تتابع الدول الغربية بقلق زيارة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون إلى روسيا، ونتائج مباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ومصدر القلق هو الخوف من أن تتطور العلاقات بين البلدين إلى شكل من أشكال التحالف الاستراتيجي الذي يشمل مختلف العلاقات الاقتصادية والعسكرية والتقنية والسياسية، ثم يتمدد هذا التحالف ليشمل الصين، بحكم موقع البلدان الثلاثة في مواجهة المحور الغربي نفسه وخصوصاً الأمريكي.
أن يتبادل بوتين وكيم البنادق كهدايا فذلك رسالة بأن القضايا العسكرية تشكل قضية محورية في محادثاتهما، مع أن الرئيس الروسي تحاشى الإفصاح عن التعاون العسكري المشترك، مكتفياً بالقول «هناك بعض القيود التي تلتزم بها روسيا، لكن هناك أشياء بإمكاننا الحديث بشأنها». و«القيود» التي تحدث عنها تتعلق بالمخاوف الغربية من أن تقوم موسكو بتزويد بيونغ يانغ بتكنولوجيا نووية لتعزيز برامج صواريخها النووية، لئلا يعتبر ذلك انتهاكاً لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية الموقعة عام 1970 والتي تم تمديدها عام 1995 إلى أجل غير مسمى.
كما أن الدول الغربية المنخرطة في الحرب الأوكرانية تخشى أن تؤدي الزيارة إلى قيام كوريا الشمالية بتزويد روسيا بالذخائر والقذائف التي تحتاج إليها في الحرب، وتمتلك بيونغ يانغ الكثير منها.
لكن من الواضح أن الاجتماعات بين بوتين وكيم، التي استمر بعضها لأكثر من أربع ساعات تهدف إلى رفع مستوى العلاقات إلى مدى أوسع، وسط معلومات تتحدث عن جهد مشترك لإقامة تحالف يضم البلدين إلى جانب الصين، في إطار ما يسمى «المثلث الاستراتيجي» لمواجهة التحالفات الإقليمية العسكرية التي تعمل الولايات المتحدة على إنشائها.
وفي هذا الإطار يقول جهاز المخابرات الكوري الجنوبي إن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو اقترح على روسيا والصين وكوريا الشمالية إجراء مناورات بحرية مشتركة مماثلة لتلك التي تقوم بها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان.
لكن ما قد تخرج به الزيارة قد يتجاوز العلاقة بين موسكو وبيونغ يانغ، إذ إن روسيا قد تعمل على إعادة قيام «مثلث موسكو- بكين - بيونغ يانغ» لمواجهة التغيرات الاستراتيجية التي يشهدها العالم، وهو ما أشار إليه ديمتري كيكو نائب المدير العام للرقابة على العقوبات الخارجية بوزارة المالية الروسية، كذلك أشار ألكسندر فورونتسوف رئيس قسم كوريا ومنغوليا في معهد الدراسات الشرقية في أكاديمية العلوم الروسية إلى أن «زيارة كيم جونغ أون ذات أهمية استراتيجية، وخطوة انتقالية نحو استعادة إنشاء مثلث استراتيجي، كونها رد فعل لتهديدات جديدة ظهرت في الآونة الأخيرة في المنطقة».
وفي إطار هذا المسعى ليس من المستبعد أن يقوم كيم قريباً بزيارة بكين، التي زارها عام 2019 أربع مرات. ورغم أن بكين لم تعلق على احتمال مثل تلك الزيارة إلا أن وزارة الخارجية قالت «إن الصين وكوريا الشمالية تعملان على تعميق التبادلات والتعاون في جميع المجالات، وهما جارتان صديقتان تسعيان إلى تحقيق تقدم جديد وأكبر في علاقاتهما».