- كنت أصلي وابني الصغير يلعب أمامي وتركت شيئاً على موقد النار، فذهب ابني ناحيته فخشيت عليه من الخطر، فقطعت صلاتي لإنقاذه، فما حكم ذلك؟
- إذا كانت الصلاة فرضاً، فإن قطعها للأمور المهمة والمصالح المعتبرة التي لا يمكن تداركها جائز شرعاً، دينية كانت أم دنيوية، بل قد يصل ذلك إلى حد الوجوب إذا تعلق بنحو: إنقاذ غريق أو إغاثة ملهوف، بخلاف ما لو كان أمراً يسيراً، أو كان يمكن تداركه ولو بتخفيف الصلاة.
ومن الأدلة على ذلك: ما رواه الإمام البخاري في «صحيحه»، والإمام أحمد في «مسنده»، وابن خزيمة في «صحيحه»، والحاكم في «المستدرك»: عن الأزْرَق بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: «كُنَّا بِالأهْوَازِ نُقَاتِلُ الْحَرُورِيَّةَ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى حَرْف نَهَرٍ إِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، وَإِذَا لِجَامُ دَابَّتِهِ بِيَدِهِ، فَجَعَلَتِ الدَّابَّةُ تُنَازِعُهُ، وَجَعَلَ يَتْبَعُهَا، قَالَ شُعْبَةُ: هُوَ أَبُو بَرْزَةَ الأسْلَمِيُّ رضي الله عنه، فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ افْعَلْ بِهَذَا الشَّيْخِ! فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخُ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ قَوْلَكُمْ، وَإِنِّي غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم سِتَّ غَزَوَاتٍ، أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، أَوْ ثَمَانِيَ، وَشَهِدْتُ تَيْسِيرَهُ، وَإِنِّي إِنْ كُنْتُ أرجع مَعَ دَابَّتِي، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِعُ إِلَى مَأْلَفِهَا، فَيَشُقُّ عَلَيَّ».
وعقد الإمام البخاري لذلك باباً في «صحيحه» سماه (باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي في «فتح الباري» (3/ 82، ط. دار المعرفة): [وفيه حجة للفقهاء في قولهم أن كل شيء يُخْشَى إتلافُه من متاع وغيره يجوز قطع الصلاة لأجله].
وأما قطع الصلاة من أجل إنقاذ النفس المعصومة فهو واجب يأثم تاركه؛ قال الإمام العز بن عبدالسلام الشافعي في «قواعد الأحكام في مصالح الأنام» (1/ 66، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): «تقديم إنقاذ الغرقى المعصومين على أداء الصلاة؛ لأن إنقاذ الغرقى المعصومين عند الله أفضل من أداء الصلاة، والجمع بين المصلحتين ممكن بأن ينقذ الغريق ثم يقضي الصلاة».
- ما حكم ركوع الإمام بعد سجدة التلاوة دون أن يقرأ شيئاً من القرآن؟
- يجوز له ذلك، ولكن المستحبَّ أن يقرأ شيئاً من القرآن، فقد قال النووي في «المجموع شرح المهذب» (4/ 63): «فالمستحب أن يقوم ويقرأ من السورة بعدها شيئاً ثم يركع، فإن قام ولم يقرأ شيئاً وركع جاز».
- هل يجوز لأحد الأفراد أن يؤذن للصلاة، أم لا بد أن يكون المؤذن معيناً لهذه المهمة؟
- يشترط لصحة الأذان شروط بعضها يتعلق به وبعضها يتعلق بالمؤذن؛ فيشترط للأذان:
- أن تكون كلماته متوالية؛ بحيث لا يفصل بينهما بسكوت طويل أو كلام كثير.
- وأن يقع كله بعد دخول الوقت، فلو وقع بعضه قبل دخول الوقت لم يصح، إلا في أذان الصبح، فإنه يصح قبل دخول الوقت على تفصيل في المذاهب.
- وأن تكون كلماته مرتبة، فلو لم يرتبها، كأن ينطق بكلمة حي على الفلاح قبل حي على الصلاة لزمه إعادة ما لم يرتب فيه، فإن لم يعد لم يصح أذانه.
- وأن يقع من شخص واحد، فلو أذن مؤذن ببعضه ثم أتمه غيره لم يصح، كما لا يصح أذان تناوبه اثنان أو أكثر بحيث يأتي كل واحد بجملة غير التي يأتي بها الآخر.
- وأن يكون باللغة العربية، إلا إذا كان المؤذن أعجميًّا ويريد أن يؤذن لنفسه أو لجماعة أعاجم مثله.
- ويشترط النية؛ فإذا أتى بالألفاظ المخصوصة بدون قصد الأذان لم يصح.
ويشترط في المؤذن:
- أن يكون مسلماً؛ فلا يصح من غيره.
- وأن يكون عاقلًاً؛ فلا يصح من مجنون أو سكران أو مغمى عليه، ولا من صبي غير مميز.
- وأن يكون ذكراً؛ فلا يصح من أنثى أو خنثى.
فإذا تحققت الشروط السابقة، جاز لأي فرد أن يؤذن للصلاة، إلا إذا كان للمسجد مؤذن راتب موجود بعد دخول الوقت؛ فإنه والحالة هذه لا يزاحم غيره في الأذان إلا إذا أذن له المؤذن الراتب.