بيروت (أ ف ب)
أظهر تقرير أولي لشركة تدقيق جنائي في حسابات البنك المركزي في لبنان «سوء إدارة» وثغرات جذرية في آلية عمل المصرف طوال خمس سنوات، مرتبطة بشكل أساسي بحاكمه السابق رياض سلامة.
والخميس، فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا عقوبات على رياض سلامة ومقربين منه بتهمة الإثراء الذاتي غير المشروع «من خلال تحويل مئات الملايين من الدولارات عبر شركات وهمية لاستثمارها في قطاع العقارات الأوروبي».
وأورد تقرير شركة «ألفاريز ومارسال»، المؤلف من 332 صفحة واطلعت وكالة فرانس برس الجمعة على نسخة منه، أن «الوضع المالي للمصرف المركزي تدهور بسرعة» بين العامين 2015 و2020.
إلا أنه «لم يتم إظهار هذا التدهور في الميزانية العمومية للمصرف المركزي التي تصدر ضمن بياناته المالية السنوية، والتي تم إعدادها وفق سياسات حسابية غير تقليدية»، ما أتاح له المبالغة في الإعلان عن الأصول والأرباح وعدم إظهار الخسائر.
ويُعد التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان خطوة أساسية كونه أحد الشروط التي حددها المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان على الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي المستمر في البلاد.
وانتهت الشهر الماضي ولاية سلامة (73 عاماً) الذي ترأس البنك المركزي لثلاثة عقود، من دون تعيين خلف له بسبب انقسامات بين القوى السياسية في البلاد.
وكان سلامة يُعتبر مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990).
واعتبرت شركة «ألفاريز ومارسال» أن الهندسات المالية كانت «مكلفة». وأوردت أن سلطة سلامة، صاحب القرار الرئيسي، لم تخضع ل«رقابة» كافية.
ودعت إلى اتخاذ خطوات سريعة «لزيادة الحوكمة، وتدابير الرقابة والتدقيق للتخفيف من أي مخاطر أخرى ناشئة عن سوء الإدارة».
ومنذ عامين، يُشكّل سلامة محور تحقيقات أوروبية تشتبه في أنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأساء استخدام أموال عامة.
وبناء عليه، أصدرت قاضية فرنسية في باريس ومدعية عامة في ميونيخ مذكرتي توقيف في حق سلامة عُمما عبر الإنتربول.
كما بدأ القضاء اللبناني قبل عامين تحقيقاً محلياً.
وتركّز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة «فوري أسوشييتس» المسجّلة في الجزر العذراء والمستفيد الاقتصادي منها شقيق الحاكم السابق رجا سلامة.
ويعتقد أنه جرى عبرها «اختلاس أموال عامة بقيمة أكثر من 330 مليون دولار» بين 2002 و2015.
وبيّن تقرير الشركة «وجود دليل على حصول دفعة عمولات غير شرعية، بقيمة 111 مليون دولار»، مضيفاً «يبدو أن ذلك يشكل استمراراً لمخطط العمولات قيد التحقيق» في لبنان ودول أخرى.
وبعدما كانت علقت عملها حوالي عام بعدما رفض مصرف لبنان تزويدها بكافة المستندات المطلوبة بحجة السرية المصرفية، استأنفت شركة «ألفاريز ومارسال» عملها في تشرين الأول/ أكتوبر 2021.