واشنطن - أ ف ب
حذّر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الخميس، في واشنطن، جمهوريي الكونغرس المتردّدين في إقرار حزمة جديدة من المساعدات لكييف، من أن بلاده تواجه خطر خسارة الحرب أمام روسيا في حال توقّف تدفق الدعم، فيما أكد البيت الأبيض أنه لم يتم تزويد أوكرانيا بصواريخ «أتاكمس» في المرحلة الراهنة.
واستقبل قادة الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، زيلينسكي الذي حضر إلى الكونغرس بزيه العكسري الذي أصبح علامته الفارقة، وبدا متجهّماً.
وأكد الرئيس الأوكراني للصحفيين أنه أجرى «حواراً جيداً جداً» مع المسؤولين. ونقل زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، عن زيلينسكي قوله: «إذا لم نتلقّ المساعدة فسنخسر الحرب». من ثم توجّه الرئيس الأوكراني إلى «البنتاغون»، ومن المقرر أن يستقبله لاحقاً مع زوجته أولينا، الرئيس الأمريكي جو بايدن وزوجته جيل. ويدرس الكونغرس حزمة جديدة من المساعدات العسكرية والإنسانية لأوكرانيا.
ليلاً، سقط ثلاثة قتلى في خيرسون الواقعة في جنوب أوكرانيا، وسبعة جرحى في كييف، في ضربات روسية استهدفت مدناً أوكرانية عدة.
وتختلف الزيارة، وهي الثانية لزيلينسكي إلى واشنطن منذ بدء الهجوم على بلاده في فبراير/ شباط 2022، عن سابقتها في 21 ديسمبر/ كانون الأول من العام ذاته.
ومنذ ذلك الحين، تراجعت الضغوط للإسراع في نجدة أوكرانيا، إذ إن الحرب تدور منذ أكثر من عام ونصف العام والدعم العسكري وصلها من دول غربية عدة. وطال التغيير أيضاً السياسة الأمريكية الداخلية، حيث بات الخصوم الجمهوريون لبايدن يمسكون بالأغلبية في مجلس النواب. ولم يحظ زيلينسكي هذه المرة باستقبال حافل في الكابيتول.
لكن خطابه أمام غرفتي الكونغرس قوبل مرتين بالتصفيق الحار، والوقوف تقديراً، بحسب ما أكد على منصة «إكس»، السيناتور الديمقراطي كريس مورفي. وبحسب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، مايكل ماكول، أكد زيلينسكي أن أوكرانيا «تحقق مكاسب ميدانية».
وقال ماكول: «سألناه عمّا يحتاج إليه وعن خطّته لتحقيق الانتصار»، مبدياً تفاؤله بالمصادقة على حزمة جديدة من المساعدات بقيمة 24 مليار دولار. ونقل عن زيلينسكي ردّه قائلاً: «يحتاجون إلى حزمة المساعدات وسيتلقّونها»، علماً بأن نقاشات مضنية لا تزال تجري بشأنها.
وأكد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب كيفن ماكارثي، الثلاثاء، أن ثمة «أسئلة أريد طرحها على زيلينسكي. أين هي المحاسبة على الأموال التي أنفقناها؟».
موازنة
ويُخشى أن يصبح هذا الجانب المالي من المساعدات أكثر تعقيداً في ظل خطر وقوع موازنة الولايات المتحدة في شلل إجرائي بحال عدم توصل المشرّعين إلى اتفاق بشأن الإنفاق، ولو بشكل مؤقت، قبل الأول من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وتشكل الميزانية المخصصة للمساعدات العسكرية والإنسانية لأوكرانيا جزءاً من النقاط التي تسببت بتعثر المفاوضات بين الديمقراطيين والجمهوريين.
وأكد الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، أن إفراج الكونغرس عن 24 مليار دولار لمساعدة أوكرانيا أمر «حيوي». وقال، الأربعاء: «أولئك الذين يعتقدون أن كلفة دعم أوكرانيا اليوم مرتفعة، تخيلوا فقط كم ستصبح باهظة، بالدم والأموال، إذا تخلّينا عن الأوكرانيين، في حال سمحنا لروسيا بالسيطرة على كامل أوكرانيا، وبأن تصبح في موقع أكثر قوة».
ومن المقرر أن يستقبل بايدن زيلينسكي لاحقاً في البيت الأبيض، وسيعقد الرئيسان خلوة في المكتب البيضوي، واجتماعاً موسعاً للوفدين.
وعلى الرغم من أن بايدن شكّل قوة الدفع للدعم الغربي لأوكرانيا، إلا أنه أقر بأن احتمال تباطؤ هذا الدعم يشكّل واحداً من مرتكزات الاستراتيجية الروسية، خاصة أن النزاع سيتمّ في غضون أشهر عامه الثاني، مع اقتراب فصل الشتاء، وتأثيره في سير العمليات العسكرية ميدانياً.
«خط النهاية»
وقال بايدن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا الأسبوع: «روسيا تعتقد أن العالم سيكل، وسيُسمح لها بالاعتداء على أوكرانيا منىدون عواقب». وأكد «إذا سمحنا بتقسيم أوكرانيا، فهل استقلال الدول سيكون مضموناً؟ الجواب هو لا».
وفي مقابلة مع محطة «سي إن إن» الأمريكية، أكد زيلينسكي، أن بلاده باتت «عند خط النهاية» في مواجهة الجيش الروسي، بعد تقارير صحفية في الآونة الأخيرة، وجّه خلالها مسؤولون أمريكيون، انتقادات إلى استراتيجية الحرب الأوكرانية.
وأكد كيربي، الأربعاء، أن بايدن يرغب خلال لقاء زيلينسكي في «الاطلاع على ما يجري في ميدان المعركة»، لكن أيضاً «القول بوضوح شديد للرئيس زيلينسكي إننا معهم مهما تطلب الأمر من وقت».
وترافق زيارة زيلينسكي تكهنات بشأن احتمال تقديم الولايات المتحدة مساعدة عسكرية جديدة إلى أوكرانيا.
وأقر الرئيس الأوكراني بأنه سيشعر «بخيبة أمل» في حال واصلت واشنطن الامتناع عن تزويد بلاده بصواريخ تكتيكية بعيدة المدى «أتاكمس»، انطلاقاً من خشيتها من أن يتم استخدامها لضرب الأراضي الروسية، ما قد يؤدي إلى تصعيد في حدة النزاع مع موسكو. لكن البيت الأبيض حسم هذه المسألة بالتأكيد أنه لم يتم تزويد أوكرانيا بها في المرحلة الراهنة.
وفي مؤشر يدل على تعقيدات على هذا الصعيد، أعلن رئيس الوزراء البولندي، ماتيوش مورافيتسكي، الأربعاء، أن بلاده توقفت عن تسليح أوكرانيا لكنها ستمضي قدماً في تسليم أسلحة «اتّفق عليها مسبقاً».
وأبدت بولندا «استعدادها للتباحث» مع كييف في الحظر الذي تفرضه وارسو على واردات الحبوب الأوكرانية، وهو ملف خلافي بين البلدين.