د. أحمد العزير*
تلعب الصحة النفسية دوراً أساسياً في صحتنا بشكل عام. مثلما نعطي الأولوية لصحتنا الجسدية، فإن الاهتمام بصحتنا النفسية والعاطفية أمر بالغ الأهمية بنفس القدر. تمكننا الصحة النفسية الجيدة من التعامل مع تحديات الحياة، والحفاظ على علاقات إيجابية، والعمل بشكل منتج، وتجربة حياة مُرضية، وأساس المرونة واحترام الذات والنمو الشخصي.
ويمكن أن يؤدي إهمال الصحة النفسية إلى مجموعة من المشكلات، بما في ذلك القلق والاكتئاب وغيرهما من الاضطرابات النفسية، والتي يمكن أن تؤثر بشكل كبير في نوعية حياة الفرد.
إن التعرف إلى احتياجات الصحة النفسية ومعالجتها ليس مجرد مسألة رفاهية فردية، بل ضرورة مجتمعية، حيث إن السكان الأصحاء نفسياً يعززون مجتمعات أكثر صحة ومجتمعاً أكثر إنتاجية.
ولا تزال الوصمة المتعلقة بالصحة النفسية، قضية منتشرة ومثيرة للقلق في المجتمع. فإن نسبة كبيرة من الأفراد الذين يعانون حالات الصحة النفسية لا يزالون يواجهون التمييز والتحيز. بالإضافة إلى ذلك، يتردد العديد من الأفراد في طلب المساعدة أو الكشف عن معاناتهم المتعلقة بصحتهم النفسية. نحن بحاجة ملحة إلى بذل جهود مستمرة لتعزيز الوعي، وخلق بيئة أكثر شمولاً وداعمة لأولئك الذين يتعاملون مع تحديات الصحة النفسية.
وخلال فترة العصور الوسطى، والتي امتدت تقريباً من القرن السابع إلى القرن الثالث عشر، كانت الصحة النفسية والرفاهية من الموضوعات ذات الاهتمام والتطور الكبير. اعتمد العلماء والأطباء المسلمون على معارف الحضارات السابقة، وقدموا مساهمات كبيرة في مجال الصحة النفسية. وشهد العصر الذهبي الإسلامي إنشاء أول مستشفيات الطب النفسي، المعروفة باسم «المارستان»، حيث كان المرضى يتلقون الرعاية الرحيمة والعلاج من الأمراض النفسية.
كتب شخصيات بارزة على نطاق واسع عن الصحة النفسية، مؤكدين أهمية اتباع نهج شمولي يشمل الجوانب النفسية والاجتماعية والجسدية للرفاهية. وأرست أعمالهم الأساس للتطورات اللاحقة في علم النفس والطب النفسي وعززت تقدير الترابط بين الصحة النفسية والجسدية.
*مستشفيات الأمراض النفسية «المارستان»:
لعبت مستشفيات الأمراض النفسية (المارستان)، التي كانت مستشفيات للأمراض النفسية في وقت مبكر، دوراً حاسماً في تاريخ رعاية الصحة النفسية، وكانت «المارستان» فريدة من نوعها بنهجها في رعاية الصحة النفسية، حيث وفرت بيئة رحيمة وشاملة للمرضى. وغالباً ما كانت تقع داخل مجمعات مستشفيات أكبر، مع التركيز على تكامل الرعاية الصحية الجسدية والنفسية. يتضمن العلاج داخل «المارستان» مزيجاً من الأساليب الطبية والنفسية. ويتلقى المرضى رعاية فردية تشمل العلاجات الكيميائية والعلاجات العشبية والمشورة الرحيمة.
* استشاري الطب النفسي- مركز ريم نيوروساينس-أبوظبي