تحقيق: مها عادل
موسم العودة من الإجازة يعد الأصعب على كثير من الأشخاص والعائلات، ففي كل أسرة ترتبك مواعيد الكبار والصغار؛ إذ يختلف إيقاع الحياة طوال فترة الإجازة؛ لذلك تصبح العودة إلى العمل والدراسة مهمة صعبة، خصوصاً إذا كانت الإجازة طويلة، أو تخللها سفر، أو ظروف غير متوقعة تزيد من إرهاق العودة، وتجعل الانتظام في الحضور والانخراط في مسؤوليات العمل أو الدراسة أمراً يحتاج إلى بعض الوقت، لإعادة التأقلم.
يقول جلال إبراهيم، موظف بدبي: «تعد فترة الإجازة مساحة للاسترخاء وقضاء وقت مع الأسرة والأبناء والقيام بأنشطة ترفيهية والسفر لتغيير المزاج، بينما العودة إلى العمل تمثل لي مشقة لفترات طويلة يومياً، إلى جانب معاناة الزحام والغياب عن البيت معظم ساعات اليوم؛ لذلك تكون الأيام الأولى بعد العودة من الإجازة، شديدة الصعوبة، وأحتاج إلى مجهود كبير للتركيز في عملي، والعودة لتحمل الكثير من المسؤوليات، ومتابعة عشرات الرسائل الإلكترونية التي تحتاج إلى التصرف، وتسلم المشروعات التي عمل عليها زملائي ومتابعة مجرياتها».
ويضيف: «في العام الماضي كان التأقلم مع ظروف العمل عند العودة من الإجازة أصعب بكثير، لأنني سافرت مع أبنائي وجرت ظروف خاصة جعلتني أمدد فترة السفر، وهكذا عدت إلى الدولة في نفس اليوم الذي تنتهي فيه إجازتي، ووجدت نفسي بعد ساعات قليلة من وصولي إلى المطار أجلس على مكتبي، وأنا ما زلت أعاني فروق التوقيت، وشعرت بصعوبة كبيرة في التركيز، وتسلم الأعمال التي كان يقوم بها زملائي في غيابي، وأعاني عدم التأقلم وصعوبة العودة لأيام تالية؛ لذلك فقد تعلمت الدرس هذا العام، وحرصت أن أجعل هناك فاصلاً زمنياً معقولاً بين الرجوع من السفر وانتهاء الإجازة؛ بحيث أمضي بضعة أيام مع أبنائي في البيت قبل العودة إلى العمل، فأرتب أمورهم، وأعيد ضبط إيقاع جسدي وعقلي قبل الانخراط في العمل بهمة ونشاط من جديد».
تخلص من الفوضى
تصف رانية العلي، ربة بيت، تجربتها مع تخطي صعوبة العودة من الإجازات، وتقول: «عادة ما تختتم الإجازة الصيفية بحالة من التوتر في منزلنا، بسبب محاولاتي المستمرة في الأسبوع الأخير من الإجازة، لضبط إيقاع النوم والاستيقاظ بالنسبة لأبنائي الثلاثة قبل العودة إلى المدارس، فالسمات الأساسية للإجازة الصيفية بالنسبة للأبناء هي الفوضى في كل شيء، في مواعيد النوم، وفي تناول الطعام، وفي السهر يومياً أمام الشاشات حتى الساعات الأولى من الصباح، والتحرر الكامل من كل المسؤوليات، بدءاً من ترتيب غرفهم وصولاً إلى مساعدتي في إعداد مائدة الغداء؛ لذلك يكون الأسبوع الأخير من الإجازة محاولة لإعادة الانضباط إلى حياة الأطفال».
وتتابع: «أحث أبنائي على التعاون في إعداد مستلزمات المدرسة من ملابس وأحذية وحقائب، ولتحفيزهم على العودة إلى المدارس بابتهاج وسعادة، أترك لهم اختيار أنواع الحلوى التي يفضلونها أثناء اليوم الدراسي، وألوان الحقائب، والأدوات المدرسية، وأصعب ما يواجهني في الأسبوع الأول، هو محاولة التخلص من حالة الكسل وفقدان الحماس للذهاب إلى المدرسة، وعادة ما تكون الأيام الأولى هي الأصعب، لدرجة أن ابني الأصغر يمضي فترة الانتقال بالحافلة المدرسية في الذهاب والعودة من المدرسة نائماً، وإخوته الأكبر سناً يفقدون شهيتهم تماماً، ويتوجهون إلى الفراش فور وصولهم إلى البيت، للحصول على جرعة من نوم القيلولة، لكني أتعامل معهم بمرونة في الأسبوع الأول من الدراسة، لأني أعلم أنه يكون الأصعب بالنسبة لهم».
