهِ. بابُهُ غَيْرُ مُرْتَجٍ، لِكُلِّ مُرْتَجٍ. يَنابيعُ الجودِ تَتَفَجَّرُ مِنْ أنامِلِهِ، ورَبيعُ السّماحِ يَضْحَكُ عَنْ فَواضِلِهِ. هو الكَرَمُ أُنْشئَ نَفْساً، والفَضْلُ تَمَثّلَ شَخْصاً. لَوْ أنَّ البَحَرَ مَدَدُهُ، والسَّحابَ يَدُهُ، والجِبالَ ذَهَبُهُ، لَقَصُرَتْ عَمّا يَهَبُهُ. إنْ طَلَبْتُ كَريماً في جُودِهِ، مُتُّ قَبْلَ وُجودِهِ، أو ماجِداً في أخْلاقِهِ. مُتُّ ولَمْ أُلاقِهِ، صَدْرُهُ بَحْرٌ ووَعْدُهُ نَذْرٌ، قَدْ حَكَّمَ الآمالَ في أمْوالِهِ، واسْتَعْبَدَ الأحْرار بِفِعالِهِ. يَهْتَزُّ عِنْدَ المَكارِمِ كالغُصْنِ، ويَثْبُتُ عِنْدَ الشَّدائدِ كالرُّكْنِ. صَدْرُهُ تَضيقُ عَنْهُ الدَّهْناءِ، وتَفْزَعُ إلَيْهِ الدَّهْماء. مَخْلوقٌ مِنْ طِينَةٍ كَريمةٍ، ومَجْبولٌ على أَحْسَنِ شِيمة.

من أسرار العربية

ترد كلمة «مُدْقِع»، في وصف الفقير؛ فما جذورها؟ الدَّقْعَاءُ: عَامَّةُ التُّرَابِ، وقِيلَ: التُّرَابُ الدَّقِيقُ على وَجْهِ الْأَرْضِ؛ قالَ الشَّاعِرُ:

وجَرَّتْ بِهِ الدَّقْعاءَ هَيْفٌ كأَنَّهَا

تَسُحُّ تُرَاباً مِنْ خَصَاصَاتِ مُنْخُلِ

ويَدْعُو أحدهم على الآخر فيقول: بِفِيهِ الدَّقْعَاءُ يَعْنِي التُّرَابَ. والدُّقَاعُ: التُّرَابُ؛ قالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ الْكِلابَ:

مَجازِيعُ قَفْرٍ مَداقِيعُهُ

مَسارِيفُ حَتَّى يُصِبْنَ الْيَسارا

والدَّاقِعُ الَّذِي يَرْضَى بِالشَّيْءِ الدُّونِ. وَالْمُدْقَعُ: الْفَقِيرُ الَّذِي قَدْ لَصِقَ بِالتُّرَابِ مِنَ الْفَقْرِ. وَفَقْرٌ مُدْقِعٌ أَيْ مُلْصِقٌ بِالدَّقْعَاءِ.

هفوة وتصويب

من الأخطاء الشائعة قول بعضهم «انتظرتُك حَوالَي ساعة»، والصّواب: انتظرتك نَحْو الساعة، أو قَرابةَ ساعة، لأنَّ حَوالَي مكانية، يقال: جَلَستُ حواليه. والحَوْل: سَنَةٌ بأَسْرِها، والجمع أَحْوالٌ وحُوُولٌ وحُؤُولٌ.

ويقول آخرون: «نَفذَ الزّاد» يقصدون: انْتهى. والصّواب: «نَفِدَ» بالدّال وكَسر الفاء، قال ابن هرمة:

أَغَرّ كَمِثْلِ البَدْرِ يَسْتَمْطِرُ النَّدَى

ويَهْتَزُّ مُرْتاحاً إِذا هو أَنْفَدَا

والمُنافِدُ: الذي يُحاجُّ صاحبَه حتى يَقْطَع حُجَّتَه وتَنْفَدَ.

أما «نَفَذَ»، فتعني مَرّ واخترق، مثل: «نَفَذَ السَّهْمُ».

يجمَع بعض الكتاب «إطار» على «إطارات»، وهو خطأ؛ أَطّرْتُ الشيء فَانْأَطَرَ وتَأَطَّرَ أَي انْثَنَى. والأُطْرَةُ ما أَحاط بالظُّفُرِ من اللحم، والجمعُ أُطَرٌ. أما جمع «إطار»، فهو «أُطُر» مثلُ كِتابٍ وكُتُب.

من حكم العرب

تَسامُحُ النَّفْسِ مَعْنىً مِنْ مُروءَتِها

بَلِ المُروءةُ في أسْمى مَعانيها

تَخلَّقِ الصَّفْحَ تَسْعدْ في الحَياةِ بِهِ

فالنَّفْسُ يُسْعِدُها خُلْقٌ ويُشْقيها

البيتان لأحمد شوقي، يقول إنّ التسامح من أسمى صفات الشّهامةِ والرقيّ، والتحلّي بالصّفح، يبعث في النفس الراحة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycxjwf48

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"