اقرأ لي ولك.. ولنا

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

- إذا لم تكن القراءة نعمة اللغة للّسان والعقل والقلب، فما هي إذاً؟ أهي نهرٌ دائم الجريان، نقطعه في اليوم الواحد عشرات المرّات؟
- تعلّمتُ القراءة والكتابة، مثلي، مثل الكثير من أبناء جيلي.. أبناء المزارعين، والحرّاثين، والحجّازين، على لمبة «الكاز» ذات الفتيلة دائمة النور طالما كان هناك «كاز».. وحين كان ينقطع، نواصل تعلّمنا على ما يمكن أن يجود به ضوء القمر. ومع ذلك، ما أجمل تلك القراءة، وما أجمل ذلك الكتاب.
- كان الكاتب الكيني نغوغي واثيونغو يقرأ على ضوء النار حين لا يكون «البارافين» متوفراً للمصباح، كانت أمّه تشعل قصب الذرة اليابس، وعليه أن يقرأ سريعاً على ضوء تلك الشعلات المفاجئة. كم يتشابه القرّاء والفقراء في كل مكان، وزمان.
- تحكي الراقصة الأمريكية إيزادورا دونكان، عن رجل يدعى هاينريش ثود، كان يقرأ لها كل فصل يكتبه من مؤلفه «القدّيس فرنسيس»، كان يقرأ لها «الكوميديا الإلهية»، وكانت قراءاته تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل، ولم يكن الرجل القارئ ذاك يفعل شيئاً سوى أن يبلل شفتيه بالماء طوال ساعات القراءة..
- في رواية «الدم لا يتكلم» للشاعر التركي ناظم حكمت، يجري حوار بين شخصيتين في الرواية: الأسطى نوري صاحب الدكان غير المتعلم، وغير المثقف، والأستاذ جمال، المثقف وقارئ الكتب الذي ينصح نوري بالقراءة، ويقول له: «ليس أن تقرأ كلما وجدت وقت فراغ من العمل، ولكن عليك أن تعمل كلّما وجدت وقت فراغ من القراءة».
- دائماً أجد عند إميل سيوران ما يجب أن يقرأ، وهو كاتب الشذرات التي تُقرأ كما لو أن المرء يأكل. يتذكر سيوران أن والده اعتاد أن يقرأ على أمّه من بعض الكتب، وكان والده الرّاهب يقرأ كلّ شيء بما في ذلك سيرة «راسبوتين»، الفلّاح الرّوسي الذي يقال إنه كان دجّالاً.
- هل لاحظت، صديقي القارئ، العادة الجميلة عند بعض الناس: كأن يقرأ الزوج لزوجته أو العكس، أو أن يقرأ ذو العافية للمريض، أو تقرأ الجدّة لحفيدها، أو يقرأ المتعلم للأمي. وهذه الأخيرة هي أجمل القراءات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mt2hbpfv

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"