عمل الخير هو الذي يبقى ويصنع الفرق، هو الذي يصنع للحياة معنى وقيمة، وهناك أشخاص جُبلوا على العطاء والإيثار عن طيب خاطر، وليس تصنّعاً أو تكلّفاً، وهم بطبيعتهم يقدمون ويعطون، فيشعرون بالسعادة والتصالح مع الذات.
ما أجملهم، ومأ أجمل الحياة بوجودهم! هم حاضرون في كل زوايا الحياة، لكننا نشخص بأنظارنا إلى الظلال، وننسى أنها انعكاس لنور موجود إلى جوارها. لو أننا نعطي أنفسنا فرصة لاكتشاف النور، لأدركنا أننا نظلم الواقع وأنفسنا، بالأحكام القطعية والصور السوداوية.
هناك أشخاص يقدّمون الخير برتابة يومية، ومن دون منّة، ونحن ننسى أن نقدّر هذا العطاء، ونتعامل معه بوصفه شيئاً من المسلّمات، بينما مراجعة حقيقية، ستبيّن أن هذا نوع من الأنانية، وربما عدم العدالة في نظرتنا إلى الآخرين.
منهم المتطوعون في الأعمال الإنسانية عامة، ومنهم من يقومون على خدمة الناس في المراكز الصحية، ومنهم من يسعون لإضفاء البهجة في نفوسنا منذ ساعات الصباح الأولى بإزالة بقايا ما تركه بعضهم، بعد تناول الطعام في الحديقة أو ممّن يرمون مخلّفاتهم المتنوّعة في الشوارع، أو إزالة آثار بعض أحوال الطقس من غبار وأتربة.. إلخ وغيرهم كُثر ممن يمكثون في المستشفيات ساعات طويلة يشرفون على صحة المرضى أو المراجعين.. وكثير من النماذج الراقية في مختلف المناحي.
هؤلاء الذين يجعلون للحياة معنىً، ويصنعون الفرح والسعادة في حياتنا، هم بشر مثلنا، لهم حقوقهم ومتطلباتهم، فلا بدّ أن نبادلهم العطاء بالعطاء والحب بالحب.
من أصعب الأشياء، حينما نعاتب شخصاً على تقصيره، لأننا تعودنا منه العطاء المستمر، وحينما يتراجع هذا العطاء، لحال ما، ننسف كل الماضي ونتعامل معه على أنه مذنب، وربما ذنبه الوحيد، أنه كان يعطي من دون منّة، أو ادّعاء أو تصنّع بطولات.
الضمير الحيّ والرقيب الذاتي، هو الذي يجعلنا نحكم تصرفاتنا وأحكامنا من منطلق إنساني، يجعلنا نعاتب أنفسنا على القصور، ونعتذر لمن أخطأنا في حقهم، هذا الجزء الراقي في النفس الإنسانية، هو بلسم الحياة.
يخطئون من ينظرون إلى الحياة على أنها ساحة معركة ينطبق عليها قانون الغاب، ويردّدون مقولة «إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب». الحياة تصبح غنية وعميقة، بوجود القيم والمبادئ التي تجعلك متصالحاً مع ذاتك، منسجماً مع ضميرك، وهناك عدالة في الحياة؛ فما تقدمه سوف يأتيك بشكل أو بآخر يوماً ما.
نستطيع أن نحتفظ بحقوقنا ومواقفنا، ونختلف ونتحاور، ولكن هناك مسافة بين الإفراط والتفريط؛ فالاعتدال والوسطية والحكمة، مفاتيح مهمة لنجاحنا في مشوار الحياة.
فلنكن متساوي العطاء وعادلين في الأحكام.
[email protected]
https://tinyurl.com/5dk8m229
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







