عادي

رحيل المفكر والمترجم المصري شوقي جلال

وضع العلم والعقل في صلب مشروعه الإبداعي
23:17 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: «الخليج»

غيب الموت فجر أمس الكاتب والمترجم المصري شوقي جلال، عن عمر ناهز ال 91 عاما، وبعد مسيرة حافلة بالعطاء، أضاف خلالها عشرات الأعمال المهمة للمكتبة العربية، وقد نعته الدكتورة كرمة سامي مدير المركز القومي للترجمة، واصفة إياه ب: «المثقف النبيل الذي تعامل مع الترجمة، بوصفها مشروعا قوميا، يهدف إلى النهوض بالإنسان المصري، وبالوطن والقومية العربية حاضرا ومستقبلا».

قدم شوقي جلال للمكتبة العربية، عددا كبيرا من المؤلفات، من بينها «الشك الخلاق: في حوار مع السلف»، و«الترجمة في العالم العربي” و«على طريق توماس كون»، و«نهاية الماركسية كما قدم للقارئ العربي، مجموعة كبيرة من الترجمات المهمة، منها:»الإنسان.. اللغة.. الرمز: التطور المشترك للغة والمخ«، و»الثقافات وقيم التقدم«، و»الشرق يصعد ثانية: الاقتصاد الكوكبي في العصر الآسيوي«، و»لماذا العلم: كي نعرف ونفهم ونعتمد على النتائج«، و»فكرة الثقافة«وغير ذلك من الأعمال المهمة التي أثرت المكتبة العربية.

شغل شوقي جلال عضوية عدد من الهيئات الثقافية المهمة في مصر، ونال عدة جوائز أهمها:«جائزة رفاعة الطهطاوي للترجمة «في 2018 عن ترجمته لكتاب»موجات جديدة في فلسفة التكنولوجيا “ و»جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي».

ولد في 30 أكتوبر عام 1931، وحصل على ليسانس الآداب، قسم الفلسفة وعلم النفس جامعة القاهرة، وقد كشف عن حال الترجمة في الوطن العربي، طوال رحلته الطويلة، واستند تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي إلى كتابه «الترجمة في العالم العربي، الواقع والتحدي».

انتقد جلال قلة إنتاج العرب من الكتابات المترجمة، رغم أن الترجمة في رأيه من أبرز الأدلة على قدرة أي شعب على التفاعل مع العصر، والاهتمام بالترجمة يعني الارتباط برؤية خاصة للمستقبل، من خلال الانفتاح على العالم.

وقال: في العالم العربي مراكز للترجمة لكنها «جزر منعزلة تعمل دون تنسيق لرؤية مشتركة» وإن ما يترجم من كتب يسد بعض الفراغ، لكنه غير كاف، نظراً لأن الترجمة لا تنشط إلا في مجتمع حر، منتج للفكر”.

كانت الطبعة الأولى لترجمة رواية (المسيح يصلب من جديد) للروائي اليوناني كازانتزاكيس صدرت في القاهرة عام 1970 ولم يترجمها جلال عن اللغة اليونانية، وهو ما يثير قضية ترجمة الإبداع الأدبي عن لغة وسيطة.

وقال إن ترجمته الرواية استغرقت منه عامين كاملين، وإنه ترجمها عن الإنجليزية والفرنسية، ومن يعرفون اليونانية قالوا إنها أكمل ترجمة عربية وأقربها للنص...”في حوار أجري معه قال: أعتبر أن الكتب هي حياتي، عندما أقرأ أنسى كل ما حولي، وأعيش عالم الكتاب، وعندما أنتهي من القراءة، أستمر في التفكير في موضوع الكتاب فترة طويلة.

في 1956 عمل جلال مدرساً للفلسفة في معهد المعلمين، بعدها دخل المعتقل وتم فصله، ثم فكر في العمل المستقل بعيداً عن المؤسسات الحكومية، وظل يعيش بفلسفة: من استغنى فقد اغتنى، وكان بعض الأصدقاء يقولون له: نعجب لتواضعك الشديد، كانت الدنيا بالنسبة له منذ الطفولة مكان عبور، وقد تقدم باستقالته من الوظيفة، لرفضه أن يكون موظفاً.

ولأنه كتب عن العقل الأمريكي، وعن الصين، فقد كان يرى أن المعركة الدائرة الآن هي معركة صراع بين الشرق والغرب، وأن الليبرالية سقطت منذ زمن الشعارات التي أطلقت عن الإخاء والمساواة والحرية والعدالة.

يقول الروائي د. إيمان يحيى: «إن شوقي جلال، غادر دنيانا، بعد أن ملأ عقولنا بالحقائق العلمية والموضوعية».

كتب الكثير من الكتب النقدية لكثير من الظواهر التاريخية، وترجمته «المسيح يصلب من جديد» هي أعظم ما ترجم من أعمال أدبية.

يقول د. يحيى: رحل مثقف عظيم، ومفكر كبير، إنسان لم يدع أحداً ليستعبده، كان عفيف النفس، معتداً بذاته، يحترم التفكير وعقل الإنسان.

أما القاص الدكتور شريف صالح؛ فيشير إلى أن جلال كان ينتمي بعقله وقلبه وتكوينه للفترة الليبرالية بعد ثورة 19 وهو قريب– جيلياً- من قامات مصرية عظيمة مثل لويس عوض ومصطفى صفوان وغالي شكري ويوسف إدريس وشريف حتاتة وفؤاد زكريا وعبد القادر القط وعبد الغفار مكاوي، واختار أن يكون مترجماً أكثر منه مؤلفاً «على أهمية منجزه في المجالين» وأن يضع العلم والعقلانية في صلب مشروعه، الذي وهب له عمره المديد، لقد كان أحد الأبناء الشرعيين لطه حسين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yr9ywykz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"