حماس وفرحة
وربما تبدو العودة إلى الدراسة أفضل قليلاً عند الأبناء الأكبر سناً في المرحلة الجامعية؛ حيث تروي الطالبة مهيرة توفيق تجربتها مع العودة إلى الدراسة في كلية إدارة الأعمال، وتقول: «أشعر بحالة من الحماس والفرحة، لأنني سوف أعود إلى لقاء أصدقائي وزملائي بالجامعة، خاصة أن الأيام الأولى بالدراسة تكون أخف وطأة بالنسبة لمسؤوليات الدراسة ومواعيد المحاضرات وإعداد الأعمال البحثية والمشروعات العملية، ولا تخلو تجمعات الأصدقاء بعد غياب من المرح والبهجة ومشاركة الأوقات الحلوة، وتشكل هذه الأيام حالة من الفضول والاستكشاف للمناهج الجديدة التي أكون شغوفة بالتعرف إليها».
وتتابع: «عادة ما يعود إيقاع الدراسة الجامعية بعد أن تنتظم المحاضرات، لأننا نختار المواد التي سندرسها خلال الفصل الدراسي، ونتبادل المعلومات والخبرات حول مشروعات التدريب العملي، ولأن المرحلة الجامعية هي الفترة التي تحدد مسار طموحي المستقبلي، فأعتقد أنه لا يجب إضاعة الوقت، فأنا من الذين يستمتعون بالدراسة، ويسعون للتفوق، وعلى الرغم من أنني استمتعت بالإجازة والسفر والراحة، فإنني لا أعاني أعراض الكسل أو الخمول أو عدم انتظام مواعيد النوم عند العودة إلى الدراسة، وبشكل عام فأنا لا أنام مبكراً حتى في أيام الدراسة، وأحاول قدر الإمكان ألا أجعل في جدول محاضراتي مواعيد مبكرة حتى أستمتع بقدر كافٍ من النوم، إلى جانب أنني أشتاق للعودة للدراسة كل عام بعد الإجازة الطويلة، إلا أنني أحياناً أصاب بشيء من الملل من حالة الفراغ وأتطلع إلى إيقاع الدراسة المزدحم».
الفترة الأصعب
تؤكد معالي محمد، موظفة وأم لطفلين، صعوبة العودة إلى العمل، وتقول: «هناك أسباب كثيرة تجعل عودتي إلى روتين العمل بعد فترة الإجازة، عملية شاقة، ليس فقط بسبب الحرمان من الراحة التي أستمتع بها في الإجازة، لكن لأنني أعود إلى العمل، بينما يظل ولداي في المنزل لأنهما لم يلتحقا بالدراسة بعد، وهذا يلقي على كاهلي مسؤولية ترتيب أوضاعهما في غيابي، وتحضير بعض المأكولات السريعة يومياً قبل الذهاب إلى العمل، وأتقاسم مع زوجي هذه المسؤوليات، خصوصاً أن مواعيد عمله متغيرة، لأنه يعمل في نظام المناوبات، وبالتالي يكون في بعض الأحيان في المنزل صباحاً، ويذهب إلى العمل في فترة ما بعد الظهيرة، وهذا يساعدني في الأيام الأولى بعد العودة من الإجازة، لهذا تكون هذه الفترة الأصعب على الإطلاق، لأنها تتطلب مني الكثير من الجهد الذهني والنفسي والبدني، إلى جانب تحقيق الكثير من التنازلات حتى أضمن ظروفاً مريحة وآمنة لهما أثناء غيابي بالعمل، والبعد عنهم لفترات طويلة خلال اليوم، وهذا العام قررت تركيب كاميرات مراقبة بالبيت، لأتمكن من الاطمئنان عليهما عن بُعد».