ضميرك دليلك

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

ليست هذه المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي تنكشف فيها عورة الغرب الأخلاقية، وتحديداً في حالات إنسانية عالمية.. لا هي المرة الأولى في رخاوة بل ميوعة الحس البشري الأوروبي تجاه مأساتيّ المغرب وليبيا، ولا هي المرّة الأولى في برودة أعصاب العالم الأول تجاه الموت العلني الصّارخ في بلدان آسيوية وإفريقية وشرق أوسطية، ويبقى أنه أمام هذه الصورة الغربية المتخاذلة والبطيئة أو حتى المعدومة من حيث إغاثة مناطق الكوارث ومدّها الفوري بالإيواء والغذاء والدواء.. تظهر عارية تماماً صورة الثقافة الغربية النفعية الانتهازية «.. أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية». إنها صورة المصالح السياسية والاقتصادية والاستثمارية أولاً وأخيراً، بصرف النظر كلياً عن الإنسان في أقصى درجات عذاباته التراجيدية في المناطق المنكوبة.

ثمة، في قلب تخاذل الغرب، ومعه أمريكا، مشهد ثقافي يجب أن يُقرأ جيداً من جانب النخب الفكرية العربية، ذلك أن العورة الأخلاقية الغربية الرسمية والشعبية هذه، إنما، تتضمّن جانباً ثقافياً وفكرياً عند الغرب نفسه.. الغرب الرسمي والشعبي الذي يتأكد أنه مأزوم أخلاقياً، وفكرياً بل ووجودياً في الوقت نفسه.

يُحيل موقف دول مثل بريطانيا وأمريكا وفرنسا والصين وروسيا، «دول الفيتو» تجاه الكارثة العربية في المغرب وليبيا وفي بلدان كوارثية في آسيا وإفريقيا.. يُحيل هذا الموقف إلى حقيقة وجودية، نفسية أيضاً مضطربة تماماً في الحياة وفي الثقافة في تلك البلدان التي تناقض مؤسساتها المدنية، وتناقض خطابها الكوني أو «الأممي»، وتناقض هوياتها الحضارية المدنية حين تدير ظهرها لكل ما هو إنساني، ومدني في حالات كوارث الطبيعة، وكوارث الحروب.

.. اليوم، يشهد العالم انعقاد الدورة الثامنة والسبعين للأمم المتحدة. دول فيتو، ودول عالم أوّل، ودول عالم ثالث، ودول مراكز ودول هوامش.. تلقي جميعها في الحقيقة ليس خطاباتها السياسية، بل خطاباتها الثقافية، وفي كل ما هو ثقافي، هناك دائماً، ما هو أخلاقي.. فما الذي سيحدث في انعقاد الدورة الأممية، وما الذي سيحدث بعد الدورة؟؟.. الأرجح لغة شعرية إنسانية تعاطفية مع أهالي ضحايا الزلزال والفيضان، والأرجح أيضاً حفنة دولارات من هنا وهناك لن تكفي لإعمار نصف «درنة»، والأرجح أن الغرب المتخاذل وبارد الأعصاب، سيبدو في الأمم المتحدة، حزيناً وتضامنياً – بأقصى درجة من اللغة الدبلوماسية النظيفة.. لكنْ.

.. ضميرك دليلك.. وما أسهل معرفة لغة الكذب..

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yywhkce7

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"