تطورات الذكاء الاصطناعي تتصدر اهتمام المجتمعات، فالحديث عنها لا يهدأ ولا يتوقف، إذ أن قدراته الهائلة تمكنه من أداء المهام التي كانت تقتصر على الإنسان في السابق، بدقة أكبر وبجودة عالية، وهنا وجدنا مخاوف متنوعة بين الفئات المجتمعية كافة، لاسيما الخاصة بأن يحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في مختلف الوظائف.
على الرغم من واقعية هذه المخاوف، إلا أنها تجسد بعض مظاهر عدم الإلمام بالذكاء الاصطناعي ومكوناته، وكيفية توظيفه والاستفادة من قدراته، فالبعض تنقصه الثقافة، ويعتقد خطأ أن الذكاء الاصطناعي يقتصر على شات جي بي تي (CHATGPT)، الذي يعد أحد تطبيقاته التي قد تصل إلى الملايين بحسب تقدير بعض الخبراء.
الإشكالية الأخرى تكمن في عدم إدراك البعض أن تطورات الذكاء الاصطناعي تعد نداءً صريحاً إلى ضرورة سد فجوة المهارات المتجددة، والاستمرار في التدريب، والتنوع في الاستخدام، لاسيما أن أكثر من 50% من مستخدمي تقنيات الذكاء الاصطناعي يعتمدون طريقة واحدة في أعمالهم، لتصبح المهارات وما تنتجه متشابهة بدرجة كبيرة.
وإذا فرضنا جدلًا صحة المخاوف، نجد أن الدراسات أفرزت جوانب مضيئة لتلك الإشكالية، حيث أفادت بأن الذكاء الاصطناعي سيحل محل 85 مليون وظيفة على مستوى العالم بحلول عام 2025، لكنه سيجلب أكثر من 97 مليون وظيفة جديدة في الوقت ذاته، أي بزيادة 12 مليون وظيفة جديدة، تستند بشكل أساسي إلى المدخلات البشرية ومهارات العقل.
ونقولها صراحة، إذا تعاملنا مع الذكاء الاصطناعي على أنه جاء ليلتهم وظائفنا، سيفعلها ولن نتمكن من مواكبة وجوده والتعايش مع تطوراته، لذا يجب على المجتمعات التعاطي معه على أنه أدوات مطورة وجدت لسرعة الإنجاز وجودة الأداء وزيادة الإنتاجية واختصار الوقت والجهد، ليتمكن الإنسان من الاستحواذ على أكثر من وظيفة في وقت واحد، بفعل سيطرته وتوظيفه الاحترافي لتلك الأدوات.
دمج الذكاء الاصطناعي في حياتنا، يعد أبلغ إجابة على من يتساءلون عن كيفية التعايش معه كأدوات تحقق مستهدفات نوعية في منظومات مثل التعليم والأعمال والوظائف، لاسيما أنه يؤثر بفعالية في الارتقاء بالمهارات وقدرات الطلبة وتمكينهم في قاعات الدرس، والكوادر في محل العمل، فضلاً عن التغييرات المتجددة في المهام والوصف الوظيفي ومتطلبات المهارات والأمن الوظيفي والتعليمي.
في النهاية، من المهم أن ندرك أن الذكاء الاصطناعي ليس منافساً قوياً للإنسان، بل أداة لتحسين كفاءته وإنتاجيته، وتمكينه من اكتشاف حلول جديدة للمشكلات، لتظهر جلية أهمية استدامة التعليم والتعلم، وبرامج التدريب والتأهيل وتطوير المهارات ومواكبة المستجدات، ومرحباً بالذكاء الاصطناعي رفيقاً جديداً.
[email protected]
https://tinyurl.com/vvrmt34p