د. عارف الشيخ
كثر الجدل حول مسألة تعدد الزوجات في الإسلام، حتى أن علماء المسلمين أنفسهم ذهب بعضهم إلى شرح للآية أو الآيات يكاد يكون غريباً.
والسبب أن المرأة لا تريد أن تقتنع بأن التعدد مشروع إلهي، فيحاول بعضهم أن يقف معها أو يقف في صف من يعارض التعدد من غير المسلمين، لكننا لو قرأنا الآية الكريمة: (..فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة..) الآية 3 من سورة النساء، لوجدناها صريحة في أن الأصل زوجة واحدة، بدليل أن الله تعالى قيد التعدد بالعدل، وفي آية أخرى قال الله تعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم..) الآية 129 من سورة النساء.
إذن، فإن من الإنصاف أن ننصف الإسلام الذي لم يقل بالتعدد إلا في نطاق ضيق، وهو إذا وجدت الضرورة، وقد ذكر العلماء دواعي التعدد وحصروها في أربعة أشياء تقريباً:
أولاً: علاج مشكلة في الأسرة: مثل عقم الزوجة، أو عيب خَلقي أو خُلقي، أو مرض الزوجة مرضاً مزمناً.
ثانياً: تحقيق حاجة ماسة للرجل كأن يكون الزوج كثير الأسفار.
ثالثاً: عمل معروف في امرأة صالحة من غير راع لها، بسبب كبر سنها أو لأنها مشغولة بتربية أيتام.
رابعاً: الرغبة في مزيد من الاستمتاع لمن يجد في نفسه رغبة جامحة وهو قادر صحياً وماديّاً على الإنفاق. انظر: «تحرير المرأة في عصر الرسالة» - عبدالحليم محمد أبو شقة ج1- ص292- 294.
لو تأملنا في هذه الدواعي، لوجدنا أن الإسلام لم يشرع التعدد بداية، لكنه شرعه كعلاج لمشكلة قد تنجم مستقبلاً، فالرجل المتزوج إذا كان مسلماً يخاف الله ويخاف من الوقوع في المعاصي، ليس أمامه إلا أن يفكر في أخرى عند الضرورة، لكن بطريقة مشروعة.
نعم، غير المسلمين لا يفكرون بالزواج أصلاً، لأن الإنجاب يحصل عندهم من غير عقد شرعي، وإشباع الرغبة الجنسية عندهم يمكن أن يتحقق من غير اقتران بامرأة شرعية.
أما المسلم فليس أمامه حل إلا أن يحتفظ بزوجته الأولى التي قد تكون أم عياله، ثم يتزوج بأخرى علاجاً لمشكلته، والزوجة الثانية يتزوجها وفق ضوابط مثل العدل والقدرة المالية والصحية، وأهمها العدل الذي نفاه القرآن صراحة.
ولا شك أن الذي يصبر على بلواه ولا يعددّ حفاظاً على شعور زوجته الأولى أو مراعاة لشعور أولاده، يجد قبولاً عند رب العالمين وعند الناس.
إذن، فالتعدد رخصة لا عزيمة، والشرع أباح التعدد وما أحلّه كما يقول مبروك عطية، عميد كلية الدراسات الإسلامية في الأزهر الشريف سابقاً. والإباحة للقادر على تحقيق العدل والقادر مالياً وصحيّاً.