الذكاء الاصطناعي والأجهزة الرقمية والهواتف أضحت جزءاً أساسياً من حياة الناس؛ فبعد «اضغط على الرقم واحد لاختيار اللغة» و«اسمع الخيارات بعناية».. تخرج عليك مساعدة إلكترونية، وتبدأ بمحاورتك بلغة فصيحة واضحة. وتطلب تحديد المطلوب.. ثمّ تنهمر الأسئلة، وعندما تجيب تعيد إجابتك، وتطلب منك تأكيدها، بحسب البرنامج الموجود لديها.. أما إذا لم يكن هذا الخيار موجوداً، فقد دخلت في نفق.. وبعد يأسها من تعاملك الرقمي، تحوّلك إلى خدمة العملاء، ليردّ عليك موظّف «بشري»، ويلبّي حاجتك.. لم كل هذه «القصّة» و«المحاورة» الإلكترونية التي لم تقدّم أي مساعدة؟
نحن بلا أدنى شكّ، مع استخدام التقنية والأتمتة، لتسهيل حياة الناس، وتيسير أمورهم، بعيداً عن التعقيد والوسائل التقليدية التي عفا عليها الزمن، ولكن على أن تكون هذه الأتمتة سهلة مريحة واضحة مُيسِّرة. لا أن تزيد تعقيد أمورك، ثم تعيدك إلى عصر «الموظف البشري».
كثير من المواقع تقدّم خدمات أو استطلاعات وضعها المعنيون بها، معظمها مأخوذ عن برامج أجنبية، ومن ثمّ قد تكون الترجمة آلية لا تلبّي المعنى الحقيقي للفكرة الأصلية، المطلوب في هذه الحال، مع أهمية الاستطلاعات، لتشكيل رؤية تحدّد مسار الخطط، أن تكون صادرة عن الجهات الرسمية فقط، بما يخدم مسيرة الوطن المبنية على العلم والدراسة والبرامج العميقة الرؤية.
أطفالنا الآن يتعاملون في معظم مفاصل حياتهم، مع التقنيات، لا سيما في الدراسة والامتحانات، وهناك معاناة في هذا الأمر، بالصعوبة أحياناً والغموض أحياناً أخرى، وهذا يشكل تحدياً لتعليم أبنائنا بالشكل المرجوّ.
وفي الوقت نفسه، لا يمكننا إلّا أن نثمّن بكثير من الامتنان، نجاح كثير من الجهات الحكومية في رقمنة خدماتها، وتحويلها الى ذكية، ما سهّل على المتعاملين، وخفّف عنهم وطأة قطع المسافات أو الانتظار المملّ في أبهاء المؤسسات، لإنجاز معاملاتهم.
التقنية والأجهزة الذكية تغلغلت في كل مفاصل حياتنا، وهذا شيء طيّب وصحّي، بل وضروري.. لكن الضروري والأكثر صحّة، أن تترافق هذه التقنية وهذا الذكاء، بتسهيل، ودراسة طويلة المدى، لأنها ستكون أمراً حياتياً يومياً للجميع، ويجب أن يرافق تلك الدراسات، الأخذ في الحسبان أن كثراً من النّاس غير متمكّنين من استخدامهما بشكل جيّد، والكثر لا يتقنون اللغة الإنجليزية، وآخرون لا يملكون أجهزة ذكية كما ذكرنا، وهؤلاء جزء لا يتجزّأ من نسيج المجتمع.
وكما كان المذياع أول ظهوره، يعمل بأسلاك الكهرباء، والتلفزيون فيما بعد، يدوياً، أضحيا يعملان باللمس، ويتقن الكبار والصغار التعامل معهما، لتكن هذه التقنية والرّقمنة والذكاء ببساطة تخدم الجميع بدون استثناء.