(إندبندنت)
صوّت أبناء الإكوادور قبل يومين فقط لصالح إيقاف التنقيب عن النفط في محمية ياسوني الوطنية في منطقة الأمازون بهامش بلغ نحو 20%، في استفتاء تاريخي جاء نتيجة حملات استغرقت أكثر من عقد من الزمن، وقامت بها مجتمعات السكان الأصليين في أنحاء البلاد كافة.
وتعني هذه النتيجة التاريخية أن التنقيب في سياق مشروع «إيشبينغو – تامبوكوتشا – تيبوتيني» النفطي، المسؤول عن 12% من إنتاج النفط في الإكوادور، سيحظره بشكل دائم، كما سيجري تفكيك البنية التحتية الخاصة به. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يتوجب على الحكومة الآن تنفيذ عملية إصلاح خلال العام المقبل على سبيل المحاولة، للتعويض عن الأضرار التي تسبب فيها حقل النفط.
وغالباً ما توصف ياسوني بأنها واحدة من أعظم مناطق التنوع البيولوجي في العالم، إذ تغطي مساحة تزيد على 2.5 مليون هكتار (25 ألف كيلومتر مربع) وتضم أكثر من 610 أنواع من الطيور ومئات الأصناف من الزواحف والبرمائيات، كما أنها موطن لعديد من مجتمعات السكان الأصليين، بمن فيهم شعب تاغايري وتاروميناني، الذي يكافح بلا هوادة من أجل حماية منازل أبنائهم من الدمار الناجم عن استخراج النفط وعن أزمة المناخ.
وظهرت فكرة الاستفتاء عام 2013 عندما تعهد رافائيل كوريا رئيس الإكوادور آنذاك بوضع حد للتنقيب عن النفط في ياسوني، شريطة أن يتبرع المجتمع الدولي للتعويض عن الدخل الذي ستخسره بسبب هذا الإجراء، بيد أن الاقتراح فشل لأن المبلغ المجمع كانت نسبته أقل من 20% من الأموال المطلوبة، وبدأ التنقيب عن النفط عام 2016.
وقدم ناشطون من أنصار البيئة في كل أنحاء الإكوادور بقيادة مجتمعات السكان الأصليين، التماساً لطرح قضية التنقيب عن النفط في ياسوني على التصويت في استفتاء عام، وجمعوا أكثر من 750 ألف توقيع. وبعد تخطي العقبات القانونية وغيرها من العوائق اللوجيستية الذي استغرق سنوات، أجري التصويت أخيراً، الأحد، وصوت ما يقرب من 60% من الناس لصالح حماية البيئة بدلاً من الاستغلال. وهذا قرار قادر على تغيير كل شيء. وتعد غابات الأمازون بمثابة بالوعة للكربون بالنسبة إلينا جميعاً، لأنها تمتص الانبعاثات الكربونية من الغلاف الجوي، إلا أن إزالة الغابات من قبل صناعات النفط التي ربطها العلماء تأثيراتها في انخفاض هطول الأمطار، الذي بدوره يؤدي إلى تسريع زوال الغابات المطرية علاوة على تهديد التنوع البيولوجي والتسبب في أضرار بيئية واسعة النطاق.
ومن خلال التصويت لصالح إيقاف التنقيب عن النفط في ياسوني بمنطقة الأمازون، اختار شعب الإكوادور أن يحمي التنوع البيولوجي والحياة، على الرغم من أن ذلك ستكون له تداعيات مالية هائلة بالنسبة إلى الإكوادوريين. وقدرت وكالة «فيتش» المتخصصة بالتصنيف، في وقت سابق من هذا العام، انخفاض الإيرادات بمقدار 600 مليون دولار حال التصويت بإيقاف التنقيب، ما سيؤدي بدون شك إلى اتخاذ تدابير تقشفية.
من المؤكد أنه لا بد من إرغام من يتسببون في التلوث على دفع التعويضات لإبقاء النفط على حاله في باطن الأرض، وذلك من أجل قطع شوط على طريق التعويض عن الأضرار الهائلة التي ألحقوها بالبيئة.