ثورستين بوند فيبلين، عالم اقتصادي واجتماعي أمريكي، وكان قائد حركة الاقتصاد المؤسسي. وإلى جانب عمله التقني، كان مشهوراً وبارعاً في نقد الرأسمالية، كما يتضح ذلك في أشهر كتبه «نظرية الطبقة الغنية» الذي نشر في عام 1899. ويركز الاقتصاد المؤسسي على فهم دور التطور العملي، ودور المؤسسات في تشكيل السلوك الاقتصادي؛ حيث يقع تركيزها الأصيل على نظريات فيبلين المتعلقة بالتطور التكنولوجي من جهة، وتشكيل المجتمع من جهة أخرى. وترجع عناصرها الأساسية إلى مقال مرجعي للاقتصاد الأمريكي كتبه ولتون هيل هاميلتون في عام 1919.
يؤكد الاقتصاد المؤسسي، الدراسة الأوسع للمؤسسات، ووجهات نظر الأسواق؛ نتيجة التفاعل المعقد بين هذه المؤسسات المختلفة (الأفراد والشركات والدول والأعراف الاجتماعية) والتي لا تزال هذه التقاليد اليوم تعمل كنهج إبداعي قيادي، يؤدي إلى اقتصاد أفضل.
ولد فيبلين في أواخر شهر يوليو/ تموز من عام 1857 بمدينة «كاتو» التابعة لولاية «ويسكونسن» الأمريكية لعائلة مهاجرة من النرويج، وقضى معظم طفولته في مزرعة عائلته في مدينة نيرستراند بولاية «مينيسوتا». عندما بلغ فيبلين سن ال 17، التحق بكلية «كارلتون» في «نورثفيلد» بولاية «مينيسوتا»؛ حيث كان محظوظاً في الدراسة مع جون بيتس كلارك الذي أصبح فيما بعد أهم اقتصادي في الولايات المتحدة وقائد حركة «الاقتصاد الكلاسيكي الحديث».
تخرج فيبلين في جامعة «جونز هوبكنز» حاملاً شهادة في الفلسفة، وفي عام 1884 حصل على دكتوراه في الفلسفة من جامعة «ييل» وكانت أطروحته تحمل عنوان «الأسس الأخلاقية لعقيدة الانتقام». بعد تخرجه في الجامعة، عمل فيبلين أستاذاً أكاديمياً في جامعة «شيكاغو»، وتمت ترقيته بعد ذلك إلى أستاذ مساعد في عام 1900، في الوقت الذي كان فيه مسؤولاً عن تحرير «الاقتصاد السياسي»، وهي مجلة مرموقة كان يكتب فيها عدد من المثقفين؛ أمثال: جون ديوي وجين أدامز وفرانز بوز.
ذاع صيت ثورستين فيبلين بعد أن نشر كتابيه «نظرية الطبقة الغنية» (1899)، و«نظرية المشاريع التجارية»(1904)، وهاجم فيهما رجال الأعمال وجشعهم، والرأسمالية. وفي عام 1911 انضم فيبلين إلى هيئة التدريس في جامعة «ميسوري»، وبقي فيها حتى عام 1918، لينتقل إلى العمل في صحيفة «ذا ديل» بولاية نيويورك، وفي عام 1919 أسهم بتأسيس مدرسة «نيو سكول» للدراسات الاجتماعية والاقتصادية مع تشارلز بيرد وجيمس هارفي روبنسون وجون ديوي.
اشتُهر فيبلين بدراسته لتاريخ الفكر الاقتصادي، بعد أن دمج نظرية التطور لداروين مع نهجه المؤسسي للتحليل الاقتصادي، واستطاع أن يجمع ما بين علم الاجتماع والاقتصاد في كتابه «نظرية الطبقة الغنية»؛ حيث برهن على وجود اختلاف أساسي بين إنتاجية عجلة «الصناعة» التي يديرها مهندسو تصنيع البضائع وبين «العمل التجاري» والذي يكمن هدفه الوحيد في الحصول على الأرباح للطبقة الغنية.
أوضح فيبلين، في كتابه الشهير، أن النشاط الرئيسي للطبقة الغنية هو «الاستهلاك المظهري»، كما أن إسهام هذه الطبقة في الاقتصاد لا تعد سوى نشاط مهدور لا ينتج عنه أي نوع من أنواع الإنتاجية؛ وذلك في ظل تدهور الاقتصاد الأمريكي، وشيوع الفساد الإداري آنذاك.
توفي فيبلين في الثالث من شهر أغسطس/ آب من عام 1929؛ وذلك قبل ثلاث سنوات فقط من انهيار البورصة الأمريكية التي أدت إلى الكساد الكبير. ومن أشهر الكتب التي ألفها فيبلين «الإمبراطورية الألمانية والثورة الصناعية»، و«المهندسون ونظام التسعير»، و«الفنون التصنيعية»، ونظرية «المشاريع التجارية».